تقرير: ماراثون العضلات في الجنوب.. تقاسم للنفوذ أم خندق للمواجهه؟

[13/مايو/2017م]

تهامة نيوز – تقرير :

أســباب كثيرة دعــت الحاكم الإماراتــي الانقلابي محمد بن زايد لدعــم مجلس انتقالي جنوبي أولهــا وقوفه عاجزا أمــام الإطاحة بنفــوذ الفار هادي ونفــي شرعيته وحكومته العميلــة الملغمة بقيــادات تنظيم ” الإخــوان” بعدما صال وجــال في عواصــم العالــم داعما ذرائــع عدوانــه الهمجي على اليمن وأهدافه في إنهاء ما يســمونه ” الانقلاب وإعادة الشرعية”.

بدا ذلــك واضحا في صياغة البيان الــذي اعلنه محافظ عــدن المقــال عيــدروس الزبيــدي بصيغــة قــرار يفتقد إلى الأرضية الدستورية والقانونية القرار والذي تجنب الإشارة إلى الفــار هادي وشرعيته بصورة واضحة مكتفيا بالحديث عــن مجلــس انتقــالي يمثــل الجنــوب داخليــا وخارجيا، والمرجح أنهــم ارادوا بــ “داخليا” محــاصرة الفار هادي في التعيينــات والقــرارات في المحافظات الجنوبيــة الخاضعة للاحتــلال والحد من قدرة النظام الســعودي في اللعب على المتناقضــات، كمــا ارادوا بـ”خارجيــا ” التأســيس لتمثيل مســتقبلي للمجلس الانتقــالي الجنوبــي في أي مفاوضات وضمان مكان في أي تسويات قادمة.

يدعم ذلــك أن بيان الزبيدي لم يطــرح خيارات الحراك الجنوبي في فك الارتبــاط أو الانفصال كما تجنب الخوض في قضيــة “الجنوب العربي” تماما كمــا تجنب الخوض في تفاصيــل الدولة الاتحاديــة وعدد الأقاليم تاركــا هذا الأمر لأمنيات المفاوضات القادمة.

مــن الواضح أن الغــازي الإماراتي اســتخدم آخر أوراقه بدعــم تشــكيل المجلس الانتقــالي أيضــا لمواجهــة النفوذ السعودي في المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال من قوات الغزو الإماراتية ســعيا إلى قــوة ضغط داخلية توازي قوة الضغط التي يملكها النظام الســعودي المتمثلة بالفار هادي وحكومته العميلة.

ابقــي بيان عيــدروس الزبيدي حلقــة التحالف الأخيرة للعــدوان الســعودي الإماراتــي بإعلانه الواضح التمســك بتحالفه مع تحالف العدوان لمحاربة المد الإيراني والإرهاب وهي الحلقة الأضعف التي يسعى السعوديون والإماراتيون لتقويتها وابقائها في دائرة التنســيق المشترك للحفاظ على التأييــد الدولي من جهة والدعــم الأميركي والدولي والاممي المقدم لقطبي العدوان في عدوانهما الهســتيري على اليمن بما خلفه من تداعيات إنسانية خارجة عن السيطرة.

كان واضحــا أن التيار الغالب في قــوام المجلس الانتقالي الجنوبــي يمثلون الموالــني لقوات الغــزو الإماراتية في حني حســم الموالــون للنظــام الســعودي والفــار هــادي أمرهم ببيانــات أعلنــت تأييدها لشرعيــة الفار هــادي وحكومته العميلة، فيما امســك آخرون العصا من المنتصف معترفني بالمجلس الانتقالي والفار هادي وحكومته في آن.

غــير أن الإطار المعلــن للمجلس الانتقالي لــن يبقى عند ســقفه المعلــن إذ تبــني أن الكثير مــن المكونــات والفصائل المنخرطــة في الحراك الجنوبــي أقصيت تماما عن المجلس لتكون عــلى ما يبدو خــط رجعة لترجيح كفــة الميزان حال ظهور مفاجآت. توقيت إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن مفاجئا فهــو جاء محصلة لمؤشرات انهيار متســارع لكتائب محمد بن زايد في الجبهات الســاحلية، وتفاقم حال انعدام الثقة بــني كتائبــه وكتائــب المرتزقــة المواليــة للنظام الســعودي والفار هادي وحزب الإصــلاح، فضلا عن انه كان واحدا من تجليــات الصراع غير المعلن بني قطبي العدوان الســعودي الإماراتــي على النفوذ، في حــني ان الصدفة وحدها جعلته يأتي بالتزامن مع احتفالات الشــعب اليمني بذكرى العيد الوطني 22 مايو ذكرى إعلان دولة الوحدة.

عــلى الرغم مــن أن الغــازي الإماراتي دعم بقــوة خطوة هل حقق محمد بن زايد أهدافه ؟ الإعــلان عن المجلــس الانتقــالي الجنوبــي إلا أنــه تجنب الاعــتراف به رســميا لتعارض ذلــك مع ذرائعــه في المحافل الدولية وعواصم العالم بتأييد ما يسميه” الشرعية ” التي يمثلها الفار هــادي وحكومته، في حني أوفد أمس عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك إلى الرياض في رسالة تطمني.

ذلــك يؤكد أن المجلــس الانتقالي الجنوبي انشــئ لأداء وظيفــة محــددة وهي كبــح النفوذ الســعودي عبر تقليص صلاحيــات الفــار هــادي وحكومتــه في المناطــق الخاضعة للاحتــلال الإماراتي والتــي يعدها بن زايــد مناطق خاصة وقــد شرع فعــلا في إحداث تغييرات كبيرة فيها ولا ســيما في حضرموت وعدن ومحافظة ارخبيل سقطرى.

ومــع تحقيق محمد بــن زايد اهدافه هــذه إلا أن الطريق لا يبدو ســالكا أمامه في المحافظات الجنوبية كلها، إذ أعلن محافظــون ومســؤولون في بعــض المحافظــات الجنوبيــة تأييدهــم للفــار هــادي وحكومتــه العميلــة، ومواجهة أي مشاريع احادية.

وقياســا بمــا يخطــط لــه المجلــس الانتقــالي الأعلى في الجنوب وما ســيتاح لــه من قطبي العدوان، فــإن المؤكد أن هذا المجلــس واســتنادا إلى التأييد الداخلي، ســيكون أمام قائمــة اســتحقاقات بالغــة الأهميــة ومــن اليــوم وصاعدا ســيكون معنيا بوقف نزيف الدم الحاصل نتيجة استمرار تحالــف العدوان في تجنيد المليشــيا من أبنــاء المحافظات الجنوبيــة الذين يدفع بهم لخــوض حروبه في المحافظات الشــمالية ولا ســيما في الجبهــات الســاحلية.

ناهيك عن اســتحقاقات عدم التدخل في الحــرب العدوانية الخارجية عــلى اليمن خصوصــا وأن هذا المعطى لن يكــون بعيدا عن أي مفاوضات يخطط المجلس الانتقالي الجنوبي لأن يكون طرفا فيها مستقبلا.

يضاف إلى ذلك قضية صرف مرتبات الموظفني والحد من مفاعيــل الحرب الاقتصادية التي يشــنها تحالف العدوان الســعودي على اليمن وكذلك وقف المشاريع التي يدعمها العدوان لتأجيــج الفتنة الطائفيــة والمناطقية وهي ملفات يــدرك الكثير مــن الجنوبيــني أنهم وحدهم من ســيدفعون ثمنها بمجرد رحيل العدوان عن بلادنا.

يضــاف إلى ذلــك إدراكهم أن أي تأطير شــكلي للمجلس الانتقــالي المعلــن في حــدود معادلــة الــصراع الســعودي الإماراتــي ســيفضي إلى تداعيــات داخلية بالغــة الخطورة سيدفع أبناء المحافظات الجنوبية ثمنا باهظا لها.

لم تكن الســعودية بعيدة عن هذه التداعيات إذ سارعت رد الفعل السعودي وبصــورة غير مبــاشرة لإعــلان مواقــف ووضعــت خيارات للتعاطي مــع هذه المســتجدات عبر عنهــا الاجتماع الذي دعا إليــه الفار هــادي ليل الخميــس في الرياض، وخلص إلى قرارات برفض الإطار الــذي أعلن فيه المجلس الانتقالي كممثل للجنوب داخليا وخارجيا بل التعاطي معه بوصفه فاعلية سياســية ســلمية لها الحق في ممارسة نشاطها في إطار ما سماه “الشرعية”.

الاجتمــاع الــذي دعــت إليــه الريــاض للفــار هــادي ومستشــاريه لوح أيضا باســتخدام القوة بالتأكيد على ما ســماه وحدة الهدف الذي لأجله قامــت عمليات التحالف العربــي عاصفــة الحــزم وإعــادة آلامــل بإنهــاء الانقلاب واســتعادة الدولة وبسط سلطاتها على كافة التراب اليمني ” وأكــرث من ذلك وصفــه المجلس الانتقــالي الجنوبي بأنه” كيان مناطقي ” ودعوته “كل المسؤولني وغيرهم ممن وردت أسماؤهم في قوام المجلس الانتقالي الجنوبي” إعلان موقف واضح وجلي منه” في صورة بدت أشبه بتحذير نهائي.

وفي حني لم يخل بيان اجتماع الفار هادي ومستشــاريه من دعوة النظام الســعودي إلى الاســتمرار في عدوانه على اليمن “حتــى تحقيق كامل أهداف التحالــف” منح البيان أيضا الفار هادي صلاحية اتخاذ خطوات مشابهة بالتأكيد عــلى تفويضــه اتخــاذ “كافــة الإجــراءات الكفيلــة بتعزيز التوافق والســير صفــاً واحــداً لإنجاز المهمة الأساســية في إنهــاء الانقلاب” وهي الجملة التي أفصح بيان الفار هادي ومستشــاريه بأن خيار القوة سيكون ضمن خيارات أخرى لمواجهة الخطوات الإماراتية في المحافظات الجنوبية.

ورغــم الإشــارات الخطــيرة التــي حملهــا بيــان الفــار هادي ومستشــاريه فــإن ذلك لم يخف حقيقــة أن النظام الســعودي والفار هادي ابدوا اســتعدادهم لتقديم تنازلات بــدت واضحــة في البيــان الــذي اعلنه محافــظ حضرموت المــوالي للقــوات الإماراتيــة الغازيــة والمقــرب مــن النظــام السعودي والفار هادي والذي أعلن التمسك بشرعية الفار هادي وطالب بإنهاء الحرب والدخول في مفاوضات مباشرة مع مــن هم عــلى الأرض ” متحدثا بشــكل واضــح عن حل سياسي للمشكلة اليمنية بصيغة اقليمني شمالي وجنوبي.

وذكرت صحيفة  “الثورة” أن هــذا الإعــلان عــبر عــن رضــوخ الفــار هــادي للمواقف المناهضــة لمشروعــه في الأقاليــم الســتة والقبــول بمشروع الاقليمني والأكرث من ذلــك أنه أفصح عن محاولات للبحث عن مخــرج مشرف مــن النفق المظلــم بعدما تــورط بحرب عدوانية على اليمن لم تحقق أي أهداف سوى أنها فضحت شرعيته الزائفة التي خسرها في الشمال والجنوب في آن.

يضــاف إلى ذلــك ما حملــه بيان محافــظ حضرموت من محاولات لنقل مربع التدخل السعودي الإماراتي في اليمن إلى مربع جديد يتصدره وقــف العدوان مقابل التعاطي مع الاحتلال كأمر واقع.

مقالات ذات صلة