أين ضمير العالم الحر من جرائم السعودية ؟؟؟

أ.د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور

كُنت بمعيّة الرئيس صالح علي الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى يوم الخميس الفائت الموافق 17 نوفمبر في زيارة خاطفة لموقع الجريمة المروعة لمذبحة صنعاء بالصالة الكبرى، ولم تكن الأولى بطبيعة الحال ولكنها في هذه المرة اكتست بطابع رسمي، ورافق الرئيس في هذه الزيارة الأستاذ محمود الجنيد – مدير مكتب رئيس الجمهورية، والأستاذ حسن زيد – وزير الدولة وآخرون، وكان في استقبالنا الأستاذ الإعلامي الكبير أحمد ناصر الحماطي – وزير الإعلام، والأخ أمين جمعان – أمين عام أمانة العاصمة، والعميد الدكتور عبدالله قيران – عميد أكاديمية وكلية الشرطة، والأستاذ أحمد القنع – رئيس تجمع الحراك الجنوبي المناهض للعدوان، وحشدٍ كبيرٍ من المسؤولين من أمانة العاصمة وجموع الزوار المترحمين على أرواح شهداء الصالة الكبرى، تجولنا في البدء معاً في خيمة خُصصت لعرض اللوحات الفنية الإبداعية المعبرة للفنانات وللفنانين الشباب عن المأساة التي تُرسم بحبر الدم وتفاصيل الألوان الرمادية التي تبرز لوحات تترجم شكل الغضب والإصرار على مواصلة المقاومة بكل صنوفها .
قبل وصولنا بدقائق كانت هناك زيارة للأستاذ عارف عوض الزوكا – الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام الذي حرص أن يكون مع مجموعةٍ من قيادة المؤتمر لزيارة الصالة تعبيراً عن اهتمام قيادة المؤتمر الشعبي العام بإحياء ذكرى المجزرة المُروعة.
بعد ذلك انتقلنا إلى قلب مسرح الجريمة، تجولنا في أرجائها وتحدثنا مع عددٍ مِن مَن كان شاهداً على الجريمة وحكوا لنا بألمِ بالغِ صورة المشهد الحزين كما شاهد المبصرون عبر فضائيات العالم كله .
قرأنا الفاتحة على أرواح الشهداء وابتهلنا إلى العزيز الجبار أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم بخلود في الجنة وأن يلهم أهلهم وذويهم ومحبيهم الصبر والسلوان.
كنا نتحرك بحذر في تجوالنا بأرجاء القاعة كي لا ندوس بأقدامنا على بقايا من قطرات الدماء التي سفكت في تلك الليلة المشؤومة، ولا نريد الدوس على بعض من أشلاء أحبابنا الذين فقدناهم في هذا المشهد الحزين، وكنا نسمع همس أنفاس الشهداء الكرام التي فاضت إلى بارئها في مشهد تراجيدي وتذكّرنا بمسؤوليتنا في ملاحقة المجرمين من حكام آل سعود وأمراء آل نهيان، وآل ثاني ومرتزقتهم من اليمنيين المبعثرين في أجنحة الفنادق والمنتجعات والشقق الفارهة بالرياض وأبو ظبي وإسطنبول وعمّان وغيرها، وكل من حاول التبرير الإعلامي الرخيص لهذه الجريمة والجرائم الأخرى التي وقعت فصولها قبل وبعد محرقة القاعة الكبرى.
كيف فكر الطغاة في تنفيذ هذه الجريمة الشنعاء وغيرها وفي وضح النهار ؟؟؟
ألا يفهم مُتَّخِذ القرار بأن كل شيءٍ في صنعاء أصبح مرصوداً وموثقاً عبر شاشات الفضائيات المحلية والعربية والأجنبية وعيون الأقمار الصناعية غير المنحازة لجرائم العدوان ؟؟؟
وما هو الهدف العسكري الذي سعيتم لتحقيقه من خلال هذه الجريمة البشعة ؟؟؟
بطبيعة الحال لم تجدوا أية إجابة ولن تجدوها، لا حينما ارتكبتم الفعل الشائن ولن تجدوها في الذكرى الأربعين لحدوث المأساة، ولن يسعفكم خبراؤكم ولا المطبلون المأجورون من أية تبريرات تجاه الهولكوست المرتكب .
لم نكن نريد أن نصدق أنفسنا بأن جرائمهم أصبحت ترتكب بلا حدود، لا في الزمان ولا في المكان ولم يعد يردعها رادع ديني أو إنساني أو أخلاقي !!!
لكن ينبغي أن نشدد على مسألة قانونية للاتكاء عليها في القريب العاجل من زمننا، عبر نصوص التشريع اليمني وعبر بنود القانون الإنساني الدولي، وبأن نكمل الملفات المعززة بالأدلة والمصوغات القانونية المتعلقة بالشهداء والجرحى للاقتصاص من القتلة ، أكان اليوم أو غداً، وسنلاحق الفئة المجرمة الباغية في كل ساحة دولية وإقليمية ومحلية، وستلحق بهم لعنات اليمانيين الأحرار والشرفاء في العالم ولعنات الله عز وجل .
وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية دعم أنشطة وعمل الناشطين من الشابات والشباب في المجال الحقوقي والإنساني ومساندة الدولة بمؤسساتها ذات العلاقة وكذا في رعايتهم من المؤسسات الأهلية والشعبية لما لهذا النشاط من أهمية قصوى في هذا المجال .
أسعدني وجميع الحضور برؤية الأخوين محمود الجنيد وأمين جمعان وهما يستعرضان مشروع بناء نُصبٍ في موقع مجاور لموقع المجزرة، يتم فيه بناء ساحة ذكرى لشهداء الصالة تحمل أسماءهم وتاريخ حدوث الجريمة، كي تكون مزاراً للشعب تتجدد معه الذاكرة لمعرفة مدى وحجم الجريمة، وكنت أتمنى أن تكون في مساحة أوسع وأبرز في أهم ساحات العاصمة صنعاء، يتم لاحقاً وضع برنامج يومي للزيارات اليومية والأسبوعية لأبنائنا التلاميذ والطلاب في المدارس والجامعات ليتعلموا من دروس الحدث والتاريخ، كي لا تنسى الأجيال.
نحن نعيش معاً الفصول الأخيرة لمعركة الكرامة للشعب اليمني وعلينا حشد كل طاقاتنا المادية والمعنوية لدعم المقاتلين الشجعان من أفراد الجيش واللجان الشعبية الصامدين في جبهات القتال الذين يرسمون بالبارود (والمشوك ) خريطة مستقبل الأمة الزاهي بإذن الله ، لكن علينا أن لا نتغافل ونتهاون عن حماية وشد أوضاع مؤسساتنا الحكومية الداخلية لضمان حماية تماسك الجبهات القتالية الساخنة.
والله اعلم منا جميعاً.
( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ )

مقالات ذات صلة