الأسلوب القرآني في مواجهة الدعايات

[23/ديسمبر/2016م]

خاص – تهامة نيوز

لاحظ هنا في القرآن الكريم يأتي في مقابل أشياء من هذا القبيل تعتبر دعايات، أو مقولات، بعضها تكون تشكل خطورة تكون قابلة للتعميم بشكل كبير فمتى ما وجه لفضحها بطريقة دقيقة فيجب على أن الناس أن يكونوا هم متفهمين القضايا التي تشكل خطورة في تعميمها، أن تكون أنت عندك قدرة على فضحها وبهذا الأسلوب. لاحظ كيف كان هذا الأسلوب، وهي قضية منهجية ليس معناه: أنك تنطلق في نفس الموضوع مثلًا الله يقول هنا: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} (البقرة: من الآية91).
هل استمر الحديث معهم في موضوع، [لكن الله هو كذا، ومحمد هو كذا، والأدلة قد قامت على محمد، وقد ثبت على أنه من عند الله] وأشياء من هذه! انطلق إلى فضحها من خلال معاملتهم مع ماذا؟ مع ما يدعون أنهم مؤمنون به. هنا نقول: إيمانكم رأينا ماذا تجلى عنه: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (البقرة: من الآية93).
هناك دعايات أخرى تأتي داخل القرآن الكريم يحكيها عن آخرين، قد تكون أحيانًا ليبين لك بأنهم فكروا أن يقولوا هكذا، وأحيانًا قد يعرض عنها يعرض عنها بأي اعتبار كان.
إذًا هذه تلمس بأنها مقولة ساروا عليها، ورسخوها فعلًا داخل اليهود. نحن كنا نسمع عن اليهود هنا في اليمن مثلما قلنا سابقًا بأنهم يقولون: [نبيكم محمد نبي لكم، والقرآن كتابكم، ونحن معنا الذي أنزل علينا لوحدنا]، وأنهم أوصلوا في الأخير ـ لخطورة المسألة ـ أوصلوا المسلمين إلى أن ينظروا إليهم فعلًا كأناس هم أصحاب دين، وأصحاب كتاب، وأصحاب نبي لهم، وهذا لنا! أليست هذه خطيرة؟ انبنى عليها في الأخير، في العصر هذا، بعد أن قدموهم وهم مساوين لنا، قدموهم [معهم نبي، ونحن معنا نبي، معهم كتاب، ونحن معنا كتاب، هم أهل دين، ونحن أهل دين]، ألم يقدموا بهذا الشكل؟ إذًا نؤمن بهم على هذا النحو!.
هذا أثر من آثار المقولة هذه التي رتبوها هم من البداية، ثم في الأخير قبول بهم، قبول بهم! مع أنك تجد القرآن لا يقبل بهم إلا بأن يؤمنوا على هذا النحو الذي قدم، قضية يؤمن بها الناس جميعًا، وهم ليسوا استثناء من الناس، لا هم، ولا النصارى. وفي الأخير قدم الموضوع عمليًا بأنه: نثقف نحن لنقبل بهم، نتسامح معهم، وهم يتآمرون! نقبل بهم وهم يرفضوننا، نتسامح معهم وهم يحاربوننا، نقبلهم وهم رافضون! وفي الأخير ماذا؟ نقبلهم أن يتحكموا في تثقيفنا نحن، وأن يحتلوا بلادنا نحن، وهم في نفس الوقت لا نحاول أن نقول لهم: إذًا تعالوا لتؤمنوا بما أنزل علينا بأنه من عند الله. لأن عبارة: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} ليس فيها إقرار بأن ما أنزل على المسلمين، على محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) بأنه من عند الله.
لاحظ أليست هذه المغالطة موجودة الآن داخل وسائلنا التثقيفية وبعض علماء من علمائنا، ومثقفين، الذين يكونون في اتجاه الأنظمة الحاكمة الذين يحاولون بأي طريقة أن يقوا أنفسهم شر أمريكا إذا بالإمكان أن تقبل؟ يحاولون يثقفوننا بهذا الشكل: [كلها ديانات سماوية واحدة] كما يقولون.
إذًا هل بإمكانكم أن تأخذوا من اليهود اعترافًا بأن القرآن هو من عند الله؟ وبأن محمدًا هو نبي من عند الله ؟ وأن الإسلام هو دين من الديانات السماوية؟ هم لا يفكرون في هذا! فقط أصحابنا الذين يحاولون أن يفرضوا علينا القبول بالآخر، والإعتراف بأنه صاحب ديانة مستقلة، لها شرعيتها، وهي مقبولة. لا يفكرون بأنه: إذًا إجعلوهم يعترفون بالإسلام بأنه دين سماوي، يعترفون بالقرآن بأنه نزل من عند الله، ويعترفون بمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه رسول من عند الله! لا يعملون هذه أبدًا.
فلما كانت هذه المقولة هي مظنة أن تترك أثرًا كبيرًا سيئًا كان التقديم لها هنا بالشكل الذي أيضًا يفضحها، ويعلم الناس كيف يواجهون مثلها. هذا يؤكد لك فعلًا أن القرآن الكريم هو نزل من عند من يعلم السر في السموات والأرض الأشياء التي قد تكون مؤثرة يعطيها اهتمامًا كبيرًا هنا في كيف تفضح، لم تهتم القضية [بالجدل المنطقي] الذي يسمونه، أن تنطلق للبرهنة على أن هذا من عند الله، وقد قال عنهم بأنهم عارفون أنه من عند الله، فقط تفضحهم في هذا، أتركها تظهر بأنهم كاذبون فيها من خلال تعاملهم على طول تاريخهم مع أنبيائهم وما كان ينزله الله عليهم. أليست القضية انتهت إلى فضح لهم ؟ {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (البقرة: من الآية93).
تجد أثرًا آخر في موضوع النفسية أعني الفارق الكبير بين ما يتركه الإيمان الصحيح الهدى من الله، من طمأنينة لدى الإنسان بحيث يصبح في موضوع الموت، مستهينا بقضية الموت؛ لأنه لا يمثل الموت عنده قضية، يعرف هو على طريق هدى، وعلى طريق حق، الجنة هذه هي غايته. أعني: أن الإنسان يصل إذا كان متفهمًا يصل إلى معرفة بأن الطريقة التي هو عليها هي الطريقة التي رسمت لتكون غايتها الجنة ، هي الطريقة التي يحظى في السير عليها برضوان الله.
هذه الحالة لا يمكن أن تحصل مع أطراف أخرى مهما حاولوا أن يضفوا على طريقتهم من طمأنينة، أو على نفسياتهم لا يمكن، يحصل حالة من القلق تفضحهم على الرغم من أنهم يدعون أن الدار الآخرة لهم: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (البقرة: من الآية111). اليهود يقولون: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا، والنصارى يقولون: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيًا! {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ} (البقرة: من الآية94) كما تدعون أنتم، فالشيء الطبيعي كيف تكونون؟ فالشيء الطبيعي ألا يكون الموت يشكّل عندكم قضية {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: من الآية94). هذا يوجه إلى ما يفضحهم وأن هذا الافتراء ناتج عما تعيشه نفسياتهم من القلق وعدم الطمأنينة {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة: من الآية94).
من هدي القرآن الكريم ،
سورة البقرة ، من الآية (67) إلى الآية (103) [الدرس الخامس] ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي بتاريخ: 5 رمضان 1424هـ  الموافق:29/ 10/2003م
اليمن ـ صعدة

مقالات ذات صلة