بعد إيران ولبنان.. هل يطال الغضب السعودي العراق قريبا؟
متابعات _ تهامة نيوز
تتبع السعودية سياسة متهورة، فتحت عليها العديد من الجبهات، مثل تلك التي تشهدها اليمن وسوريا، الأمر الذي ورطها في العديد من الصراعات مع دول المنطقة، وعلى رأسها إيران ولبنان، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول الدول التي تستهدفها السعودية خلال حملتها العدائية التي تشنها ضد بعض الدول العربية. وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال: هل العلاقات المتوترة بين المملكة والعراق ستدفع باتجاه نزاع كبير بين الدولتين؟
علاقات وليدة
العلاقات السعودية العراقية مرت بالعديد من مراحل العداء، حيث شهدت قطيعة تامة عام 1990 عندما أقدمت العراق على غزو الكويت، وهنا رفضت السعودية وجود سفارة لها ببغداد، وبعد 25 عامًا من القطيعة قررت دبلوماسية البلدين إعادة العلاقات إلى طبيعتها ديسمبر الماضي، فأعادت الرياض افتتاح سفارتها ببغداد، وتسلم السفير السعودي لدى بغداد، ثامر السبهان، مهام عمله في 30 ديسمبر 2015.
إعدام النمر.. خطوة للخلف
بعد أيام من عودة العلاقات بين البلدين، وبالتحديد في مطلع العام الجديد الذي استهلته السعودية بإعدام الشيخ نمر باقر النمر، بدأت العلاقات السعودية العراقية تأخذ خطوة إلى الخلف من جديد، ففي الوقت الذي أعربت فيه معظم الدول العربية والخليجية عن دعمها للخطوة السعودية، غردت العراق خارج السرب، واستهجنت قرار الإعدام، حيث أعربت وزارة الخارجية العراقية عن استنكارها للإعدام الجائر بحق النمر.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد جمال: إننا إذ نستنكر هذه الفعل نؤكد أن تهمة الإرهاب التي أعدم بسببها كان لابد أن توجه للعناصر الإرهابية المجرمة من عصابات داعش وغيرها، لا إلى المعارضين بالرأي والكلمة والمعبرين عن إرادة الشعوب. وأكد المتحدث أن القيام بإعدام عالم دين معارض ومسالم وغض الطرف عن العديد من علماء الدين الذين يصدرون العشرات من فتاوى التكفير والقتل والموت والممولين للإرهابيين بالمال والسلاح هو تمييز طائفي واضح لن يخدم حالة الاستقرار في المنطقة، ولا السلم الأهلي بين شعوبها.
الجامعة العربية.. تحفظ عراقي
مع دخول الأزمة الإيرانية السعودية المرحلة الأخيرة، وقرار المملكة قطع العلاقات مع طهران نهائيًّا في 4 يناير الماضي، وانضمام بعض الدول الخليجية لها، وجد العراق نفسه في موقف محرج على خط الأزمة، فهو حليف لإيران ويرتبط معها بعلاقات دبلوماسية قوية، وفي نفس الوقت حريص على العلاقة مع الرياض التي ما لبثت أن عادت إلى طبيعتها.
في 10 يناير الماضي تبنت جامعة الدول العربية قرارًا بالإجماع لإدانة تدخل إيران في الشؤون العربية، وحينها تحفظت الحكومة العراقية على عدد من بنود القرار، وقال وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، إن وفد بلاده رفض إدانة الجامعة العربية لإيران الدولة، وإنما أدان الاعتداء على سفارة السعودية، مشيرًا إلى تحفظات عراقية على عدة نقاط في البيان الختامي للجامعة.
السفير السعودي يؤجج التوتر
في 23 يناير الماضي قال السفير السعودي ثامر السبهان، في حديث له على إحدى القنوات العراقية، إن رفض الكرد ومحافظة الأنبار دخول قوات الحشد الشعبي إلى مناطقهما يبين عدم مقبوليته من المجتمع العراقي، وأضاف أن قوات الحشد الشعبي يجب أن تترك قتال المتشددين للجيش العراقي وقوات الأمن الرسمية. في إشارة واضحة لضرورة حل الحشد الشعبي.
تصريحات السبهان أججت وقتها التوتر بين المملكة وبغداد، وأثارت موجة من ردود الفعل الغاضبة من الحشد الشعبي ونوابه في البرلمان العراقي، الذين اتهموا السفير بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، وطالبوا بطرده من البلاد، إضافة إلى ذلك جاء الموقف العراقي الرسمي، حيث استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير السعودي في اليوم التالي؛ لإبلاغه احتجاجها الرسمي بخصوص تصريحاته، وفي ذات اليوم خرجت وزارة الخارجية العراقية ببيان أكدت فيه أن حديث السبهان لا يعبر عن الموقف الرسمي للسعودية، وأن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رفض تصريحات سفير بلاده في بغداد، وهو ما نفته المملكة فيما بعد، مؤكدة أن ما نسب من تصريحات لوزير الخارجية السعودي في البيان الصادر عن الخارجية العراقية، بشأن حديث السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان لوسائل إعلام عراقية غير دقيق، الأمر الذي شكل دعمًا سعوديًّا غير مباشر لتصريحات السبهان التي أغضبت الشارع والساسة العراقيين وإحراجًا سعوديًّا للخارجية العراقية.
رعد الشمال يثير عاصفة عراقية
في منتصف فبراير الماضي، وبمجرد إعلان المملكة عن نيتها إجراء مناورات على حدودها الشمالية مع العراق، تصاعدت حدة الاعتراضات العراقية على هذه الخطوة، على اعتبار أنها تصب في خانة التدخل بالعراق، وتأتي في الوقت الذي تواردت فيه معلومات عن نية السعودية الدخول إلى الأراضي السورية عبر العراق، الأمر الذي زاد من حدة الاعتراض، ودفع وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، إلى التعبير عن رفض بلاده أي مناورات عسكرية تقوم بها الدول المجاورة وتهدد أمن بلاده مع قوات دول أخرى في منطقة حفر الباطن قرب الحدود العراقية، وقال الجعفري: نرفض أي مناورات تهدد أمن العراق الداخلي، مضيفًا أن العراق لا يمكن أن يفرّط بسيادته، ويرفض أي تدخل أجنبي في أراضيه.
الداخلية العرب.. وتحفظ عراقي جديد
أعلن وزراء الداخلية العرب أمس حزب الله اللبناني جماعة إرهابية، واتهموه بزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية، فيما جاء موقف العراق متناغمًا مع موقفها في جامعة الدول العربية، حيث تحفظت على القرار، وانسحب وزير الداخلية العراقي، محمد الغبان، من الاجتماع الذي عقد في تونس، وقال الغبان بعد انسحابه من الجلسة: نحن هنا لمناقشة خطط مشتركة للتصدي للإرهاب، ووضع استراتجيات عمل، وتنسيق الجهود، لا لإصدار بيانات سياسية لخدمة أطراف سياسية معينة، وأضاف أنه رفض تصنيف حزب الله جماعة إرهابية؛ لأنه موضوع خلافي يفجر مزيدًا من المشاكل في المنطقة العربية، قائلًا: إن مكان البلاغات السياسية ليس مؤتمر وزراء الداخلية العرب.
هل تكون العراق المحطة القادمة؟
على الرغم من تجنب المملكة التعقيب على أي من المواقف العراقية السابقة، إلا أن لهجة العداء باتت واضحة بين الطرفين، وكأن التوتر قد عاد من جديد إلى ما كان عليه في سنوات القطيعة، لكن دون أن يخرج للعلن، لا سيما وأن هذا التوتر يأتي في وقت تشن فيه المملكة حملة عدائية مسعورة على بعض الدول العربية، والتي بدأتها بلبنان التي أوقفت دعم جيشها، الأمر الذي يدفع للتساؤل حول: هل ستكون العراق المحطة القادمة في تصفية الحسابات مع السعودية؟ وهل ستعود المملكة إلى ملفات بغداد القديمة، وتبحث لها عن نقاط تكون بداية لشن حرب عدائية ضدها، تجر فيها الدول العربية والخليجية إلى قطع العلاقات مع الجارة العراقية؟ وفي هذه الحالة هل يمكن للمملكة أن تستخدم أوراق النفط وداعش للضغط على العراق من أجل تسريع تفكيكها وانهيارها؟