بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، وبعد .
من تجاربي الشخصية مع مدعي العلاج بالقرءان الكريم، ومخرجي الجن، ومعالجي المس ونحو هذا من المسميات كفتش الكتاب وعلاج السحر وغيرها .
قُتِل أحد جيراننا في حادثة قبل حوالي سنتين، فاتصلَتْ بي زوجته بعد أيام شاكية وباكية أن ولدها تأثر على والده كثيرا، وأصابه جراء ذلك أثر نفسي كبير، وصار كالمجنون يجوب الشوارع ويعتدي على إخوته، ويلبث جل وقته في المقبرة على قبر والده فأخبرتها أن هذا أمر وارد وطبيعي جراء وفاة والده، وأثرٌ سيزول إن شاء الله، وأن عليها الاعتناء به والاهتمام بتغذيته، وعرضه على طبيب نفسي ،
كما عرضت عليها أن أزوره بحكم علاقتي به وأذكره بالله وأهون عليه من أثر الصدمة بما منَّ الله علي به من المعرفة البسيطة والمتواضعة وحذرتها كل الحذر ممن يسمونهم بالمعالجين بالقرءان، وأخبرتُها أن من عرفنا منهم مجرد دجالين وكذابين، وأنهم هم السحرة بأنفسهم، حيث يسلم لهم الضحية نفسه ومصيره ثقة بهم وبما يدعون من علاقتهم ومعرفتهم بالقرءان العظيم، وماهم إلا أشد أعداء القرءان وألد خصومه ؛
لأنهم يستخدمونه كمجرد شَرَكٍ ومصيدة يوقعون بها ضحاياهم من المساكين والبسطاء، ويخونون الأمانة بإعطاء الضحية ما يزيد من مرضه ويفاقم من حالته بخبث ودهاء بالغين وأساليب محكمة وإيحاءات نفسية خبيثة فيصفون له أدوية ووصفات يمزجونها بسموم ومواد خطيرة، لها آثار خطيرة على الجسم، تؤثر على الإدراك وتجلب الوسوسة والأوهام والصرع، ثم يعطونها له بصورٍ وأشكال مختلفة، كأدهان أو طعام أو شراب أو بخور، وما هي إلا الأسحار بذاتها وعينها وعندها تبدأ قصة الجنون الفعلية وتكتمل جميع أركانها، والتي هي :-
1: العامل النفسي المتمثل في الإيحاءات المتكررة والمتعاقبة من المعالج الساحر الدجال، من أن الضحية مصاب بالجان والمس والسحر ونحو ذلك
2: المواد المساعدة على خلق الأوهام والحالات المرضية التي يتم تفسيرها بالجن والسحر، كالصرع والوسوسة والضيق، والتي ما هي إلا نتائج لتعاطي سموم المعالج الدجال، بصور مختلفة كالبخور والدهان والطعام والشراب
3: ربط المعالج الدجال للضحية بمواعيد متلاحقة ومتكررة، ومتعاقبة بفترات تكفل تجديد مفعول سمومه لإبقاء ربط الضحية به، واستمرار استنزافه ماليا وكل هذه الأركان يسهل توفيرها من قبل المعالج الدجال بسهولة؛ كيف لا وقد سلم الضحية له نفسه ومصيره، وقَصَدَه سيرا على قدميه، وربما قصده بسفر بالغ الجهد والتكلفة والمشقة، ثقة به واعتقادا في قدراته ومعرفتة الكاذبة ***
المهم أن تمام القصة أن هذه الأخت تجاهلت النصح، ومرت الأيام، فإذا هي تتصل بي بعد حوالي أسبوع من اتصالها الأول، شاكية وباكية بمرارة أشد وأنكى، إذ كانت شكواها هذه المرة، أن الجنون بدأ يسري في الأسرة كلها، وقد أصاب الجنون ابنها الثاني فلما استفصلتها وسألتها هل ذهبت لدى أحد هؤلاء المجرمين، أنكَرَت بالطبع خوفا مني لأنها تجاهلت نصحي وتحذيري لكن بعد التواصل المباشر بأولادها وزيارتهم اتضح أنها فعلا تجاهلت النصح وذهبَت إلى أحدهم، فطلَبْتُ من الجميع أن يصفوا لي ما حدث على وجه الدقة، وبعد سماع القصة من الجميع والتحقيق في الأمر معهم كلهم، اتضح ما يلي، وكان كله كما توقعتُ جملَته تماما :
* أرسلَت هذه الأخت ابنها المريض الأول مع أحد أقاربها إلى أحد هؤلاء الدجالين على أنه معالج بالقرءان، والمصيبة الإضافية أنها أرسلت معه بقية أولادها .
* بدأ هذا الدجال يتلو القرءان على رأس المريض الأول، وينظر بنظرات الخبث واللؤم والريبة إلى ابنها الثاني، وكان هذا الثاني (مخزن) (يأكل القات)، فبدأ ابنها الثاني وكذلك الجميع بالقلق من هذه النظرات الشيطانية * قال المشعوذ الدجال للابن الثاني الصحيح، اذهب اذهب اذبل القات (يخرجه من فمه ويتمضمض وينظف فمه منه) وارجع بسرعة، بين اشك أن فيك بداية شي شوعه .
* ذهب الابن الثاني الضحية إلى حمام عيادة الدجال، ليفعل ما قاله له، وذبل القات وتمضمض ورجع
* لم يرجع الابن الثاني إلا وقد أصابه الدوار والغثيان وبعض الأعراض المريبة، ويبدو أن الماء المعد مسبقا من الدجال للمضمضة قد وضع به مواد سامة سريعة السريان في الجسم بمجرد وصولها إلى الفم وخاصة إلى تحت اللسان، حيث أنها منطقة سريعة الامتصاص لما في الفم
* طبعا قام الدجال بتفسير هذه الأعراض بالمس والسحر والجن، وقام بتفسير حدوث هذا للابن الثاني رغم أنه سليم بأن تلاوته على المريض الأول كشفَتْ وأخرَجَت مرضَ الثاني، وطلب من بقية الحاضرين ومن إخوته أن يحمدوا الله على هذه النعمة (أنه تم اكتشاف الأمر باكرا) حسب زعمه
* وقام الدجال فورا بالإمساك برأس الضحية (الابن الثاني السليم) وبدأ يتلو عليه القرءان، وسرعان ما بدأ يتفاقهم انتشار السم في جسم الضحية، إضافة إلى الحالة النفسية التي يضفيها هذا الدجال بتفسيراته الخبيثة، وبدأ يفسر تفاقم الحالة أنه بسبب تلاوته، وأن المس بدأ يخرج وطمنهم ألا يقلقوا
* زيادة في النكاية والخبث قام الدجال بمد الضحية، وسقاه زيتا من أنفه، ومن المؤكد أن هذا الزيت به مواد سامة وخبيثة تعين على تنامي الحالة وتطورها، فبدأ الصرع والتشنج
المهم أن هؤلاء المساكين وصلوا إلى هذا الدجال الخبيث بمتأزم نفسيا على وفاة والده (واحد فقط)، ولم يخرجوا إلا بمجنونين خالِصَيْن (اثنين) .
وبالطبع ومن المؤكد أن هذا الدجال قد حجز وقرر لهم موعدا آخر لمتابعة الحالة والتأكد من فاعلية علاجه، وكيف لايحدد موعدا، ومشواره وبداية قصة دجله على هؤلاء المساكين ابتدأت للتو
* بعد اتضاح الأمر لي جليا، قمت بتفسير كل ماحدث بما ذكرته آنفا، فاستعجب الجميع، وتناولوا كلامي بين مصدق ومكذب ومستغرب ضغطت على هذه الأخت وعلى جميع أولادها أن عليهم أن يصدقوني، وإلا فليعذروني من عرض مشاكلهم علي، وأنه لادخل لي بعد هذا سلَّمَت هذه الأخت لي الأمر تماما، وطلبت مني أن أنصحهم وأكَّدَت لي امتثال الجميع لما سأقول فطلبتُ منهم ألايرجعوا إلى هذا الدجال مهما تطورت حالة الضحيتين ولو حلقوا فوقهم جن العالم ودخلوا فيهم أباليس الأرض كلها، وأن عليهم عرضهم على أطباء مختصين، وطمنتهم أن السموم (الأسحار) التي أعطاهم إياها هذا الدجال ستزول من الجسم تدريجيا، إذا لم يذهبوا إليه لتجديدها، ونصحتهم بالإكثار من الماء كعامل مساعد ومسرع لإخراج السموم وطردها من البدن .
امتثَلَت هذه المرة لنصحي والآن ابنها المريض الأول طالب مجتهد بالجامعة وبخير متعافي وكل يوم بيدخل هو بنفسه وسط جني لما يطلع روحه
والثاني طالب كذلك، وبخير مثل الريال، وقد جن صنعاء بيهربوا منه يسلمهم أذيته ولايدخل وسطهم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله