صحيفة فرنسية :هادي فقد شرعيته باستدعاء العدوان السعودي على اليمن

[22/يناير/2017]

تهامة نيوز

أعلنت منظمة الأمم المتحدة مؤخراً أنَ عدد المدنيين القتلى على إثر الحرب الأهلية الحاصلة في اليمن يكاد يتجاوز 10000 حالة. وثمة جدل يدور منذ بضعة أيام في محاولة للتعتيم على هذا الصراع ما لم تكن محاولة لإخفائه.

فرانسوا كليمونسو| صحيفة “لوجورنال دو ديمونش” الفرنسية:

اليمن: حرب في طي النسيان أم الكتمان؟

مما لا شك فيه أنه إذا كان يتوفر لدينا الوقت والموارد، كنا في الغالب لنطيل الحديث في وسائل الإعلام المختلفة عن العديد من الصراعات المأساوية التي لا تتصدر المشهد السياسي، من حيث أعداد الضحايا والآفاق السياسية والاقتصادية المترتبة عليها، والتي تدور رحاها في مناطق من العالم كثيراً ما تغيب عنها الأضواء في بلداننا الأوروبية. ولكن في العموم، حيث أنه توجد حالات استثنائية، نلاحظ أنَ أولئك الذين يلقون باللوم على وسائل الإعلام لقلة الحديث عما يجري في اليمن هم أنفسهم الذين يعمدون إلى تحجيم أو تعتيم التدخل السافر والمشاركة الواسعة من قبل الروس لمساعدة الجيش السوري في حلب على الصعيد ذاته؛ ونحن هنا وبكل تأكيد نعيب على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس السوري، بشار الأسد، ارتكاب جرائم حرب على الأراضي السورية، ولكن في الإطار ذاته لا بد لنا من أمعان النظر فيما يقوم به السعوديون، بمساعدة حكومة أوباما الأميركية، في اليمن لندرك ما إذا كان الوضع مماثل أم أنه أسوأ!

رئيس لا مصداقية في انتخابه:

من الواضح أن تلك الصراعات تختلف عن بعضها البعض من نواحٍ عدة؛ ولكنها في الوقت ذاته محاطة ببعض أوجه التشابه: ففي كلتا الحالتين كانت الفترة التي عُرفت بـ”الربيع العربي” هي الحاضنة التي تمخضت عنها الحرب ضد بشار الأسد، في سورية، وضد علي عبدالله صالح، في اليمن؛ ولطالما كانت هنالك قوة إقليمية واسعة النفوذ، إلى جانب حليفتها الرئيسة، تلعب الدور الأكبر في الصراع، على غرار إيران وحليفها الروسي الذين سارعوا إلى احتواء الوضع لإنقاذ الرئيس السوري؛ وفي اليمن كانت المملكة العربية السعودية، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، هي القوة النافذة التي قدمت يد العون للرئيس الجديد المنتخب، عبد ربه منصور هادي، الذي بالرغم من الشرعية التي حظي بها من قبل الأمم المتحدة، إلا أنه فقد مصداقية انتخابه بمجرد السماح للجيش السعودي بإعلان التدخل العسكري بدعم من دول وممالك الخليج. زد على ذلك، التقارب المتمثل في قيام انتفاضة مسلحة في كلتا الدولتين: حيث استهدفت المعارضة المسلحة النظام في سورية من خلال الآلاف من عناصر الكتائب ذات التوجهات السياسية المتباعدة للغاية انطلاقا من الجهاديين مروراً بالعلمانيين ووصولاً إلى السلفيين؛ وفي اليمن، كان التمرد العسكري أعلن على يد الحركة الحوثية التي تمتاز بالتوصيف السياسي والعسكري إلى جانب الارتباط العقائدي الوثيق مع الشيعة، الأمر الذي أكسبها الدعم العسكري واللوجيستي من قبل إيران وتنظيم حزب الله.

كما هو الحال في سورية، حالة الفوضى مرتع خصب للتنظيمات الإرهابية:

لا يزال هناك تشابه من الوزن الثقيل بين ما يجري في كلا البلدين، ألا وهو الإرهاب: ففي سورية كما هو الحال في اليمن، تسعى التنظيمات الإرهابية إلى استغلال حالة الفوضى السائدة لتؤسس لها مرتعاً مقدس، على غرار تنظيم الدولة الإسلامية – أو ما يعرف بـ”داعش” – في سورية، وتنظيم القاعدة في اليمن؛ كلا التنظيمان يستخدمان تلك الحصون لتوجيه دفة عملياتهما الإرهابية انطلاقا من المملكة العربية السعودية وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية.

في الواقع، لا يمكننا القول أن روسيا نجحت بامتياز في التخلص من داعش على الأراضي السورية؛ أما في اليمن، كانت الولايات المتحدة الأميركية هي المنتصرة في محاربتها لتنظيم القاعدة لشروعها في ذلك منذ زمن بعيد تعود أطرافه إلى ما قبل أحداث 11 سبتمبر، وهي فضلاً عن ذلك لا تزال نشطة في هذه المنطقة؛ وإذا كان الأميركيون يقدمون الدعم اللازم للسعوديين في حربهم ضد المتمردين الحوثيين، فذلك لأنهم يرجون أعادة بناء مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية؛ إلا أنهم قاموا في مناسبات عدة، ولا سيما عقب الأخطاء المروعة التي ارتكبت من قبل سلاح الجو السعودي، بتعليق الدعم اللوجستي المقدم للرياض في محاولة منهم لحث هذه الأخيرة على قبول خطة السلام التي طرحت مرات عديدة من قبل الأمم المتحدة على مدى سنتين متتابعتين.

بعيداً عن التظليل الإعلامي:

بالرغم من كل ذلك التقارب، تظل تلك الصراعات غير متشابهة بنسبة 100%، ومن تلك الاختلافات القوة المفرطة في القمع: قد تكون الأرقام مهولة ومحبطة في آن واحد، ولكن في الواقع على مدار 5 سنوات مضت بلغ عدد الذين قتلوا على الأراضي السورية حوالي 400000 حالة، ثلاثة أرباعهم هم ضحايا النظام وحلفائه؛ بينما في اليمن، كان عدد القتلى قد وصل على مدى عامين إلى 10000 حالة، حيث كانت الضربات الجوية التي نفذتها السعودية والتحالف العربي هي السبب فيما نسبته 60%.

إذن يجب علينا أن نواصل الحديث عما يجري في اليمن من نواحٍ عدة وليس فقط من وجهة نظر إنسانية. أما إذا كان الحديث في هذا الإطار فقط للتأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية قد نفذت عمليات أبادة جماعية لشعوب برمتها، كما هو الحال في اتجاه موازٍ بالنسبة للروس في سورية، لتغدو الصورة متطابقة تماماً في كلا البلدين، فعلينا هنا أن نحذر من أساليب التضليل التي تهدف إلى زرع الشك في مفاهيمنا.

المصدر :المراسل نت

مقالات ذات صلة