هل سينفصل جنوب اليمن مرة أخرى؟ ماهي الخطة ” ب ” التي تريد الإمارات تطبيقها في اليمن ؟

[14/مايو/2017م]

متابعات – تهامة نيوز

ترجمة نشوى الرازحي : المراسل نت

هناك تصدعات في التحالف العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية: تفكر الإمارات العربية المتحدة في تطبيق الخطة ب، التي من الممكن أن تعيد تقسيم البلاد كما كانت فترة الاستعمار البريطاني.
يلعب جيش الإمارات العربية المتحدة دورا محوريا في الحرب اليمنية. فمنذ مارس 2015، يقاتل التحالف العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق.
يقود “قوات الدفاع  الإماراتية” أمير أبو ظبي، خليفة بن زايد آل نهيان، الذي يعمل أيضا رئيسا لاتحاد الإمارات العربية المتحدة. ومنذ أن عانى الشيخ خليفة مؤخرا من سكتة دماغية وشقيقة محمد، الذي يحمل لقب ولي العهد، يتولى المهام نيابة عنه على نحو فعَّال. وهو أيضا نائب القائد الأعلى للجيش ورئيس السلطة التنفيذية.

تلقى محمد بن زايد التدريب كضابط في أكاديمية ساندهيرست العسكرية وله علاقة بكل الهياكل العسكرية. وتقاتل أجزاء من جيشه وقوات المرتزقة في اليمن إلى جانب السعوديين وتشن الغارات الجوية على اليمن. وقد انتزعت القوات الإماراتية مطار وميناء عدن من الحوثيين. واستولى فرع القاعدة في شبه جزيرة العرب على المكلا الواقعة في أقصى شرق اليمن. حيث كان مقاتليها قد تغلغلوا في اليمن في الفترة التي عصفت الاضطرابات بها. ويتمركز مقاتلو القاعدة حاليا في المنطقة الصحراوية.

الخطة ب:

تحتل القوات الإماراتية اليوم مينائي ومطاري عدن والمكلا. وفي منطقة مأرب، لحقت بالتجمعات الإماراتية خسائر فادحة عندما أطلق الحوثيون صواريخهم إلى هناك في سبتمبر 2015. حيث قتل 46 جندي إماراتي وأقيمت لهم جنازة رسمية في أبوظبي.

وكان قد عُرف قبل فترة طويلة إلى حد ما أن الإمارات لديها  “خطة ب” تريد تطبيقها في اليمن. وقد تم وضعها تحسبا لفشل “خطة أ” التي بدأت بها السعودية. وتركز الـ”خطة ب” على الجزء الجنوبي من اليمن ومركزها عدن. وتفرض الخطة إعادة عدن إلى الوضع الذي كانت فيه أثناء الاستعمار البريطاني. فآنذاك، كان الجزء الجنوبي من اليمن شبه مستقل، حيث كان مرتبطا ببريطانيا وفق اتفاقية من ناحية ومرتبط من الناحية الأخرى بحكم الإمارات.

انفصال تام أم فيدرالية؟

تفترض “خطة ب” أن يدعو سكان جنوب اليمن – الذين ربما يشكلون الغالبية- إلى انفصال جنوب اليمن عن شمال اليمن. ولكن تختلف المفاهيم حول كيف وإلى أي مدى ينبغي تقسيم أجزاء البلاد؟ هل ينبغي فصل الجنوب عن الشمال بشكل كامل أم يتم تقسيم أجزاء البلاد كلها فيدراليا؟ حتى أن هناك خلاف بشأن الترسيم المستقبلي للحدود. فالحدود مهمة جدا لأن معظم احتياطي النفط والغاز اليمني يقع في الصحراء الجنوبية. وهل ستكون تابعة للجنوب أم للشمال؟

ستعمل الـ “خطة ب” على إنشاء جنوب يمني له مركزين، عدن والمكلا. وسيكون التعاون بشأن المناطق الساحلية الأخرى مرحب به. حيث سيكون الوضع مماثلا للإمارات. وسيترك الشمال لنفسه، كما كان الوضع قائما فترة الاستعمار البريطاني.

الاستثمار في صوماليلاند وأرض البنط:

تقع دولة الإمارات نفسها على مضيق هرمز وتبدي رغبتها في الاستحواذ على الطرق البحرية المجاورة، التي تؤدي إلى قناة السويس عبر مضيق باب المندب، بحيث تحقق مشاريع كبيرة لموانئ تجارية وقواعد بحرية على الجانب الآخر من المضيق، على الساحل الصومالي في بربرة، صوماليالاند.

وفي المقابل، إلى جانب الوعود المالية المقدمة منها لصوماليالاند، وعدت بأنها ستتدخل في موضوع الاستقلالها والاعتراف الدولي بها.

صوماليالاند منطقة تقع شمال الصومال، في القرن الإفريقي، على شاطئ خليج عدن بالتحديد وكانت ذات يوم إحدى المستعمرات البريطانية وتريد الانفصال عن الصومال بحكم أنه لا صلة لها بها. وهذه المنطقة لا يزال غير معترف بها من قبل الأمم المتحدة ولا من قبل دولة واحدة من دول العالم. ومابين صوماليالاند، في الشمال، ودول الصومال الفاشلة بعاصمتها مقديشو في الجنوب تقع أرض البنط وهي أيضا جزء هادئ نسبيا وآمن من الصومال، ويريد الانفصال أيضا عن الصومال مثل صوماليالاند، ولكن ليس كدولة مستقلة مثلما تريد صوماليالاند وإنما كمنطقة حكم ذاتي. يفصل أرض البنط عن صوماليالاند “منطقة محايدة”، تعمل على الحيلولة دون تجاوز الحدود المشتركة للبلدين.

قواعد في إريتريا:

تقع على المضيق أيضا جمهورية جيبوتي، التي توجد عليها قاعدة عسكرية كبيرة للولايات المتحدة الأميركية ومنشآت عسكرية فرنسية مثل الفرقة الأجنبية. كما أن الصين قد بنت هناك أول قاعدة بحرية خارج بلدها. وقوات لأربع دول أخرى من ضمنها اليابان تتواجد هناك أيضا. وفي الشمال تقع أرتيريا. هناك، في عصب، أنشأت الإمارات قاعدة عسكرية بحرية تابعة لها، الأمر الذي لا يروق إثيوبيا، أحد أسوأ الأعداء القدماء لها.
أدى تواجد القوات الإماراتية في عدن إلى حدوث اشتباكات مرات عديدة

مع القوات الموالية لهادي. ويتم تسوية ذلك بصورة متكررة حتى الآن. وأخيرا، وقفت الإمارات وقوات هادي في نفس الصف. دُعم هادي من قبل المملكة العربية السعودية. والجميع يقاتل ضد الحوثيين وتلك الأجزاء من الجيش اليمني التي ما تزال موالية للرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح.

خلاف بين السعودية والإمارات:

وبالطبع الـ”خطة أ” التي تم تطبيقها منذ 26 مارس2015، أغرقت البلد في حالة من الفوضى والمجاعة. وهدفها المتمثل بإعادة الرئيس الفار هادي مرة أخرى إلى حكم اليمن بأكمله، فشل حتى الآن.

ولكن على ما يبدو أثار بدء الإمارات بتطبيق الـ “خطة ب” استياء السعوديين. فحدودها المفتوحة مع شمال اليمن “المتوحش” التابع للحوثيين ماتزال كما هي، وهذا مدعاة لمباهاة إيران  ودفعها لمساعدة أصدقائها الحوثيين ومساعدتهم على النصر. والهزيمة في اليمن من شأنها أن تهز هيبة الملك سلمان وابنه المدلل، محمد، الوريث الثاني للعرش وبصورة فادحة. ومن المحتمل أن تخلف الهزيمة السعودية في اليمن عواقب وخيمة على منصب الملك وابنه المدلل الذي يعتبر أقوى شخص هناك تقريبا وهو المسئول، بصفته يحتل منصب وزير الدفاع، عن الحرب على اليمن. وكذلك الرئيس هادي، بصفته محميا من قبل الرياض فهو يقف وراء الـ “الخطة أ”.

النزاع بين الإماراتيين والرئيس هادي:

إذن، فليس من المستغرب أن تشتد التوترات بين السعوديين والرئيس هادي من جهة والإماراتيين من الجهة الأخرى. فقد تم رفض هبوط طائرة هادي في فبراير على “مطاره” في عدن. إذ لم تمنح طائرته إذن الهبوط وتوجب عليه التوجه إلى جزيرة سقطرى. غضب واشتكى إلى أمير أبو ظبي، الذي تسيطر قواته على مطار عدن.

أقال هادي رئيس المطار وأمر قائد اللواء الرابع حرس رئاسي، مهران القباطي، باقتحام المطار. وأدى ذلك الأمر إلى وقوع اشتباكات بين الحرس الرئاسي والقوات التابعة للإمارات العربية المتحدة. تدخلت الرياض وتبنت دور المصالحة. وعلى أعقاب ذلك حدثت مشادات كلامية حادة بين هادي ومحمد بن زايد، ولي العهد والحاكم الفعلي لأبوظبي. حيث قال الرئيس هادي أن الإمارات تتصرف في “عاصمته عدن كقوة احتلال”. وأكد الأمير بدوره أن الإمارات تقاتل من أجل عودة هادي وضحت بكثير من القتلى وأنهى الرئيس وولي العهد حديثهما بغضب بعد عشر دقائق.

اصطدام جديد:

يقيم هادي عادة في الرياض. وتعتبر مدينة عدن عاصمته المؤقتة إلى حين تمكنه من العودة إلى العاصمة اليمنية صنعاء. ومدينة عدن غير آمنة بالطبع وهذا ما قاده إلى الإقامة الدائمة في المنفى. ولهذا كان من المهم جدا بالنسبة له الدخول إلى عدن عبر المطار.

ولكن هذا المطار يقع تحت سيطرة دولة الإمارات، لأن له أهمية بالغة في مسألة إمداد القوات الإماراتية المتواجدة في جنوب اليمن.

وفي الشهر الماضي، حدث اصطدام آخر حول مطار عدن. منعت أيضا طائرة حرس هادي من الهبوط. وأعقب ذلك إقالة هادي لمحافظ مدينة عدن، عيدروس الزبيدي ووزير حكومته هاني علي بن بريك. كلاهما من جنوب اليمن، الذي يؤيدون حركة الانفصال ويؤيدون الإماراتيين أيضا.

دعوة لاستقلال الجنوب:

وبعد قرارات الإقالة  لكلا السياسيين في 4 مايو، خرجت مظاهرات في عدن ضد تلك القرارات. وطالب المتظاهرون بأن يتولى عيدروس الزبيدي الحكم في عدن ويعلن استقلال الجنوب.

بالإمكان توقع أن تحاول الرياض مرة أخرى أن تتدخل بدور الوساطة. ولكن بالإمكان أيضا أن نتوقع أن تستمر الإمارات في محاولتها الفوز بكلا الجانبين م المضيق البحري وتوسع من بناء قواعدها هناك.

 

مقالات ذات صلة