وحدة الشعب.. جغرافيةٌ ترفض التقسيم

[22/ مايو/2016م]

متابعات _ تهامة نيوز

 

يحتفل الشعب اليمني بعيده السادس والعشرين لوحدته المباركة، على الرغم من استمرار العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، والأبواق المنادية بالانفصال؛ ليؤكد لدول العدوان ولأدواتهم في الداخل أن وحدة الأرض والشعب تظل من أهم الثوابت المتجذّرة في هويتهم ولن ينال منها أي مشروع أو مخطط .

 

تقرير/ حسين الجنيد

وفي الوقت الذي يراهن فيه تحالف العدوان على تمزيق النسيج الإجتماعي بترسيخ الصراع الطائفي والمناطقي والجهوي في اليمن، تعكس الحالة الشعبية المتجهة نحو المزيد من التكاتف والتلاحم نتائج تلك المساعي، مما دعا تلك الدول بعد إدراكها للفشل، إبراز وجهها القبيح وحقيقة مشروعها بشكلٍ علني متمثلاً بتواجدها على الأرض في احتلالٍ صريحٍ للأجزاء الجنوبية من الوطن بحجةٍ لم تعد تنطلي حتى على البسطاء من أبناء الشعب اليمني، وهي مكافحة الإرهاب.

يقول أحد المراقبين: من خلال المراجعة الزمنية لتسلسل الأحداث، نجد أن التنظيمات الإجرامية كانت تقاتل جنباً إلى جنب مع قوات التحالف ومرتزقتهم تحت عنوان “محاربة المد الرافضي المجوسي القادم من الشمال” تارةً ، وتارةً أخرى تحت عنوان “تحرير الجنوب من التواجد الشمالي” في دغدغةٍ لمشاعر بعض فصائل الحراك الجنوبي؛ لخلق حاضنة شعبية لتلك التنظيمات.

في حينها كانت تلك التنظيمات محتضَنةً من قبل تحالف العدوان وتم منحها الضوء الأخضر للسيطرة على المحافظات الجنوبية بتسهيل الميدان لها وتدعيمها بالسلاح والعتاد والأموال، والأغرب من هذا كله سيطرتها الكاملة على تلك المحافظات دون أي مقاومةٍ تذكر.

والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة ولعل أبرزها ما قالته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية: “إن القوات الموالية لحكومة المنفى “احتفلت بالنصر” بمساعدة الخليج وتنظيم القاعدة، موضحةً أن عناصر من تنظيم القاعدة شاركوا في معارك تحرير الجنوب” حسب وصفها.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن عناصر تنظيم القاعدة جنبا إلى جنب مع الميليشيات احتفلت باستعراض جثث مناوئيهم في الشارع التجاري الرئيسي في عدن.

موضحاً أن دور تلك التنظيمات حين انتهى في إذكاء الصراع الطائفي والمذهبي الذي وعلى ما يبدو لم يحقق نتائجه المرجوة، انتقلت دول التحالف للخطة باء، لتنقلب على تلك التنظيمات تحت مسمى تحرير الجنوب من التنظيمات الإرهابية، وفي مسرحيةٍ هزليةٍ جديدة تمت عملية استعادة الجنوب من تلك التنظيمات في غضون ساعات ودون أي مقاومة تذكر لينتقل أبناء المحافظات الجنوبية من عهدة القاعدة إلى عهدة قوات التحالف الأمريكي الإماراتي السعودي.

ما نستنتجه هنا أن هذه التنظيمات ليست إلا أدوات تابعة لهذه الدول؛ لتحقيق غاية وأهداف معينة أبرزها إثارة الفوضى وتدمير البنية المجتمعية في المحافظات الجنوبية كمرحلة أولى، في تهيئةٍ للمرحلة الثانية وهي قدوم قوات الإحتلال في صورة المخلص والمنقذ، فيتقبلهم أبناء الجنوب ليصبح وجودهم طبيعياً بعد ذلك، وهذا ما أشار إليه السيد القائد في خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف فاضحاً مساعي ومخططات المشروع الأمريكي خلال عدوانهم على اليمن في حينه.

مشروع المحميات وقناع الإنفصال

وحتى يكتمل المشروع الأمريكي الشيطاني في احتلال جنوب اليمن، تقول بعض المصادر الإعلامية وفقاً لمعلوماتٍ مسربةٍ: “إن الولايات المتحدة الأمريكية أوعزت لأدواتها في التحالف “الإمارات والسعودية” اللتان بدورهما أمرتا مرتزقة الداخل بطرد أبناء المحافظات الشمالية المقيمين في الجنوب”؛ محللون ومهتمون بالشأن اليمني أوضحوا أن الهدف والغاية من هذا الإيعاز؛ لتذكية الصراع المناطقي والجهوي من جهة؛ ولإيهام فصائل الحراك بقرب تحقق حلم استعادة دولة الجنوب، فينشغلوا بتحقيق حلمهم عن مساعي دول الإحتلال في تثبيت أقدامهم واستكمال مخططهم الرامي للسيطرة المطلقة على الجنوب وضمان استمراريته.

ولعل البعض من أبناء الجنوب لا يدركون حقيقة ما يجري تحديداً في المكلا من عمليات التفجيرات التي تقوم بتنفيذها القاعدة بحسب بيانات التبني لتلك التفجيرات التي يدعي التنظيم أنها تأتي في سياق عملياتها الانتقامية من قوات التحالف، في حين أن تلك التفجيرات لا تستهدف سوى معسكرات القوات الأمنية اليمنية من أبناء الجنوب.

فينبغي عليهم إدراك أنها ليست سوى مخطط أمريكي قذر؛ لإفراغ الجنوب من التواجد الأمني اليمني كلياً؛ لتصبح قواتها المحتلة وقوات الإمارات هي الممسكة بزمام الوضع الأمني، وبذلك تكون ديمومة واستمرارية بقائهم أمراً واقعاً بضرورةٍ حتميةٍ لا جدال فيها.

لتصبح بذلك المحافظات الجنوبية عبارة عن محميات وكنتونات صغيرة خاضعة للسيطرة الأمريكية والإماراتية، وما تشهده تلك المحافظات حالياً من جعل المقار الحكومية الرسمية وعلى رأسها القصر الجمهوري وما يمثله من رمزية، مقراً لقوات الاحتلال الإماراتي، بالإضافة إلى ممارسات تلك القوات التعسفية بحق أبناء حضرموت، ليست إلا شاهداً ودليلاً على ذلك، وفق ما تناولته بعض المواقع التابعة للحراك الجنوبي.

التوحد الشعبي ومواجهة التحديات

وبالمقابل لم يقف الشعب اليمني مكتوف الأيدي وهو يرى الأصابع الأمريكية وأدواتها في المنطقة وفي الداخل تحيك مخططاتها، فمن خلال اندفاعه للساحات وإحيائه لهذا العيد، يرسل رسالةً لدول الاحتلال أن التخطيط والسعي لتمزيق الوطن وتشطيره لن يتحقق بوجود شعبٍ متوحدٍ في الإنسان قبل الأرض.

وكما انبطح البعض وهم قلة لاغراءات دول الاحتلال، استجاب الغالبية لنداء الوطن مجمعين على أن تحريره وتطهيره من دنس القوات الغازية أولويةٌ لا يشغلهم عنها أي صراعاتٍ أو خلافاتٍ داخلية.

ففي اجتماعهم يوم السبت 21 مايو، بمقر حزب جبهة التحرير، أكد أبناء المحافظات الجنوبية المقيمين في العاصمة صنعاء، مناهضتهم للعدوان الذي تتعرض له اليمن ورفضهم القاطع للوصاية من أي دولةٍ كانت، داعين في بيانهم الختامي للاجتماع، مقاومة التواجد والاحتلال الأجنبي للمحافظات الجنوبية، مطالبين سرعة فتح الجبهات لتحرير الجنوب من الاحتلال الأمريكي وتطهيرها من دنسهم وطرد القوات الغازية من كل شبر في المحافظات الجنوبية.

ومن جهتها قالت الأستاذة “رجاء باحكيم” في حوارٍ لها مع “صدى المسيرة”: “إن ما تشيعه وتتداوله القنوات التابعة لدول العدوان كقناة الحدث عن مفاجأة إعلان الإنفصال بالتزامن مع عيد الوحدة، إنما هو تهيئة شعبية حتى لا يكون الإعلان مفاجأة، وحتى يتقبله الناس”، مؤكدةً “أن الشعب موحد ومع الوحدة من أقصاه إلى أقصاه، وأنا وعلى الرغم من اقامتي في صنعاء إلا أنني لم ألمس أي شعور بخلاف ذلك، وهو نفس الشعور الذي يعيشه أبناء الجنوب، لولا بعض الأيادي العابثة والتي تحاول اثبات عكس ذلك”.

وفيما يتعلق بما جرى مؤخراً  في المحافظات الجنوبية من طردٍ لأبناء الشمال من المحافظات الجنوبية قالت الأستاذة رجاء: “تواصلت بأحد الصديقات لي من الشمال مقيمة في عدن وكنت قد أعطيتها بطاقتي الشخصية حتى إذا ما تعرض لها أحد تقوم بإبراز البطاقة له على أساس أنها رجاء باحكيم، سألتها كيف الوضع معك فأجابتني أن سكان المنطقة التي أسكن فيها طيبين وأهل المدينة طيبين”، وأوضحت باحكيم “أن هناك أشخاص من ابناء الجنوبيين موالين لدول التحالف هم من يسيء لأبناء الجنوب ككل حتى يقال أن الجنوبيين حاقدين على الشماليين وهذا غير صحيح”.

مضيفةً “أن أبناء الجنوب جميعهم يدركون أن اليمن موحد منذ القدم وأن الذي يربطنا كشعب يمني هو قدر ومصير، وأن الذي تمر به اليمن هي مجرد زوبعة وأزمة ستنتهي عما قريب بإذن الله”.

مقالات ذات صلة