كواليس ما قبل العاصمة .. الأهداف الخفية للعدوان السعودي
كتبه / عبدالمنان السنبلي
على الرغم من حجم التغطية الدعائية الضخمة المصاحبة و المساندة لعمليات تحالف العدوان السعودي المسماة “عاصفة الحزم” منذ انطلاقها في 26 مارس 2015 إلا أنها لم تستطع اخفاء الأهداف الحقيقية لهذه العاصفة وادواتها السرية.
من السذاجة بمكان تصديق ما اشاعته الماكنة الدعائية للعدوان السعودي بأنها جاءت دفاعا عن شرعية الفار هادي أو نجدةً لمحسن او المخلافي أو ان سلمان قد حشد الدول و جيش الجيوش و أنفق مليارات الدولارات حباً في الشعب اليمني الذي استكثروا عليه يوماً ضمه إلى مجلس التعاون الخليجي أو إيثاراً لمصلحته الوطنية العليا.
بطبيعة الحال الهدف الحقيقي للعاصفة هو تدمير اليمن أرضاً و إنسانا، لكن السؤال هنا الذي يفرض نفسه هو : لماذا اداروها بهذه الوحشية وبهذا القدر من الحقد الظاهر؟
في الواقع يتلخص السر في أمرين، الاول: تنفيذ عملية استعراضية خاطفة تعكس حجم المستوى العالي الذي وصلت إليه القوات المشاركة و خاصةً السعودية منها و الإماراتية و ذلك في رسالة واضحة تستهدف بالدرجة الأساسية غريمهما التقليدي (إيران) الآخذة قدراتها العسكرية في التمدد و النمو المتسارع .
الأمر الثاني: القيام بعملية استباقية تكتيكية تواجه تداعيات أي قرار محتمل لايران بإغلاق مضيق هرمز بما يمكن السعودية من الحصول على منفذٍ لها في البحر العربي يمتد من السعودية جنوباً ويدخل في الأراضي اليمنية بالموازاة مع الشريط الحدودي العماني مع اليمن لضمان استمرار تدفق النفط السعودي و الخليجي، و في نفس الوقت القيام بتأمين منطقة تجارة حرة في عدن بديلة يمكن ان تحل محل دبي في حالة مضى الإيرانيون في تنفيذ تهديدهم بإغلاق المضيق خصوصا وأن عدن تتمتع بموقع استراتيجي فريد من نوعه ولضمان بقاء عدن بعيدة عن مسرح المنافسة مع دبي في الظروف العادية و ذلك عن طريق بقاء التدخل الإماراتي قريباً منها لإعاقة أي خطط مستقبلية لتنمية و تطوير منطقة عدن الحرة.
بمشاركة الخبراء الأمريكيين تم إقرار و اعتماد الخطة السرية التي من خلالها سيتم الوصول إلى تلك الأهداف المشار إليها آنفاً، حيث أنه كان من المقرر لهذه العاصفة وفقاً للخطة المقرة أن تمر بثلاث مراحل أساسية تتم بشكل سريع و خاطف الأمر الذي سيعطي انطباعا عن مدى تطور و ضخامة القدرات السعودية و الإماراتية على وجه التحديد .
المرحلة الأولى:
مرحلة الضربة الأولى و التي تعتمد على الضربات الجوية المباغتة و الموجهة المستخدمة لأحدث الطائرات و القنابل الأمريكية الصنع و المعززة بتوجيه الأقمار الصناعية و ذلك لشل القدرات الدفاعية و الصاروخية اليمنية و ضرب الأهداف و المنشآت العسكرية و الاقتصادية اليمنية الحيوية جملةً واحدةً في غضون مدة زمنية محددة لا تتجاوز الاربع و عشرين ساعة الاولى من عمر العاصفة بما يمهد الطريق للبدء الفوري للمرحلة الثانية من الخطة العملانية المقررة و هذا ما يفسر خروج المتحدث باسم التحالف أحمد عسيري في اليوم الأول معلناً تدمير ما نسبته 98% من القدرات الدفاعية و الصاروخية اليمنية بما فيها الصواريخ الباليستية .
المرحلة الثانية:
مرحلة الاجتياح الواسع للأراضي اليمنية بما يمكن القوات المتحالفة من الوصول إلى العاصمة صنعاء في غضون سبعة أيام و من ثم الوصول إلى صعدة في يوم العاصفة العاشر على أكثر تحديد و الذي سيعلن في نهايته عن الانتهاء من استكمال مهام العاصفة العسكرية و الانتقال في اليوم الحادي عشر الى المرحلة الثالثة و الاخيرة .
المرحلة الثالثة (إعادة الأمل):
في حقيقة الأمر لم يكن المقصود بإعادة الأمل هنا تلك العملية التي اعلن عنه المتحدث بإسم قوات التحالف أحمد عسيري تحت نفس المسمى في 21 إبريل 2015 و التي جاءت كنوع من التضليل و الإيهام للراي العام بتحقيق شيء أو تقدمٍ فيما يخص العاصفة ثبت بطلانه لاحقاً، و إنما يقصد بها المرحلة التي ستعقب الانتهاء من العمليات العسكرية و التي تتمثل في عملية إعادة الخارطة السياسية و الجغرافية اليمنية بما يتناسب مع الأهداف و الأطماع السعودية و الإماراتية على وجه الخصوص في اليمن عن طريق :
– الاجتثاث و الاستئصال بشقيهما الخشن و الناعم؛ يستهدف الاجتثاث الخشن بطبيعة الحال قيادات الصف الأول لأنصارالله و المؤتمر الشعبي العام إما بالتصفية الجسدية او بالاعتقال و المحاكمة الصورية التي تنتهي بعملية الإعدام .
أما الاجتثاث الناعم فيتمثل بعملية إجتثاث واسعة لمنتسبي الجهاز الإداري للدولة المحسوبين على المؤتمر الشعبي العام و أنصارالله و من يدور معهم في نفس الرحى و إحلال كادر إداري جديد يدين بالولاء لهادي و من معه بموجب قانون يستصدره هادي في هذا الشأن بالتوازي مع قانونٍ آخر لحل الجيش اليمني و تسريح منتسبيه على غرار ما حصل للجيش العراقي عقب الإحتلال الأمريكي للعراق في 2003 .
– إطلاق عملية سياسية صورية يتم من خلالها تقاسم النفوذ بين القوى الموالية للسعودية و الإمارات بحسب ما تحدده السعودية نفسها و حلفاءها لكل طرف و بما يضمن بقاء اليمن تحت الوصاية السعودية و الإماراتية و خاضعة لهما خضوعاً تاماً من خلال حكام اليمن الجدد و الذين سيتم اختيارهم بعناية و إنتقائية فائقة من قبل السعوديين و الإماراتيين أنفسهم ، يتزامن مع ما سبق إطباق الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني بما يشدد الخناق عليه و يجبره على الركوع و الاستسلام .
من هنا يتبين حقيقة هذه العاصفة المشؤومة و النيات السيئة لمطلقيها و عرابيها و يتأكد كذلك أن لا مصلحة لأي يمني من وراءها بما في ذلك هادي نفسه و زمرته كما يتأكد أيضا أنه لولا صمود الشعب اليمني و ثباته الذي افشل هذه المؤامرة و جعل من قوى العدوان يتخبطون و يعيدون النظر في خططهم و استراتيجيتهم لكانت اليمن اليوم قد تجزأت إلى أكثر من ست دولٍ متناحرة تحارب بعضها بعضا و تتآمر على بعضها بعضا لمصلحة السعودية و الإمارات و من وراءهما.