? (إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات)

ما هو حكم إطلاق الأعيرة النارية جواً في المناسبات..
الجواب وبالله التوفيق:

إطلاق الأعيرة جواً في المناسبات بأنواعها وفي غير المناسبات لا لغرض وجيه لا يجوز لما فيه من تعريض الأنفس التي حرم الله للإزهاق وهذا أمر معلوم وقد حدث مراراً وتكراراً وذهب ضحية هذا الطيش واللعب أنفس كثيرة وهذه الأنفس البريئة ستأتي يوم القيامة تأخذ بتلابيب قاتليها تقول يا رب سل هذا فيمَ قتلني، ولن يجد فاعل ذلك يوم القيامة ما يقول إلا الندم والأسف ساعة لا ينفع الندم.

ولما في ذلك من الإسراف والتبذير وكلاهما حرام قال تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ وقال: ﴿وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾.

ولما في ذلك من إفزاع الناس وإخافتهم وإقلاق السكينة سيما في أوضاع كالتي يعشها البلد اليوم، ومعلوم أنه لا يجوز ترويع المسلم وغير المسلم بغير وجه حق، وقد ورد في الحديث عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ « لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً» وورد أيضاً: «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه» وهذا لا شك فيه من حيث الإخافة ومن حيث تعريض الناس إلى القتل، وورد «لا تروعوا المسلم فإن روعة المسلم ظلم عظيم» ، «ومن أخاف مؤمناً كان حقاً على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة».
ولما في ذلك من العُجب والسمعة والرياء، والكبر وكل هذه الأخلاق سيئة مذمومة منهي عنها.

وقد ورد في الحديث الشريف «لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك العجب» والمراد العجب بالطاعة، فكيف بالمعصية، وورد «من سمع سمَّع الله به ومن يرائي يرائي الله به وهذا أيضاً في الطاعة فكيف بالمعصية، وورد «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر».

والله تعالى يقول: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ ، ويقول تعالى:﴿وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ ومعلوم أن قصد الناس بالرماية الفخر والعجب والمباهاة والتعالي، وهذه الصفات والأخلاق الذميمة ليست من أخلاق المسلمين ولا من أوصافهم فقد قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً* وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً* وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾.

ولأن هذا من الفرح المبالغ فيه وقد نهى الله تعالى عنه بقوله: ﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً﴾ وبالجملة فهذه الأفعال ذميمة وسيئة لا يفعلها من يخشى الله والدار الآخرة وهي من البدع المذمومة التي أحدثها الناس في مناسباتهم وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وعلى الناس أن يتجنبوها ويحذروا منها وينهوا عنها حتى يكونوا أهلاً وموضعاً لرحمة الله تعالى ومغفرته والله تعالى أعلم.

فضيلة العلامة/ شمس الدين محمد شرف الدين (مفتي الديار اليمنية)

مقالات ذات صلة