ماذا يجري داخل أسوار قصر اليمامة؟
نقلاً عن العهد
حمزه الخنسا
لا تجري الرياح كما تشتهي سفن آل سعود الغارقة في أكثر من مستنقع في المنطقة. ميادين الصراع المفتوحة في اليمن والعراق وسوريا وغيرها، تأتي يومياً بأنباء كارثية. زاد طين المعارك بلّة، دخول الاتفاق النووي الإيراني حيّز التنفيذ، ورفْع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وكل دول العالم عقوباتها الاقتصادية عن إيران. المليارات الآتية الى الخزينة في طهران، تعاني خزينة الرياض من الشحّ فيها. هناك في السعودية مَن لم يصدّق بعد أن الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية قد تمّ تنفيذه فعلاً!
الحديث عن خلافات بين الأخوة والأحفاد لم يعد مقتصراً على تسريبات من هنا وتقارير من هناك. يزداد سوء العلاقة بين آل سعود سوءاً في كل يوم تتثبّت فيه الخسائر السياسية والمادية السعودية، والتي تطفو على الوجه جرّاء سياسة الفريق الحاكم. أكثر ما يقلق آل سعود، تسرّب التململ الى الجمهور الذي ما برح يعلن الطاعة العمياء تحت تأثير الفتاوى الوهابية.
تقول مصادر مطّلعة عن كثب على أحوال المملكة، لموقع “العهد الاخباري”، إن العشوائية في اتخاذ القرار تسيطر عن الموقف هناك. تؤكد المصادر صحّة التسريبات عن خلافات بين أركان الحكم. ولي العهد محمد بن نايف، لا يأمن جانب ولي ولي العهد محمد بن سلمان. التنافس أساسه تجاذب السلطة، ومَن يتّخذ القرارت المهمة. الشعور بأن ابن الملك يريد التخلّص من “القوي”، موجود ودائم، تعزّزه خطوات التقارب بين بن نايف وأبناء الملك الراحل عبد الله، خصوصاً متعب، لضمان مصالحهما وحضورهما.
إحدى نتائج العشوائية والتنافس كانت قرارات كبرى، أبرزها قرار اغتيال الشيخ نمر باقر النمر إعداماً. تقول المصادر إن بطل هذا القرار هو محمد بن نايف، الذي أراد شدّ عصب المتشدّدين داخل المملكة عبر صراع مذهبي مع إيران من جهة، ومن جهة أخرى إحراج الملك ونجله، خصوصاً بعدما كان الملك قد أعطى ضمانات لجهات عربية ودولية بعدم تنفيذ حكم الإعدام بحق النمر. بن نايف ظلّ، الى وقت قريب، يعتقد بأنه المفضّل لدى الأميركيين نظراً لتاريخه معهم. أخيراً بدأ ولي العهد وزير الداخلية، يشعر بأن الأميركيين يتعاطون مع ولي ولي العهد وزير الدفاع، على أنه رَجُل القرار في المملكة، ولو كان هذا التعامل قائماً بحكم الأمر الواقع.
الأكثر وجعاً بالنسبة الى السعوديين هو صورتهم أمام “عدوّهم اللدود” إيران. قرار فتْح باب المواجهة مع إيران يحتل حيّزاً واسعاً من الجدالات والمحاججات بين الأمراء السعوديين. تقاذف الاتهامات بالفشل في مواجهة “الأطماع الإيرانية”، وصل الى حدّ التشكيك في صوابية توقيت الهجمة على إيران. ثمّة في السعودية مَن بدأ يشكّك في كل قرار. يقول المشكّكون إن توقيت الهجمة على إيران خاطئ، فالجمهورية الإسلامية كانت منذ أشهر على موعد مع اللحظة التاريخية التي يُعلَن فيها عن رفع العقوبات عنها، فيما فشلنا نحن في عرقلة هذا الإنجاز.
في قمّة الصعود الإيراني، أعلنت السعودية عن الميزانية الجديدة للعام 2016 بعجز بلغ 327 مليار ريال ( نحو 87 مليار دولار). إيرانياً وبلغة الأرقام، سيتيح الاتفاق النووي لإيران زيادة إنتاجها، وبالتالي صادراتها، من النفط بنحو مليون برميل، لتصبح نتائج لعبة خفض الأسعار عكسية بالنسبة للسعودية. وفق الأرقام الأولية المتداولة، ستحصل إيران على 400 مليون دولار مجمّدة في الولايات المتحدة منذ أيام الشاه، وفوقها 1.7 مليار دولار فوائد متراكمة على المبلغ، إضافة الى مبلغ قد يصل الى 150 مليار دولار محتجز في المصارف الغربية، ناهيك عن ضعف هذا المبلغ سيُجنى من الاستثمارات المتوقعة. إضافة الى انتصارات الحلفاء في الميدان السوري والعراقي واليمني. ما يُقلق أصحاب القرار في السعودية هو أن إيران، رابع احتياطي نفطي في العالم، وثاني احتياطي عالمي من الغاز الطبيعي، ستصبح حرّة التحرّك في الأسواق العالمية.
ظَهَرَ بين أعضاء العائلة الحاكمة مَن يقول إن “قراراتنا مبنية على ردّة فعل عاطفية عصبية”، لا على دراسة ونظرة استراتيجية. لا همّ إنْ كان هذا القول هو في أساسه مبنياً على ردّة فعل قائمة على الصراع الداخلي على المناصب. المهم أن كلاماً كهذا بدأ يُسمَع صداه ويؤسّس لحالة رفض تتوسّع مع ظهور تكتّلات “أميرية”. أبناء الملوك الراحلين وخصوصاً أبناء عبد الله، يشعرون بالتهميش. تكتّل المهمّشين ضماناً لمصالحهم بدأ يصبح واسعاً. يعزّز الشعور بالتهميش هذا، ما يُسرَّب، على شكل تقارير غربية وتغريدات داخلية، عن نيّة الملك التخلي عن العرش لابنه محمد، وبالتالي ينقل سلمان وجهة الخلافة من “الإخوة”، أبناء عبد العزيز المؤسّس، الى “الأبناء” بداية من ابنه محمد.