صحيفة محلية :في معركة التحرر الثالث ..بعد الثاقب، اليمن يصنع ويطلق الزلزال

قراءة حول ماذا يعني أن يرد اليمن على السعودية بصواريخ محلية الصنع، ومحاور الدراسة:

  • الرسائل الأولية من إطلاق صواريخ النجم الثاقب، والزلزال
  • أهمية إعلان اليمنيين عن امتلاك “منظومة صواريخ” محلية الصنع.
  • ماذا نعمل شعبيا لإسناد وتعزيز وتطوير منظومة الصواريخ؟
  • موقع عاصفة الحزم من مجمل العمليات العسكرية الشهيرة التي شهدتها المنطقة، وكانت السعودية طرفا فيها بشكل أو بآخر !
  • أفق المواجهة، وماذا يعني “معركة التحرر الثالث”، ومصير آل سعود!

……..

تستطيعون شن حرب، ولكن لن يكون لكم وحدكم إيقافها، ولن تستطيعوا أن تتحملوا عواقبَها !

قصفتم مخازن سلاح الدولة..فاستقبلوا سلاح الشعب !

صببتم النيران على صنعاء، وكل المدن..فانظروها جحيما في الحدود !

تريدون سحق قوتنا العسكرية….، فلن تنالوا من الإرادة، والعقيدة القتالية..!

الثاقب..بعضُالوفاء لدماء الشهداء والجرحى..وكل الوفاء لم يأت بعد !

الثاقب والزلزال..لغة الحوار الوحيدة التي يفهمها الغزاة الجدد !

الخارج هو الخطر الحقيقي على اليمن..ولذا لم يستخدم “الثاقب والزلزال” إلا في مواجهته، وفي ذلك صرخة إلى الداخل بأن يتحد أكثر!

قرار تصنيع “الثاقب والزلزال” كان في يومٍ ما.. قبل “عاصفة الحزم”، وبهبوبها تأكد صوابية ذلك القرار، وسنراكم التجربة !

….

تلك بعض ما انطوت عليه خطوة إطلاق صاروخ “النجم الثاقب”..من رسائل! وهي تتجاوز الرياض إلى الإقليم والعالم !

نعم.. مع “عاصفة الحزم” وتمادي العدوان السعودي الأمريكي سنحت الفرصة أمام قيادة الثورة اليمنية لأن تزيح الستار عن جانب من القدرات العسكرية التي تعكس وعيا مبكرا بحجم المخاطر التي تتهدد البلاد، وعن جديتها في الدفاع والتصدي، وفي تأخر الكشف عن ذلك السلاح..تعبيرٌ عن تجلد كبير، وطول أناة، وصبر، وهو ما جعل الإقدام على تلك الخطوة أمرا مفزعا للمعتدي بعد أن أوهم نفسَه بأن قد نجح في تدمير الترسانة المسلحة للجيش اليمني، وكانت تلك الخطوة مطمئنة للشعب اليمني بأنه ليس مكشوف الظهر كما تبادر للذهن نتيجة سماع أخبار تعرض مخازن جيشه للتدمير!

والآن …

إلى جردة حساب سريعة لأبرز وأشهر عمليات عسكرية تعرضت لها المنطقة من قبل القوى الاستعمارية خلال نصف قرن..، وسوف يقتصر استعراض العمليات على استذكار أسمائها، دون الإغراق فيشرح خلفياتها ودوافعها السياسيةإلا بمقدار، كون ذلك ليس المقصود هنا، إلا أنها لمحة تاريخية لا بد منها لاستشراف المستقبل، ولمعرفة الموقع السياسي والعسكري الذي تحتله “عاصفة الحزم” مقارنة بما سبقها من عمليات كانت السعودية فيها طرفا بشكل أو بآخر، ثم لمعرفة قيمة أن يكون لدى اليمن صواريخ محلية الصنع!

العمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة خلال الـ5 السنوات الأخيرة فقط !

  • عملية الرصاص المصبوب 2009-2010
  • عملية عمود السحاب ..نوفمبر 2012م
  • عملية الجرف الصامد: عام 2014، واستغرقت 50 يوما ، وقد أودت بحياة نحو 2200 فلسطيني معظمهم من المدنيين، بحسب الأمم المتحدة.

وقد يسأل سائل، أين السعودية من ذلك؟ والجواب في “مبادرة السلام” المقدمة سعوديا إلى مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002م، وما يعني ذلك من تخل كامل عن المسؤولية تجاه فلسطين، ومن سوء حظ آل سعود أن كان رد رئيس وزراء كيان العدو حينها السفاح آريل شارون على مبادرتهم بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، ومع ذلك لم نشهد “عاصفة حزم” سعودية تعيد الاعتبار للعرب ولهيبة خادم الحرمين الشريفين!

..أما إسرائيل، فهي من أساسها شر مستطيرٌ، وعدوانٌ قائم منذ 1948م، وما قبلها وما بعدها ظل ” القتل وعمليات الاغتيال، والتدمير، والطرد، والاستيطان” المنهج الثابت في تعامل الصهاينة مع الفلسطينيين.، وفي عام 1987م كانت الانتفاضة الأولى المعروفة “بانتفاضة الحجارة”، وفي عام 2000م كانت الانتفاضة الثانية المعروفة “بانتفاضة الأقصى”.، وما بينهما وبعدهما حروب ست كبرى(نكبة 1948م، العدوان الثلاثي على مصر1956م، نكسة 1967م، حرب 6 أكتوبر 1973م، اجتياح بيروت 1982م، عدوان تموز على لبنان 2006م).

تنويه: يلاحظ أنه ومنذ قيام كيان العدو الإسرائيلي، كانت المنطقة تشهد حربا كبرى كل عشر سنوات، وفي الآونة الأخيرة كانت 3 حروب على غزة خلال 5 سنوات). وهذا مؤشر على حجم الكارثة التي يعاني منها العرب نتيجة نظامهم الرسمي المتصهين.

العمليات الإسرائيلية ضد لبنان:

  • عملية الليطاني..احتلال إسرائيلي للبنان حتى جنوب نهر الليطاني في14 مارسعام 1978 بذريعة طرد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية بعيدا عن الحدود مع فلسطين المحتلة.
  • عملية (سلامة الجليل الأعلى): اسم أطلق على اجتياح إسرائيلللبنان عام 1982م، لتكون بيروت ثاني عاصمة عربية بعد القدس تسقط تحت الاحتلال الإسرائيلي ،وقد أسفر احتلال بيروت عن نتيجتين سلبية، وإيجابية بالنسبة لإسرائيل، الإيجابية تمثلت بخروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وهو الهدف المعلن للعملية، أما النتيجة السلبية والعكسية فقد تمثلت في نشوء حركة المقاومة الإسلامية حزب الله، والذي تعاظم دورُه وقوته إلى مستوى باتت تخشاه إسرائيل، وتتهرب من مواجهته خصوصا بعد هزيمتها المدوية في عدوان تموز عام 2006م.
  • عملية عناقيد الغضب ..عدوان عسكري إسرائيلي على لبنان عام 1996م، وفيه ارتكبت المجزرة الشهيرة بقانا الأولى، وقد جاءت العملية بعد شرعنة الأنظمة العربية لها خلال المؤتمر الشهير “بمؤتمر شرم الشيخ” في مصر.
  • عدوان تموز 2006: وفيه ارتكبت مجزرة قانا الثانية، وقد خرجت إسرائيل بهزيمة مدوية، كونها لم تتمكن من تحقيق أهدافها المعلنة المتمثلة بتحرير أسيريها لدى حزب الله.، أو إبعادقوته الصاروخية عن الحدود. كما برزت السعودية كدولة تساند العدو الإسرائيلي، ووصفت حزب الله حينذاك “بالحزب المغامر”، ومشائخ آل سعود أفتوا بعدم جواز الدعاء بالنصر لحزب الله.

العمليات الأمريكية ضد العرب: العراق–مثالا-

  • عملية عاصفة الصحراء 1991م ضد العراق بحجة تحرير الكويت.
  • عملية ثعلب الصحراء عام 1998م: هجوم أمريكي بريطاني على العراق في 16 ديسمبر واستمر أربعة أيام ، بذريعة عدم تعاون نظام صدام مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الباحثين عن أسلحة الدمار الشامل..،وهي الكذبة الكبرى التي حوصر العراق بشأنها 13 سنة، انتهت بوقوعه تحت الاحتلال الأمريكي عام 2003م.

سوريا:

فيما كان ينظر إلى أن سوريا ستنجو من “فورة الربيع العربي” تبين أنها “المطلوب رقم واحد” ، فتعرضت لحرب استنزاف لا تزال مستمرة، وشكلت السعودية وقطر وتركيا رأس الحربة في دعم ومساندة الجماعات التكفيرية بغرض كسر محور المقاومة..، وفصل سوريا عن إيران وحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وكانت دمشق على وشك تعرضها لضربة أمريكية عام 2013 لولا التدخل الروسي والتحذير الإيراني، و”المرونة السورية”بقبول نزع السلاح الكيماوي..، الأمر الذي أفقد الأمريكيين ذريعة كانوا يشتغلون عليها لإسقاط النظام.، (وهنا يسجل للشعب اليمني دون بقية الشعوب العربية خروجه في مظاهرات مساندة لسوريا)، وقد سبب تراجع الأمريكيين سخطا كبيرا لدى آل سعود والقطريين والأتراك الذين كانوا يحتسون أنخاب الخمر..، تراودهم “أحلام السَّكْرة” بأن سوريا على وشك السقوط، وأن صلاة أردوغان في المسجد الأموي بدمشق قد آن أوانها حسب العهد الذي قطعه على نفسه..، فإذا بهم جميعا يصحون على حقيقةٍ مُرَّة، وهي أنهم “أغبى من حمار” وأنهم قد وقعوا ضحية خداع أمريكي، وأن الأسد لا يزال في عرينه !

وماذا عن اليمن !

من الخطأ الاستراتيجي اعتبار الحروب الست على صعدة وما جاورها أمرا داخليا يمنيا بحتا، بل كانت في ظل هيمنة السياسة السعودية، التي كانت حينذاك تعتمد “التحريض من تحت الطاولة” باستخدام نفوذ أدواتها في الداخل، إلى جانب الإسناد الأمريكي، ومع تساقط تلك الأدوات واحدة تلو الأخرى أمام تصاعد الوعي الشعبي، والزخم الثوري…رأى الشعب اليمني كيف ظهرت الرياض  – مع عاصفة الحزم والتفصيل سيأتي لاحقا- كعاصمة معادية أكثر من ذي قبل، وكيف انقلب إليها عملاؤها في اليمن من مختلف التيارات المحنطة والمتخشبة، لدرجة تلاشت فيما بينهم الاختلافات الفكرية والعقائدية والسياسية ، فلم يعد ثمة فرق بينيساري وغير يساري، وقد صدق فيهم قول البردوني في قصديته العصماء: الغزو من الداخل، وقال فيها:

أميرَالنفـطنحـنيـداكنـحـنأحـَـدُّأنيـابـك..

ونحـنالقـادةالعطشـىإلـىفضـلاتأكـوابـك

ومسئولونفي ( صنعاء )وفراشـونفــيبـابـك..

..وأخيرا ..عاصفة الحزم:  الرياض على منوال دموية واشنطن وتل أبيب، واليمن إلى معركة التحرر الثالث!

بدت السعودية بعدوانها على اليمن من خلال عمليتها “عاصفة الحزم” –”كـلقيط” يحاول تقليد مربيه…ولسانُ حالها: أنها هي الأخرى لا تقلسطوة ووحشية، كما أنها بدت كعجوز شمطاء تعاند الزمن، وتصر على أنها لا زالت بكرا تستطيع جذب انتباه الفحول، وأنها لا تزال قادرة على توحيد العرب، ولكن ضد من؟ ضد بلد هو أصلهم وموطن عروبتهم، وهُم بدونه لا أصل، ولا عروبة أما بشن حرب ضده، فذلك منتهى الردة، والنفاق، والتصهين !

وهكذا دشن الثلاثي(سلمان، وبن نايف، وبن سلمان) عهدَهم بحرب..على خلاف أسلافهم الذين كانوا يفضلون تأجيج الحروب في كل المنطقة لكن “من تحت الطاولة”.

وأمام هكذا تحد، لم يكن للشعب اليمني إلا أن يصمدَ، ويواجه، ومع إمعان آل سعود في جرائمهم، تعاظم وعي اليمنيين بأن إفشال أهداف عملية عاصفة الحزم” – سيكونبتأكيد استقلال اليمن بعيدا عن نفوذ آل سعود، وهيمنة الأمريكان، وأن تطهير البلاد من الجماعات التكفيرية قرارٌ لا رجعة عنه–وبذلك تظافرت العوامل الموجبة لإطلاق معركةتحرر شامل، ترقى بحق إلى مستوى التحرر الوطني الثالث خلال أكثر من نصف قرن، وذلك بعد تحرر شمال اليمنمن الاحتلال العثماني، وجنوبه من الاحتلال البريطاني، فكيف واليمن بات أرضا واحدة في مواجهة نفوذ سعودي وهابي تكفيري غشوم ، وهيمنة استعمارية أمريكية تتخفى تحت قفازات الديمقراطية، وحقوق الإنسان!

وبالعودة إلى السرد التأريخي للعمليات العسكرية الاستعمارية الآنفة الذكر..سنرى أنها عمليات تتجاوز الحدث الآني التي شنت من أجله إلى عمليات حربية ضمن مشروع استعماري يهدف لتمزيق العرب أكثر، وإبعادهم عن تحقيق حلمهم في تحرير فلسطين، وقيام وحدة عربية حقيقية، كما أنهاعمليات عسكرية يتم اللجوء إليها كلما تقطعت السبل أمام الحيل والألاعيب السياسية.

وخلاصة تلك المرحلة المرة والدامية، هي:

  • توالد الحروب في المنطقة، فما تتوقف حرب حتى تكون قد أنتجت ما يكفي من العوامل التي تجر نحو حرب أخرى.
  • أغلب “العمليات العسكرية المذكورة أعلاه” انتهت سياسيا وعسكريا بعكس ما شنت من أجله. وأنها تسببت في سفك الدماء، والدمار والخراب، وكشفت المنطقة أمام خطر جماعات التكفير !
  • أي حديث عن “حل سياسي” للأزمات في المنطقة..مجرد هراء، وتلاعب بالوقت..إلى حين تنضج عوامل شن عملية عسكرية جديدة.
  • إن المستفيد الأكبر من “العمليات العسكرية” هو إسرائيل، خصوصا تلك العمليات التي تشنها واشنطن،وهي أساسا “حروب بالنيابة” لضمان أمن تل أبيب، وللسيطرة على منابع وممرات النفط.
  • إن تلك العمليات العسكرية تكشف عن “صراع وجودي” بين طرفين لا يلتقيان، وينسحب هذا الاستنتاج إلى “عاصفة الحزم”، فهي عملية زادت من تعميق الهوة بين الشعب اليمني، ونظام آل سعود، يصعب بل يستحيل جَسْرها بحوار هنا أو هناك.
  • وبحسب الاستنتاج السابق..يمكن القول وبكل هدوء: إن عملية “عاصفة الحزم” لن تكون الأخيرة، كما أنها ليست الأولى بالنظر إلى التدخل السعودي في الحرب السادسة بين عامي 2009- 2010م، وبفشله في تحقيق أهدافه حينذاك، فإن عقلية الانتقام، والثأر، والحقد المسيطرة على آل سعود، مضافا إليها الفكر الوهابي المتوحش، والتصالح مع الإخوان بعد تنافر، وانعكاسات ذلك في (التقارب مع تركيا، وعودة قطر للحضن السعودي) إلى جانب ارتياح إسرائيل لعاصفة الحزم بعد اعتراف نتنياهو من أن تطورات اليمن تثير القلق) – كل ذلك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن شبه الجزيرة العربية دخلت مرحلة الحروب المتوالية، وهذا يستوجب من الشعب اليمني أن يكون على استنفار دائم لملاقاة التحدي بالتحدي، فكلفة الخنوع أثقل وأشد وطأة من كلفة المواجهة، ذلك بأنه ما نال شعبٌحقه بدون ثمن، فكيف إذا كان ذلك الحق هو كرامة وسيادة وتحرر! وهنا أساس المشكلة مع آل سعود، خصوصا “العهد السلماني الجديد” الذي رهن توطيد أركانه بإخضاع اليمن، وفشل ذلك الرهان يعني اضطرابا داخليا قد لا يتوقف عند الإطاحة بولي ولي عهده وزير الدفاع محمد بن سلمان، وأن يكون وحده كبش الفداء، بل ستلحق اللعنة بالجميع على شكل هزات ارتدادية متتالية، لعل تفجيري “القطيف، والدًّمّام” بعض بوادرها..، وهنا وأمام أي تحولات قد تطرأ على المشهد السياسي في السعودية..، فمن واجب الشعب اليمني أن يواصل معركة التحرر الوطني بل القومي بروح فيها نبض الإسلام المحمدي الأصيل، والمعركة تستدعي إلى جانب الصبر الاستراتيجي..امتلاك ما أمكن من الترسانة المسلحة بما فيها تطوير منظومة صاروخية لا تتوقف عند ثاقب أو زلزال، وأن يتم تعميم ثقافة امتلاك القوة الصاروخية من خلال فتح صناديق في كل قرية…بعنوان ” استعادة القوة العسكرية ليمن قوي عزيز مستقل”، لتعلم السعودية ومن يقف وراءها.. أن الشعب اليمني سوف يلاقيها مرة أخرى إلى ما بعد منتصف الطريق – إن فكرت ثانية في شن عدوان- وأن “الثاقب، والزلزال” ليس إلا “باكورة الصناعة العسكرية الشعبية الوطنية اليمنية”، وأن وراء صناعتها إرادة شعب، وقيادة ثورية نهضوية استقلالية، ذات رسالة سلام لمن يريد السلام، وفي امتلاك السلاح الأمان، والدفاعُ عن النفس، والأهل والوطن واجبٌ شرعا، ومنسجمٌ مع الفطرة الإنسانية، وحقٌّ أقرته القوانين الوضعية، وكفلته مواثيق الأمم المتحدة، وغير ذلك ركونٌ إلى سرابٍ بقيعة يحسبه الظمآنُ ماء!

مقالات ذات صلة