المرتضى: بين فصول الماء وألسنة النار !!

قراءة /عفاف محمد

مقالات /18/ديسمبر /تهامة نيوز : يُقال إن الشعر هو ذلك الفن الذي يمتلك القدرة على التأثير والامتاع وإثارة البهجة الحسية، عبر رؤية تجسد تفاعل الشاعر مع العالم.. ،ومن شأن الشاعر أن يبعث الحياة في كل ماحوله، ويعيد صياغتها بشكل متجدد وجذاب،
وقد عبر الشعراء عن مشاعرهم، ورغباتهم، وفخرهم، بأنسابهم وقبائلهم، وانتصاراتهم، وحروبهم ،وكرمهم، وصفاتهم الشخصية، كالقوة والغيرة والمروءة ..وغيرها
وقد أعطى شعراء اليوم لشعرهم المزيد من التألق وروح الحداثة ، وشارك الشعر في المشهد اليمني الحاصل واندفع كصوت ثائر هادر ليصور المشهد بدقة …

وساهم الشعراء في نصرة القضية اليمنية ودفعوا بها إلى الأمام، ومثلوا بقصائدهم الإتجاه الديني، و السياسي، والقومي، والإنساني ،والوطني، والإجتماعي ،وقللوا من الفخر بالذات والعشيرة والقصص الخرافية ،وكانت مشاركة شعراء المرحله قد ظهرت من خلال الجانب الجهادي الذي كان حافزاً للتحشيد ومحاربة الظلم،
والنهوض بالقيم والمبادئ التي تعيد أمجاد الدين والقبيلة العربيه والتي تأبى الضيم والسكوت عن قول الحق في وجه الطغاة ..وكان لشعرائنا في اليمن أسلوبهم الخاص المتلائم وإيقاع العصر حيث بات اسلوباً أكثر فاعلية وجمال..وتميّز شعر المرحلة بخصائص كثيرة ومتعددة.

وشاعرنا الذي سنقف في رحابه ونلقي نظرة خاطفة على درره الأدبية وإنتاجه الفني الحافل بالعطاء والتميز شاعرٌ مقتدر لحضوره الأدبي سمةٌ خاصة تدل على ذاته التي كابدت الاوضاع وتطلعت لغد أفضل ومستقبل مزهر..

وقد استند شاعرنا في إنتاجه الإبداعي إلىثقافة عميقة وجهد كتابي وبحثي دؤوب ،فهو يجيد الشعر الفصيح ،بكافة أشكاله: العمودي، والتفعيلة وقد لفت الإنتباه الى طريقته الحديثة في قول الشعر ،فقصائده حافلة بالإشارات والإيماءات والإستدعاء التاريخي الديني وإسقاطه على الواقع .. وقد انعكست طوايا نفسه الصلبة الثورية المؤمنة على أعماله الفنية لكنك بين الحين والآخر تلمس أن لتلك النفس زوايا خفية من الرقة واللين…
يمتاز أسلوب شاعرنا بجزالة اللفظ وقوة الرصف وبلاغة التراكيب ورصانة العبارة…
لسانه أقطع من السيف، و شعره بمنأى عن غواية الشهوات ،حاله حال ثلة الشعراء المجاهدين الذين طُبعت أشعارهم بروح العزة والإباء…
لأن أطيل عليكم فشاعرنا ونجم هذه الإطلالة السريعة:
الشاعر: حسن شرف المرتضى

المرتضى من مواليد محافظة/ عمران في العام/ 1983م
سالت إبداعاته الشعرية منذ عام 2000م
له ثلاثة دواوين مطبوعة وكتاب نقدي
عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين
حائز على المركز الثاني في مسابقة جامعة صنعاء عام 2008م
قال عنه الدكتور : عبدالعزيز المقالح في مقدمة ديوانه رواق جلجلة المجيء في مجموعة أناجيل :أنه يؤسس مع رفاقه لمدرسة شعرية جديدة اسمها التعميدة.

دوواينه المطبوعة هي ديوان :(فهارس الفراغ )والذي تم نشره عام 2008م
وديوان :(فتاكِ الشقي )في مجموعة سماوات عام 2010
وديوان رواق جلجلة المجيء في مجموعة أناجيل
وكتاب نقدي طبع في دار الرواق بالقاهرة بعنوان : (فكرة العدالة ما بين أهم فلاسفة الغرب القدماء وشعراء الجاهلية)
كذلك له ديوان شعراء( القدس والمقاومة) طُبع في اليمن .
وله كتابان من جمعه وإعداده جاهزان للطباعة لمن أراد تبني طباعة أي منهما وحقوق الطبع محفوظة له
الأول: ديوان عن كل ما كتبه الشعراء العرب عن اليمن من مظلومية وانتصار
الثاني: عن كل شعراء المسيرة الشهداء وأهم قصائدهم الشعرية

كان شاعرنا قد أخصب أعماله المتعلقة بمحور المقاومة ولجودة قصائده أُنشد معظمها ومنها
“القدس موعدنا ”

ولشاعرنا المرتضى أعمال فنية كثيرة اشترك بها مع عمالقة الشعراء منهم الشاعر المتمكن: نشوان الغولي والشاعر المبدع: أحمد المؤيد وقد اجتمعت أعمالهم في أوبريت بعنوان “روح الشهيد ”

ومما أفاض به على الساحة الشعرية القصيدة القائلة:

لا شيءَ كالنصرِ يا اللهُ يحييني
لا شيءَ لا شيءَ إلا الخلدَ يعنيني
من آدم طينتي لا نارَ تهزمني
يا آلَ إبليسَ ذوقوا من براكيني
مهما احتميتم بمكةَ سوف نخرجكم
فمكةٌ لي ولي أيضاً فلسطيني
من خلف جدرانكم أرنو هزائمكم
فالنصرُ جيناتُ روحي قبل تكويني
لم يخلق اللهُ شعبي حينَ أنشأه ُ
عبداً لآلِ سعودٍ أو لصهيونِ

في هذه القصيدة البديعة المليئة بالإيحاءت والإشارات (الخلد يعنيني …من آدم طينتي… يا آل إبليس .. من خلف جدرانكم …- تظهر بجلاء روح التفاني والإباء والأنفة والإعتزاز التي يحملها المرتضى….
ولتتضح صورة الروح الأبية الثائرة المعتزة بدينها وعروبتها أكثر نتأمل هذا المقطع:

لهم مرسى ولي مرسى ولا ينسون! هل أنسى؟!
لهم في خيبرٍ ذكرى ولي أنْ أذكرَ القدسا
ولي أنْ أذكرَ الجولانَ والبحرينَ والأحسا
ولي أنْ أذكرَ الأيتامَ والشهداءَ والبؤسا
ولي أنْ أحملَ الصاروخَ لا الزيتونَ والرّمسا
إذا نامَ السلاحُ فقد جهلتُ الأمسَ والدرسا
مآتمنا هي البارودُ حتى ننجبَ العرسا
ليشرقَ من دمِ الشهداءِ فجرٌ أخجلَ

الشمسا
وتفضح كل من خرسوا ومن في صفنا اندسّا
ويا صنعاءُ يا بغدادُ مكّةُ أوّلُ المرسى
وأنت دمشق يا بيروتُ سوف نعانقُ القدسا

وفي هذا المقطع أيضا نلاحظ الصور البديعة والخيال المجنح ونلمس جمال الألفاظ وعذوبتها وانسيابها وقد أضفت عليها قافية السين جرس موسيقي يطرب الأذان ويتسلل إلى القلوب….

ومن خلال أعماله القيمة نجد امتزاج روحه الشاعرية بكل ماحوله فهو يتإمل ويفكر ويكتشف ويترجم المعنى الصحيح للحياة وصدرت عنه نبرة موسيقية متفردة، متناسبة مع طبيعة المواقف، وبالأخص منها المواقف الإنفعالية الثورية التي عبر بها عن تمرده وتذمره ضد الظلم الحاصل والجور على بلاده وبني جلدته.
ومن بديع أعماله ما تجسد فنيا من خلال الاناشيد التي يعشقها الجمهور وتطبع في الذاكرة لجودتها وكثر تردادها ورقة ألفاظها …من هذه الأعمال: المدائح النبوية الشهيرة لفرق معروفة كفرقة أنصار الله التي طالما تغنت بكلماته العذبة والتي منها هذا العمل المعنون:

مـَـــوْلـــِـدُ النـــّـصْــــر
….
إنَّ نـــورَ الــلــهِ لــمّــا مِــنْ مُـحيّـاكَ تجلّى
خـَلَـقَ الــلـهُ البِـرايـا وعـليكَ الـلــهُ صـلّى

آدمٌ صـلّـى عليـكَ مـع المـلائـكِ واسـتـهـلّا
كنتَ في الأسماءِ نورًا منهُ باقي النورِ يُتْلى

إلى آخر الآبيات …
من خلال قراءة هذا المقطع نلاحظ أن المرتضى متفنن في صياغة المقاطع الشعرية الإنشادية وهو ما يسمى لدى النقاد بالسهل الممتنع وهذه خاصية يتفرد بها فئة قليلة من الشعراء قد تصل لحد الندرة…

وكذلك أبت روحه القومية إلا ان تشارك الأخوة العرب قضاياهم وهموهم فقد كتب الشاعر قصيدة بديعة بعث بها الى إخوننا في العراق وقد جاءت تحت عنوان :الحشدُ الكاظميّ
نأخذ منها هذا المقطع:

وَيْ كأنّي على السّماءِ أسيرُ
وفؤادي بلا جناحٍ يطيرُ
في دروبٍ كأنهنّ ضياءٌ
وعلى النّجمِ مثلهنّ أدورُ
ألحقُ الضوءَ في المزارِ إليهِ
والتقيتُ الغيومَ خلفي تزورُ
هرولَ البرقُ بالتّحيةِ لمّا
راقبَ الرعدَ في يديهِ النّذورُ
وصدى الرّعدِ والبروق ينادي:
كاظميون ردّدتها الطيورُ
كاظميون إنّنا زرعُ طه
تربةُ الأرض نحن فيها البذورُ
كاظميّونَ إنّنا لا نبالي
في المعالي إذا تدامتْ نحورُ
إننا الحشد في جهادِ عليّ
وبنا “الطّفّ” قد سقاه ” الغديرُ”
في هواهُ يشبّ منّا صغيرٌ
وعلى حبّهِ يموتُ الكبيرُ
أيّ قبرٍ يضمّ كاظمَ غيظٍ
غيرَ أرضٍ بوصلهِ تستجيرُ
إنّما الذنبُ بُغْضُ طه وآلٍ
بهواهم يزولُ عنّا الغرورُ
كاظميونَ والجهادُ مسارٌ
كل شوكٍ في دربنا لا يضيرُ

وللشهداء حضور كبير وبارز في شعر المرتضى ووجدانه فهو يحيا معهم ويحلق بروحه في رحابهم
يقول في:قصيدةُ الخُلْد
……
قصيدةٌ غادرتْ في داخلي السّجْنا قصيدةٌ منْ دمِ الأحياءِ لا تفْنى
قصيدةٌ لا ترى الأحزانَ غامضةً هل يفهمُ الشّعرَ من لم يعرف الحُزْنا
قصيدةٌ عنْ سَماواتٍ وَعَنْ رُسُلٍ وَعَنْ دَمٍ صَارَ وَحْيَا عَنْ دَمِ المَعْنى
عن الشّهيْدِ الّذي صَارَتْ ملَامِحُهُ قصيدةً.. لوحةً.. أقصوصةً.. لحْنا
عن الذي صارَ معنى كلّ قافيةٍ وصارَ وزْنًا لمن لم يمْتلكْ وزْنا
وللذي ما لهُ ليلى ولا خَطَرتْ بِبالهِ صارَ ليلى كلّ من غنّى
قصيدةٌ من وصاياهم قد اكتملتْ ولمْ تجدْ غيرَ أبياتي لها سُكْنى
همْ بابُها، سقفُها، حيطانُها طُلِيتْ من ضحكةٍ صارت الأضواءَ للمبْنى
هم مشتلٌ للأماني في السّما انزرعوا والأرضُ تهوي إليهمْ مسْكَنًا.. حُضْنا
هم من أضافوا إلى اللا شيء من دمِهم شيئًا إلى كلّ معنى كانَ مستثنى
من قبلِهم لمْ نَكُنْ إلا خُطىً عَبَرتْ إلى المتَاهاتِ.. يا الله كم ضِعنا
مِنْ بعدهمْ ما الذي لم يَتركوهُ لنا؟ من بعدهم نحنُ ندري الآنَ من صِرْنا
نُصغي إلى روحِ عطْرٍ فاحَ من دَمِهمْ كأنّهُ الوحيُ فازدادوا به حُسْنا
صوتُ السماواتِ ما لاقى له وَطنَا إلّا بشريانِ من صاروا لهُ أذْنا
فيا شرايين كل الأرضِ هل سَعُدتْ أرضٌ سوى روضةِ الأحياءِ أو تَهْنى؟
ويا أرائكَ شعري لا أراكِ لهم إلا بلادًا فرادى…ما لها مثنى.

وفي قصيدته البر سمائيه التي كتبها للشهداء الأحياء ” الجرحى” كان فريدا في إيحاءته وإشاراته وصوره وأخيلته وفي العنوان إشارة جميلة لعظمة الجرحى وكيف تنافست عليهم السماء والأرض ونجد هذا المعنى في قصيدة للشاعر المُلهَم الملهِم العملاق :معاذ الجنيد

وإذا ما عقدنا مقارنة بين هذين العملاقين نجد أن الجنيد يترجم ما يختلج في نفوس العامة والخاصة ومايدور في أذهانهم في قوالب فنية وإبداع فائق ووضوح بالغ
بينما المرتضى يكتب للخاصة أكثر منه للعامة ومن يقرأ للمرتضى عليه أن يستبدل مقولة الفهم بمقولة التأمل!
ولإلقاء المرتضى للقصيد أسلوب مميز وفريد فإلقاؤه للقصيدة قصيدة بحدّ ذاتها!!
فصوته الدافئ الشجي يضفي على القصيدة لون من الجمال والإلق والسحر …..

ونحن في رحاب المرتضۍ نحلق في سما

ئه المرصعة بنجوم ببرده اليمانية ومدائحه النبوية وقصيدته البرسمائية وقصيدة الخلد
ونتفيٲ ظلال رياضه الغناء الملتفة الٲغصان المحملة بعناقيده المتنوعة العناوين والأشكال…
ونغوص بحاره المتلاطمة الٲمواج  لنتوقف عندها ونلتقط عددا من درره المضيئة وجواهره المتلألئة المعنونة بـ”فصول الماء”

وللمرتضى مع الماء حكاية وأي حكاية وبينهما علاقة حميمية يلمسها القارئ المتأمل فهنا “الغيمة السكرى” “المرفأ الأخير” “الظل مرساة الجدار الأخير” “دموع الماء” عنواين لقصائد ومقاطع شعرية وغالبا ما يستخدم شاعرنا لفظ الماء وما يتعلق به اليم؛ البئر، المرسى، الشاطئ،الشراع،  الدمع، الموج، الظمأ، الغرق؛ المجداف، الطوفان…
وفي فصول الماء من الفصل الأول إلى العاشر نراه تارة طائراً مرفرفا مغردا على ضفاف الغدير العلوي يعزف سمفونية العشق على قيثارة الولاء كما سنلاحظه في هذه الجزء في الفصل الأولُ من حديثِ الماء

لي أن أقولَ وأن تجيبَ على جميعِ الأسئلةْ
أغديرُ خمٍ والفرات بزمزمٍ لهما صلة؟
لهما صِلاتٌ يا صديقي
فالماءُ للرحمنِ أولُ بوصلةْ
أوَ ليسَ عرشُ اللهِ فوقَ الماءْ
والماءُ أولُ عابدٍ للهِ قبلَ تواجدِ الأحياءْ ….

وتارة أخرى نرى ذلك الطائر نائحا ضامئا منكسرا يرتل تأوهات الحنين ويذرف دموع الأسى على شاطئ الفرات في كربلاء الحسين الشهيد ويستدعي التأريخ منذ أول الخليقة مرورا بالأنبياء عليهم السلام..
كما نلاحظ في هذا الجزء من الفصل العاشر من فصول الماء

مِنْ آدمٍ حتى جميعِ الأنبياء
ــــــــــــــــ
في كربلاءْ
سرُّ البدايةِ والفناءْ
منْ آدمٍ حتى جميعِ الأنبياءْ
ماذا جرى حتى تناسى آدمُ الأسماء؟!
أسماءُ منْ؟
ــــــــــــــــــــ لا آدمٌ يحكي ولا حوّاءْ
منْ أجلِ أشجارِ الخلودِ عصاكَ يا اللهُ أدمَ
كي يعيشَ بلا فناءْ
وعفوتَ عنهُ .. منحتهُ الكلماتِ من بعدِ الدّعاءْ
أسماءُ من؟
ــــــــــــــ ما تلكمُ الكلماتُ كي يُمحى بها ذاك البلاء؟؟؟
ها إنّها أسماءُ كلّ الأنبياءْ
أسماءُ كلّ الأوصياءْ
ماذا؟؟؟ أكانَ اسمُ الحسينِ على جبينِ العرشِ مكتوبٌ بحبرٍ من دماءْ؟
###
في كربلاءْ
طوفانُ نوحٍ حينَ مرّ بقربهِ ظمئت حناجرهُ على المقتولِ فيها دونَ ماءْ
###
في كربلاءْ
والحزنُ فيها مثلُ وادٍ غير ذي زرعٍ وزمزمُ فجّرتْ أحشاءَها
حتى تواسيَ من يراهُ أبوه مذبوحاً وشاءَ اللهُ أنْ يلقى الفداءْ
مَنْ يا ترى كانَ الفداءْ؟؟
حتى ينجّي اللهُ اسماعيلَ إذْ لبّى النداءْ؟
ها إنّ إسماعيلَ أُجُّلَ ذبحهُ لأبي النبيّ محمدٍ
وفداهُ ربي… بابن خيرِ الأنبياءْ..

وعلى النقيض من ذلك
للمرتضى مع النار حديث ذو شجون فقد لفحته بشررها ولسعته بلهيبها فاكتوى قلب شاعرنا العابر للمسافات الغائص في أعماق التأريخ بقصيدة: “ألسنة النار”
تسألني عدةَ أسئلةٍ عن يومِ الدّارْ
إنْ كانتْ فاطمةُ الزهراءْ
بنتُ المختارْ/ زوجُ الكرارْ/ أمُ الأطهارْ
فلماذا ليس لها قبرٌ ليُزارْ؟!
ألسِنةُ النارْ
تسألُ… لكنّ إجاباتي حُبلى بالعارْ

ألسنةُ النارْ
تسألُ وتكررُ أسئلةًّ
خوفَ التكرارْ
أختلقُ لنفسي أعذارًا
وبلا أعذارْ
أخفي الأسرارْ

ألسنةُ النّارْ
تحرقُ لي أجوبتي وأنا من غير قرارْ

ألسنةُ النارْ
تسألُ عن أصحابِ المختارْ
من هاجرَ منهم أو من كانَ من الأنصارْ
هل كلٌ يعشق فاطمةً؟
جاءَ الإشعارْ:
طبعًا
وبلا إنكارْ
طه بالبضعةِ أوصاهمْ
وبأنّ البضعةَ إذْ ترضى يرضى الجبارْ
وإذا غضبتْ من أغضبها مأواهُ النارْ

ألسنةُ النارْ
لكنْ…
ماذا عن يوم الدارْ
هل كانَ هراءً لا يُحكى
أو أنّ السرّ من الأقدارْ!!

ألسنةُ النارْ
تسألني عِدةَ أسئلة عن يوم الدارْ
إنْ كانت فاطمةَ الزهراءْ
بنتُ المختارْ / زوجُ الكرارْ أمُ الأطهارْ
فلماذا ليس لها قبر لُيزارْ؟
ألأنّ الجنّةَ خافيَةٌ
كانت أوّلَ من يدخلها
من بعد أبيها كي ترضى
في المحشرِ تشفعُ للأحرارْ

ألسنةُ النّارْ
لا زالتْ تسألُ أسئلةً
عكس التيار.

وإذا ماتتبعنا جماليات إبداعه وخصائص أسلوبه الفني فسيطول بنا المقام ولنا في الختام أن نقول :حق لنا أن نفتخر ونرفع الهامات بهذه الهامات الشامخة التي منحها الله وميزها بقدرات وإمكانات؛ لتنتج وتثري وترسم بريشة الإبداع صورة جميلة للحياة…
ويبقى لدينا سؤال يبحث عن إجابة ترى من للشاعر المرتضى وأمثاله من المبدعين؟ ومن سيقف بجابنهم؛ ليتمكنوا من إنتاج و إخراج ما حباهم الله به من جمال الفكر وروعة الإبداع… من سيخرج أعمالهم ويجسدها على أرض الواقع؛ لنتفيأ ظلالها الوارفة ونقتطف ثمارها اليانعة ؛وليضاعفوا هم الجهد حين يرون عصارة فكرهم تورق وتثمر وتزهر في وجوه المتعبين وعيون البائسين ابتساما وأملا ورجاء.المرتضى: بين فصول الماء وألسنة النار !!

قراءة /عفاف محمد

يُقال إن الشعر هو ذلك الفن الذي يمتلك القدرة على التأثير والامتاع وإثارة البهجة الحسية، عبر رؤية تجسد تفاعل الشاعر مع العالم.. ،ومن شأن الشاعر أن يبعث الحياة في كل ماحوله، ويعيد صياغتها بشكل متجدد وجذاب،
وقد عبر الشعراء عن مشاعرهم، ورغ

باتهم، وفخرهم، بأنسابهم وقبائلهم، وانتصاراتهم، وحروبهم ،وكرمهم، وصفاتهم الشخصية، كالقوة والغيرة والمروءة ..وغيرها
وقد أعطى شعراء اليوم لشعرهم المزيد من التألق وروح الحداثة ، وشارك الشعر في المشهد اليمني الحاصل واندفع كصوت ثائر هادر ليصور المشهد بدقة …

وساهم الشعراء في نصرة القضية اليمنية ودفعوا بها إلى الأمام، ومثلوا بقصائدهم الإتجاه الديني، و السياسي، والقومي، والإنساني ،والوطني، والإجتماعي ،وقللوا من الفخر بالذات والعشيرة والقصص الخرافية ،وكانت مشاركة شعراء المرحله قد ظهرت من خلال الجانب الجهادي الذي كان حافزاً للتحشيد ومحاربة الظلم،
والنهوض بالقيم والمبادئ التي تعيد أمجاد الدين والقبيلة العربيه والتي تأبى الضيم والسكوت عن قول الحق في وجه الطغاة ..وكان لشعرائنا في اليمن أسلوبهم الخاص المتلائم وإيقاع العصر حيث بات اسلوباً أكثر فاعلية وجمال..وتميّز شعر المرحلة بخصائص كثيرة ومتعددة.

وشاعرنا الذي سنقف في رحابه ونلقي نظرة خاطفة على درره الأدبية وإنتاجه الفني الحافل بالعطاء والتميز شاعرٌ مقتدر لحضوره الأدبي سمةٌ خاصة تدل على ذاته التي كابدت الاوضاع وتطلعت لغد أفضل ومستقبل مزهر..

وقد استند شاعرنا في إنتاجه الإبداعي إلىثقافة عميقة وجهد كتابي وبحثي دؤوب ،فهو يجيد الشعر الفصيح ،بكافة أشكاله: العمودي، والتفعيلة وقد لفت الإنتباه الى طريقته الحديثة في قول الشعر ،فقصائده حافلة بالإشارات والإيماءات والإستدعاء التاريخي الديني وإسقاطه على الواقع .. وقد انعكست طوايا نفسه الصلبة الثورية المؤمنة على أعماله الفنية لكنك بين الحين والآخر تلمس أن لتلك النفس زوايا خفية من الرقة واللين…
يمتاز أسلوب شاعرنا بجزالة اللفظ وقوة الرصف وبلاغة التراكيب ورصانة العبارة…
لسانه أقطع من السيف، و شعره بمنأى عن غواية الشهوات ،حاله حال ثلة الشعراء المجاهدين الذين طُبعت أشعارهم بروح العزة والإباء…
لأن أطيل عليكم فشاعرنا ونجم هذه الإطلالة السريعة:
الشاعر: حسن شرف المرتضى

المرتضى من مواليد محافظة/ عمران في العام/ 1983م
سالت إبداعاته الشعرية منذ عام 2000م
له ثلاثة دواوين مطبوعة وكتاب نقدي
عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين
حائز على المركز الثاني في مسابقة جامعة صنعاء عام 2008م
قال عنه الدكتور : عبدالعزيز المقالح في مقدمة ديوانه رواق جلجلة المجيء في مجموعة أناجيل :أنه يؤسس مع رفاقه لمدرسة شعرية جديدة اسمها التعميدة.

دوواينه المطبوعة هي ديوان :(فهارس الفراغ )والذي تم نشره عام 2008م
وديوان :(فتاكِ الشقي )في مجموعة سماوات عام 2010
وديوان رواق جلجلة المجيء في مجموعة أناجيل
وكتاب نقدي طبع في دار الرواق بالقاهرة بعنوان : (فكرة العدالة ما بين أهم فلاسفة الغرب القدماء وشعراء الجاهلية)
كذلك له ديوان شعراء( القدس والمقاومة) طُبع في اليمن .
وله كتابان من جمعه وإعداده جاهزان للطباعة لمن أراد تبني طباعة أي منهما وحقوق الطبع محفوظة له
الأول: ديوان عن كل ما كتبه الشعراء العرب عن اليمن من مظلومية وانتصار
الثاني: عن كل شعراء المسيرة الشهداء وأهم قصائدهم الشعرية

كان شاعرنا قد أخصب أعماله المتعلقة بمحور المقاومة ولجودة قصائده أُنشد معظمها ومنها
“القدس موعدنا ”

ولشاعرنا المرتضى أعمال فنية كثيرة اشترك بها مع عمالقة الشعراء منهم الشاعر المتمكن: نشوان الغولي والشاعر المبدع: أحمد المؤيد وقد اجتمعت أعمالهم في أوبريت بعنوان “روح الشهيد ”

ومما أفاض به على الساحة الشعرية القصيدة القائلة:

لا شيءَ كالنصرِ يا اللهُ يحييني
لا شيءَ لا شيءَ إلا الخلدَ يعنيني
من آدم طينتي لا نارَ تهزمني
يا آلَ إبليسَ ذوقوا من براكيني
مهما احتميتم بمكةَ سوف نخرجكم
فمكةٌ لي ولي أيضاً فلسطيني
من خلف جدرانكم أرنو هزائمكم
فالنصرُ جيناتُ روحي قبل تكويني
لم يخلق اللهُ شعبي حينَ أنشأه ُ
عبداً لآلِ سعودٍ أو لصهيونِ

في هذه القصيدة البديعة المليئة بالإيحاءت والإشارات (الخلد يعنيني …من آدم طينتي… يا آل إبليس .. من خلف جدرانكم …- تظهر بجلاء روح التفاني والإباء والأنفة والإعتزاز التي يحملها المرتضى….
ولتتضح صورة الروح الأبية الثائرة المعتزة بدينها وعروبتها أكثر نتأمل هذا المقطع:

لهم مرسى ولي مرسى ولا ينسون! هل أنسى؟!
لهم في خيبرٍ ذكرى ولي أنْ أذكرَ القدسا
ولي أنْ أذكرَ الجولانَ والبحرينَ والأحسا
ولي أنْ أذكرَ الأيتامَ والشهداءَ والبؤسا
ولي أنْ أحملَ الصاروخَ لا الزيتونَ والرّمسا
إذا نامَ السلاحُ فقد جهلتُ الأمسَ والدرسا
مآتمنا هي البارودُ حتى ننجبَ العرسا
ليشرقَ من دمِ الشهداءِ فجرٌ أخجلَ الشمسا
وتفضح كل من خرسوا ومن في صفنا اندسّا
ويا صنعاءُ يا بغدادُ مكّةُ أوّلُ المرسى
وأنت دمشق يا بيروتُ سوف نعانقُ القدسا

وفي هذا المقطع أيضا نلاحظ الصور البديعة والخيال المجنح ونلمس جمال الألفاظ وعذوبتها وانسيابها وقد أضفت عليها قافية السين جرس موسيقي يطرب الأذان ويتسلل إلى القلوب….

وم

ن خلال أعماله القيمة نجد امتزاج روحه الشاعرية بكل ماحوله فهو يتإمل ويفكر ويكتشف ويترجم المعنى الصحيح للحياة وصدرت عنه نبرة موسيقية متفردة، متناسبة مع طبيعة المواقف، وبالأخص منها المواقف الإنفعالية الثورية التي عبر بها عن تمرده وتذمره ضد الظلم الحاصل والجور على بلاده وبني جلدته.
ومن بديع أعماله ما تجسد فنيا من خلال الاناشيد التي يعشقها الجمهور وتطبع في الذاكرة لجودتها وكثر تردادها ورقة ألفاظها …من هذه الأعمال: المدائح النبوية الشهيرة لفرق معروفة كفرقة أنصار الله التي طالما تغنت بكلماته العذبة والتي منها هذا العمل المعنون:

مـَـــوْلـــِـدُ النـــّـصْــــر
….
إنَّ نـــورَ الــلــهِ لــمّــا مِــنْ مُـحيّـاكَ تجلّى
خـَلَـقَ الــلـهُ البِـرايـا وعـليكَ الـلــهُ صـلّى

آدمٌ صـلّـى عليـكَ مـع المـلائـكِ واسـتـهـلّا
كنتَ في الأسماءِ نورًا منهُ باقي النورِ يُتْلى

إلى آخر الآبيات …
من خلال قراءة هذا المقطع نلاحظ أن المرتضى متفنن في صياغة المقاطع الشعرية الإنشادية وهو ما يسمى لدى النقاد بالسهل الممتنع وهذه خاصية يتفرد بها فئة قليلة من الشعراء قد تصل لحد الندرة…

وكذلك أبت روحه القومية إلا ان تشارك الأخوة العرب قضاياهم وهموهم فقد كتب الشاعر قصيدة بديعة بعث بها الى إخوننا في العراق وقد جاءت تحت عنوان :الحشدُ الكاظميّ
نأخذ منها هذا المقطع:

وَيْ كأنّي على السّماءِ أسيرُ
وفؤادي بلا جناحٍ يطيرُ
في دروبٍ كأنهنّ ضياءٌ
وعلى النّجمِ مثلهنّ أدورُ
ألحقُ الضوءَ في المزارِ إليهِ
والتقيتُ الغيومَ خلفي تزورُ
هرولَ البرقُ بالتّحيةِ لمّا
راقبَ الرعدَ في يديهِ النّذورُ
وصدى الرّعدِ والبروق ينادي:
كاظميون ردّدتها الطيورُ
كاظميون إنّنا زرعُ طه
تربةُ الأرض نحن فيها البذورُ
كاظميّونَ إنّنا لا نبالي
في المعالي إذا تدامتْ نحورُ
إننا الحشد في جهادِ عليّ
وبنا “الطّفّ” قد سقاه ” الغديرُ”
في هواهُ يشبّ منّا صغيرٌ
وعلى حبّهِ يموتُ الكبيرُ
أيّ قبرٍ يضمّ كاظمَ غيظٍ
غيرَ أرضٍ بوصلهِ تستجيرُ
إنّما الذنبُ بُغْضُ طه وآلٍ
بهواهم يزولُ عنّا الغرورُ
كاظميونَ والجهادُ مسارٌ
كل شوكٍ في دربنا لا يضيرُ

وللشهداء حضور كبير وبارز في شعر المرتضى ووجدانه فهو يحيا معهم ويحلق بروحه في رحابهم
يقول في:قصيدةُ الخُلْد
……
قصيدةٌ غادرتْ في داخلي السّجْنا قصيدةٌ منْ دمِ الأحياءِ لا تفْنى
قصيدةٌ لا ترى الأحزانَ غامضةً هل يفهمُ الشّعرَ من لم يعرف الحُزْنا
قصيدةٌ عنْ سَماواتٍ وَعَنْ رُسُلٍ وَعَنْ دَمٍ صَارَ وَحْيَا عَنْ دَمِ المَعْنى
عن الشّهيْدِ الّذي صَارَتْ ملَامِحُهُ قصيدةً.. لوحةً.. أقصوصةً.. لحْنا
عن الذي صارَ معنى كلّ قافيةٍ وصارَ وزْنًا لمن لم يمْتلكْ وزْنا
وللذي ما لهُ ليلى ولا خَطَرتْ بِبالهِ صارَ ليلى كلّ من غنّى
قصيدةٌ من وصاياهم قد اكتملتْ ولمْ تجدْ غيرَ أبياتي لها سُكْنى
همْ بابُها، سقفُها، حيطانُها طُلِيتْ من ضحكةٍ صارت الأضواءَ للمبْنى
هم مشتلٌ للأماني في السّما انزرعوا والأرضُ تهوي إليهمْ مسْكَنًا.. حُضْنا
هم من أضافوا إلى اللا شيء من دمِهم شيئًا إلى كلّ معنى كانَ مستثنى
من قبلِهم لمْ نَكُنْ إلا خُطىً عَبَرتْ إلى المتَاهاتِ.. يا الله كم ضِعنا
مِنْ بعدهمْ ما الذي لم يَتركوهُ لنا؟ من بعدهم نحنُ ندري الآنَ من صِرْنا
نُصغي إلى روحِ عطْرٍ فاحَ من دَمِهمْ كأنّهُ الوحيُ فازدادوا به حُسْنا
صوتُ السماواتِ ما لاقى له وَطنَا إلّا بشريانِ من صاروا لهُ أذْنا
فيا شرايين كل الأرضِ هل سَعُدتْ أرضٌ سوى روضةِ الأحياءِ أو تَهْنى؟
ويا أرائكَ شعري لا أراكِ لهم إلا بلادًا فرادى…ما لها مثنى.

وفي قصيدته البر سمائيه التي كتبها للشهداء الأحياء ” الجرحى” كان فريدا في إيحاءته وإشاراته وصوره وأخيلته وفي العنوان إشارة جميلة لعظمة الجرحى وكيف تنافست عليهم السماء والأرض ونجد هذا المعنى في قصيدة للشاعر المُلهَم الملهِم العملاق :معاذ الجنيد

وإذا ما عقدنا مقارنة بين هذين العملاقين نجد أن الجنيد يترجم ما يختلج في نفوس العامة والخاصة ومايدور في أذهانهم في قوالب فنية وإبداع فائق ووضوح بالغ
بينما المرتضى يكتب للخاصة أكثر منه للعامة ومن يقرأ للمرتضى عليه أن يستبدل مقولة الفهم بمقولة التأمل!
ولإلقاء المرتضى للقصيد أسلوب مميز وفريد فإلقاؤه للقصيدة قصيدة بحدّ ذاتها!!
فصوته الدافئ الشجي يضفي على القصيدة لون من الجمال والإلق والسحر …..

ونحن في رحاب المرتضۍ نحلق في سمائه المرصعة بنجوم ببرده اليمانية ومدائحه النبوية وقصيدته البرسمائية وقصيدة الخلد
ونتفيٲ ظلال رياضه الغناء الملتفة الٲغصان المحملة بعناقيده المتنوعة العناوين والأشكال…
ونغوص بحاره المتلاطمة الٲمواج  لنتوقف عندها ونلتقط عددا من درره المضيئة وجواهره المتلألئة المعنونة بـ”فصول الماء”

وللمرتضى م

ع الماء حكاية وأي حكاية وبينهما علاقة حميمية يلمسها القارئ المتأمل فهنا “الغيمة السكرى” “المرفأ الأخير” “الظل مرساة الجدار الأخير” “دموع الماء” عنواين لقصائد ومقاطع شعرية وغالبا ما يستخدم شاعرنا لفظ الماء وما يتعلق به اليم؛ البئر، المرسى، الشاطئ،الشراع،  الدمع، الموج، الظمأ، الغرق؛ المجداف، الطوفان…
وفي فصول الماء من الفصل الأول إلى العاشر نراه تارة طائراً مرفرفا مغردا على ضفاف الغدير العلوي يعزف سمفونية العشق على قيثارة الولاء كما سنلاحظه في هذه الجزء في الفصل الأولُ من حديثِ الماء

لي أن أقولَ وأن تجيبَ على جميعِ الأسئلةْ
أغديرُ خمٍ والفرات بزمزمٍ لهما صلة؟
لهما صِلاتٌ يا صديقي
فالماءُ للرحمنِ أولُ بوصلةْ
أوَ ليسَ عرشُ اللهِ فوقَ الماءْ
والماءُ أولُ عابدٍ للهِ قبلَ تواجدِ الأحياءْ ….

وتارة أخرى نرى ذلك الطائر نائحا ضامئا منكسرا يرتل تأوهات الحنين ويذرف دموع الأسى على شاطئ الفرات في كربلاء الحسين الشهيد ويستدعي التأريخ منذ أول الخليقة مرورا بالأنبياء عليهم السلام..
كما نلاحظ في هذا الجزء من الفصل العاشر من فصول الماء

مِنْ آدمٍ حتى جميعِ الأنبياء
ــــــــــــــــ
في كربلاءْ
سرُّ البدايةِ والفناءْ
منْ آدمٍ حتى جميعِ الأنبياءْ
ماذا جرى حتى تناسى آدمُ الأسماء؟!
أسماءُ منْ؟
ــــــــــــــــــــ لا آدمٌ يحكي ولا حوّاءْ
منْ أجلِ أشجارِ الخلودِ عصاكَ يا اللهُ أدمَ
كي يعيشَ بلا فناءْ
وعفوتَ عنهُ .. منحتهُ الكلماتِ من بعدِ الدّعاءْ
أسماءُ من؟
ــــــــــــــ ما تلكمُ الكلماتُ كي يُمحى بها ذاك البلاء؟؟؟
ها إنّها أسماءُ كلّ الأنبياءْ
أسماءُ كلّ الأوصياءْ
ماذا؟؟؟ أكانَ اسمُ الحسينِ على جبينِ العرشِ مكتوبٌ بحبرٍ من دماءْ؟
###
في كربلاءْ
طوفانُ نوحٍ حينَ مرّ بقربهِ ظمئت حناجرهُ على المقتولِ فيها دونَ ماءْ
###
في كربلاءْ
والحزنُ فيها مثلُ وادٍ غير ذي زرعٍ وزمزمُ فجّرتْ أحشاءَها
حتى تواسيَ من يراهُ أبوه مذبوحاً وشاءَ اللهُ أنْ يلقى الفداءْ
مَنْ يا ترى كانَ الفداءْ؟؟
حتى ينجّي اللهُ اسماعيلَ إذْ لبّى النداءْ؟
ها إنّ إسماعيلَ أُجُّلَ ذبحهُ لأبي النبيّ محمدٍ
وفداهُ ربي… بابن خيرِ الأنبياءْ..

وعلى النقيض من ذلك
للمرتضى مع النار حديث ذو شجون فقد لفحته بشررها ولسعته بلهيبها فاكتوى قلب شاعرنا العابر للمسافات الغائص في أعماق التأريخ بقصيدة: “ألسنة النار”
تسألني عدةَ أسئلةٍ عن يومِ الدّارْ
إنْ كانتْ فاطمةُ الزهراءْ
بنتُ المختارْ/ زوجُ الكرارْ/ أمُ الأطهارْ
فلماذا ليس لها قبرٌ ليُزارْ؟!
ألسِنةُ النارْ
تسألُ… لكنّ إجاباتي حُبلى بالعارْ

ألسنةُ النارْ
تسألُ وتكررُ أسئلةًّ
خوفَ التكرارْ
أختلقُ لنفسي أعذارًا
وبلا أعذارْ
أخفي الأسرارْ

ألسنةُ النّارْ
تحرقُ لي أجوبتي وأنا من غير قرارْ

ألسنةُ النارْ
تسألُ عن أصحابِ المختارْ
من هاجرَ منهم أو من كانَ من الأنصارْ
هل كلٌ يعشق فاطمةً؟
جاءَ الإشعارْ:
طبعًا
وبلا إنكارْ
طه بالبضعةِ أوصاهمْ
وبأنّ البضعةَ إذْ ترضى يرضى الجبارْ
وإذا غضبتْ من أغضبها مأواهُ النارْ

ألسنةُ النارْ
لكنْ…
ماذا عن يوم الدارْ
هل كانَ هراءً لا يُحكى
أو أنّ السرّ من الأقدارْ!!

ألسنةُ النارْ
تسألني عِدةَ أسئلة عن يوم الدارْ
إنْ كانت فاطمةَ الزهراءْ
بنتُ المختارْ / زوجُ الكرارْ أمُ الأطهارْ
فلماذا ليس لها قبر لُيزارْ؟
ألأنّ الجنّةَ خافيَةٌ
كانت أوّلَ من يدخلها
من بعد أبيها كي ترضى
في المحشرِ تشفعُ للأحرارْ

ألسنةُ النّارْ
لا زالتْ تسألُ أسئلةً
عكس التيار.

وإذا ماتتبعنا جماليات إبداعه وخصائص أسلوبه الفني فسيطول بنا المقام ولنا في الختام أن نقول :حق لنا أن نفتخر ونرفع الهامات بهذه الهامات الشامخة التي منحها الله وميزها بقدرات وإمكانات؛ لتنتج وتثري وترسم بريشة الإبداع صورة جميلة للحياة…
ويبقى لدينا سؤال يبحث عن إجابة ترى من للشاعر المرتضى وأمثاله من المبدعين؟ ومن سيقف بجابنهم؛ ليتمكنوا من إنتاج و إخراج ما حباهم الله به من جمال الفكر وروعة الإبداع… من سيخرج أعمالهم ويجسدها على أرض الواقع؛ لنتفيأ ظلالها الوارفة ونقتطف ثمارها اليانعة ؛وليضاعفوا هم الجهد حين يرون عصارة فكرهم تورق وتثمر وتزهر في وجوه المتعبين وعيون البائسين ابتساما وأملا ورجاء.
#اتحاد_كاتبات_اليمن

مقالات ذات صلة