قلبي حريق على فؤادي..
يحيى قاسم المدار
قالها وهو ممسك بما تبقى من ولده الذي كان ما يزال في بطن أمه قبل استشهادها، بفعل غارات طيران العدوان السعودي الأمريكي على منزله في منطقة (يختل) في مديرية المخأ بمحافظة تعز، إنه الحاج المواطن عبدة على سنان حلمي صاحب المنزل الذي قضى فيه تسعة شهداء جلهم نساء وأطفال، منهن 6 نساء عمرهن لايتجاوز 18 سنة وامرأة كبيرة في السن، وثلاثة أطفال بينهم طفل في بطن أمه لا يتجاوز السبعة أشهر، رددها ذلك المواطن المسكين مراراً، عل إذنا تسمع نداه المشحون بالمرارة، مخاطبا ضمير العالم الصامت المتفرج عن كل تلك الجرائم التي ترتكب بحق اليمنيين دون ذنب اجترحوه، ليستحقوا مثل هذه الإبادة والقتل بالجملة..
الوالد عبده حلمي.. قال: أنت موجود يا أرحم الرحمين يا الله، بعد أن عرف ألا أحد سيجيب نداه وآهاته وكلماته المملوءة بالحزن والحسرة على بيته المتواضع وأسرته التي مزقتها غارة العدوان على حين غرة، ودون سابق إنذار، لم يرتكب ذلك المواطن وأسرته ذنبا بحق أحد، لكنه تواجد في أرضه وماله وله الحق أن يعيش فيها أنى يشاء.. قبل أن تباغتهم صواريخ العدوان بحقدهم وإجرامهم وتوحشهم للقضاء على الحياة..
لم يخطر في بال الحاج عبده حلمي يوما أن يرى ذلك المنظر في أسرته، لم يصدق أن عدوا مجرما بحجم السعودية وأمريكا ومرتزقا في مكان ما.. كانوا يخططون لقتله وأسرته وآلاف الأسر في اليمن، بشرهٍ وتعطشٍ لدماء وأشلاء الأبرياء دون رحمة أو خوف من أحد..
غيابه عن أسرته وبحثه عن لقمة العيش ليسد رمقهم ويشبع جوعهم، صحيح أنقذ حياته، لكنها ستظل حياة الوحدة والغربة والفرقة التي ستلازمه ما بقي حياً، حاملا معه ذكريات الوجع والألم والحسرة في فؤاد مزقته غارات العدوان السعودي الأمريكي وقضت على كل أحلام الطفولة التي كانت تحملها بناته وأبناءه الذين تناثرت أجسادهم الصغيرة والنحيلة في كل أرجاء ذلك المكان الذي عاشوا معه وتعايشوا فيه رغم قساوة الحياة ومرها، لكن قد ألفوه كيف كان..
المواطن المسكين عبده حلمي واحد من بين آلاف اليمنيين الذي فقوا أسرهم ومنازلهم بفعل غارات تحالف العدوان على اليمن في كل قرية ومدينة في اليمن، كل بيت وكل أسرة لحقتها الآلام وسكنتها الأحزان من فراق قريب أو صديق قتلته طائرات التحالف الإجرامي بالفعل المباشر وغير المباشر، زرعت في نفوس اليمنيين جميعا أوجاعا وقضت على كل الأحلام والتطلعات، وشوهت كل جميل في هذا الوطن..