الدكتور الشرجبي : ثورة 21 سبتمبر.. كيف حولت القوى الانتهازية الثورة إلى انقلاب ؟

دراسة للدكتور / إدريس الشرجبي

 

مقدمة:

نركز في هذه الدراسة على تناول الأحداث والوقائع والتحديات التي واجهت ثورة 21 سبتمبر منذ صدور الإعلان الدستوري كونه شكل بداية لمرحلة تحملت فيها اللجنة الثورية العليا مسؤوليتها القيادية، وسيكون النطاق التاريخي للدراسة الفترة الزمنية من 6 فبراير 2015 إلى 21 سبتمبر 2016، ولذلك لن تتناول الدراسة بالتحليل ارهاصات الفعل الثوري للجماهير الشعبية قبل ثورة 21 سبتمبر ولا الفعل الثوري الذي أنجزته الثورة قبل الإعلان الدستوري، إلا أننا سنتطرق لها بعرض مجمل كمدخل تمهيدي للدارسة.

مدخل تمهيدي:

إن ثورة 21 سبتمبر ثورة شعبية مستمرة عكست الوعي الثوري المتصاعد للجماهير الشعبية، التي انطلقت بالأساس من رحم الفعل الثوري للجماهير في 11 فبراير 2011 .

ووفقاً للمقاييس والتعريفات السياسية في خمسينات وستينات القرن الماضي، هناك تعريف محدد للثورة يميزها عن الانقلاب من حيث:

١- طبيعة التغير فالثورة هي فعل وحدث للتغير الجذري في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، وقد تميزت الثورات في القرن الماضي بارتكازها على أيدلوجية انقلابية تحدد ملامح التغير في المجالات السابق الإشارة إليها.

٢- القائمين بها، فإن معظم الثورات قادتها طبقة أو فئة اجتماعية أو طليعة مثقفة أو طليعة من الضباط في المؤسسة العسكرية، ومهما كانت طبيعة القيادة التي تولت التغير فإن الحدث الانقلابي لا يرقى إلى أن يكون ثورة إلا إذا توافر له التأييد الشعبي من قبل معظم أبناء الشعب بمختلف طبقاتهم الاجتماعية.

٣- مدي عنف التغيير، فإنه يتوقف على درجة عنف الطرف الرافض للثورة في الغالب، وليس العكس، ومع ذلك تم إنجاز ثورات وصفت بالثورات البيضاء لعدم إراقتها للدماء مثل ثورة 23 يوليو التي قادها الزعيم جمال عبد الناصر. والسؤال الذي يتم تداوله الآن هل الأحداث التي شهدتها عدد من الأقطار العربية ثورات أم انقلابات أو أزمات كما يطلق عليها البعض؟

بلا شك أن مقايس الثورات في القرن العشرين والسابق الاشارة إليها، لم تعد تنطبق على التغيرات التي حدثت في العالم العربي منذ انطلاق الشعب العربي في تونس إلى اليوم، وذلك لأن العالم تغير بفعل التغيرات العميقة والكبيرة وخاصة التغير الذي أفرزته ثورة الاتصالات والاعلام الفضائي والتواصل والانترنت، فقد أصبح العالم قرية صغيرة، تشاهد فيه شعوب العالم ما يحدث وتتفاعل معه.

بفعل ثورة الانترنت أمكن للملاين من الأفراد أن التواصل والتوافق أو الاختلاف حول موضوع معين، وأصبحت الأحداث متسارعة ومتداخلة؛ فلا قيود ولا عزلة على كل أطراف التغيير ولم يعد مفهوم الداخل محصناً وحكراً على الأطراف الداخلية لدولة ما، فتداخل الداخل مع الخارج ليكون شيئاً واحداً ليصبح الفرق بينهما مفهوم افتراضي ليس إلا.

وبمراعات كل حيثيات التطور التي أشرنا إليها، واجهت الشعب العربي تحديات كبيرة اعاقت انتفاضاته من أجل تحقيق أهدافها الثورية المتعددة والمختلفة.. من هذه الأهداف:

* الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

* القضاء على الفساد وتحقيق المواطنة المتساوية.

* الدولة العادلة وسيادة القانون.

ولأن هذه الثورات قامت بها الشعوب لمعالجة تلك المجالات التي أشارت إليها الأهداف المعلنة، ولعدم وجود قيادة ومرجعية لتلك الثورات اختلطت الأمور مع بعضها فرفع الجميع نفس الأهداف المعلنة حتى من السلطات التي ثارت الجماهير ضدها، وتدخلت الأطراف الدولية الإقليمية في إدارة الأحداث فكان التدخل الأمريكي بارزاً إلى جانب الدول الخليجية المتحالفة معها ومن أبرزها السعودية وقطر وتولى هذا التحالف دعم الجماعات الاسلامية وعلى وجه الخصوص التنظيم الدولي الإخواني وتمكنوا بالفعل في أول الأمر من سرقة الثورات الشعبية في كل من تونس، مصر، اليمن، ليبيا.

كانت نتائج ما أطلق علية الربيع العربي كذبة واحتيال على كل التضحيات إذ صبت في مصلحة جماعات متطرفة مرتبطة بالتحالف الأمريكي، فكان لا بد من استمرار الحراك الشعبي لتخليص ثوراته الشعبية من أيادي القوى الانتهازية؛ فسقط الإخوان في مصر وتم تقليم أطرافهم في تونس ، فتحولت جماعة الإخوان بجنون لممارسة الإرهاب وأفرزت جماعات إرهابية بأسماء متعددة ونشرت الإرهاب لمواجهة الشعب في كل الأقطار .

في اليمن وجدنا أن ثورة 11فبراير 2011 قد استولت عليها الأحزاب السياسية وبعد سرقتها ذهبت بها إلى السعودية لتكون تحت وصايتها فوقعت تلك الأحزاب على المبادرة الخليجية والتي نصت على استبعاد(تنحي) صالح من رئاسة النظام وتم إعادة التقاسم والفساد مع الحليف السابق للنظام التجمع اليمني للإصلاح ،وشاركت قيادة الأحزاب اليسارية في هذه المهزلة، فتم اجهاض ثورة 2011 ودخل الرئيس التوافقي في اللعبة بعد أن وجد أن حزب الإصلاح هو المهيمن ويحظى بدعم أمريكي سعودي قطري.

مع ضعف وسكون كل الأحزاب المشاركة في الحكومة وصلت البلاد إلى مستنقع الفساد والفشل الكامل والمدمر، وتمت المماطلة في الحوار الوطني الشامل بل وتناسي الفار عبد ربه منصور هادي مخرجات الحوار الوطني لفترات ليست بقصيرة ومن ثم العبث بأهم نقاطه وفجرت مؤامرة الأقاليم من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، فانتفض الشعب مجدداً ولكن هذه المرة توفرت قيادة شابة لحركة فتية هي حركة أنصار الله التي التحمت بالشعب وتبنت مطالبه فكانت ثورة 21 سبتمبر وقائدها الشاب الجسور السيد عبد الملك الحوثي، والذي أدرك وحدد أهم العناصر التي ترتكز عليها قوى الفساد بل والاجرام.

كان اجتثاث عتاولة الفساد بمثابة رأس الجسر لتنطلق الثورة الشعبية نحو تحقيق أهم اهدافها وهو استقلال القرار الوطني من الهيمنة والاملاءات الأمريكية والسعودية، فتم التوقع على اتفاق السلم والشراكة من قبل سائر القوى السياسية.

ولأن هذا الاتفاق تم بقرار وطني مستقل وانجاز يمني خالص فقد استفز القوى المعادية الخارجية والداخلية وتحركت العناصر الاجرامية ممثلة بالقاعدة وتحت شعارات مذهبية، وكشف الصراع مع هذه الجماعات عن مخطط تأمري داخلي وخارجي ضد الثورة ومحاولات إعاقة تنفيذ اتفاق السلم والشراكة من قبل تكتل أحزاب اللقاء المشترك الخاضع في الأساس لحزب الإصلاح.

اتسمت ثورة 21 سبتمبر بالفعل الثوري المتدرج والمتصاعد المتفاعل مع التحرك الشعبي، ولذلك كانت المواقف الثورية في كل الساحات تتم مع الجماهير وبها، فلم يتقدم الفعل الثوري عن الجماهير ولم يتخلف عنها، ويمكننا رصد هذا التلازم بين الثورة والتحرك الشعبي في أهم المواقف الثورية.

الإعلان الدستوري الظروف والتحديات:

لم يُحط إذاعة بيان الإعلان الدستوري بالتكتم والسرية ولم يكن مباغتاً للسلطات ليعلن بصوت جهوري من غرفة البث الإذاعي التي تم السيطرة عليها كما هو معتاد، بعد قطع الارسال الاذاعي وبث موسيقى المارشات العسكرية، بل جاء الإعلان الدستوري يوم الجمعة 6 فبراير 2015 ليسد الفراغ الدستوري اللاأخلاقي بعد أن قدم رأس هرم الدولة والحكومة استقالتهم وتخلوا عن القيام بمهامهم الدستورية والأخلاقية في تسير الأعمال كالتزام أخلاقي ومبدئي أمام الشعب.

هذا الأمر دفع قوى الثورة لسد الفراغ بالإعلان الدستوري الذي جاء حريصاً على جعل باب المشاركة مشرعاً أمام كل القوى السياسية، فكان بذلك التزاماً اخلاقياً مسؤولاً محافظاً على مصالح شعبنا. حيث تم إعلانه يوم الجمعة الموافق 6 فبراير بالقصر الجمهوري في العاصمة صنعاء في احتفالية ثورية مميزة ومختلفة عنما هو معتاد بمحاولة للتعالي عن ألم ومرارة خيانة الوطن والشعب التي ارتكبها هادي وحكومة بحاح.

تم إعلان البيان بحضور وزير الدفاع والداخلية اليمنيين وبمشاركة شخصيات سياسية ووجاهات اجتماعية وقبلية من كل القوى الوطنية والأحرار الشرفاء من أبناء شعبنا العظيم.

اتسمت بنود الإعلان الدستوري بأنها جاءت لا لتسيطر على القرار الوطني وتجعله ملك يمين حركة أنصار الله منفردة، بل جاء الإعلان الدستوري وجعل الأبواب مشرعه للمشاركة الوطنية الواسعة مع كل القوى السياسية الوطنية.

شمل البيان تشكيل مجلس رئاسي من 5 أعضاء، وتشكيل مجلس وطني انتقالي من 551 عضواً يحل محل البرلمان المنحل، وأكد البيان على أنه سيتم الاستمرار بالعمل بالدستور اليمني الحالي في حالة مالم يتعارض مع مواد ” الإعلان الدستوري”.

كما أعلن تأسيس حكومة كفاءات يمنية وأشار إلى أن “السياسة الخارجية للدولة تقوم على أساس الالتزام بمبدأ حسن الجوار وعدم التدخل، واعتماد الوسائل السلمية لحل المنازعات”، معتبراً أن “اللجنة الثورية العليا هي المعبر عن الثورة بحيث تمثلها اللجان الثورية في أنحاء البلاد”. وأكد “الإعلان الدستوري” على أن “اللجنة الثورية” تختص باتخاذ كافة الإجراءات لحماية سيادة الوطن وضمان أمنه واستقراره، كما حدد مدة عامين على الأكثر للفترة الانتقالية التي قال إنها ستخصص لإنجاز استحقاقات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة.

أ- الظروف المحيطة:

جاء الإعلان الدستوري والشعب اليمني يمر بمنعطف بالغ الدقة والصعوبة من تاريخه الوطني، وهو يواجه الهجمات الإرهابية التي تنفذها دوائر استخباراتية دولية وإقليمية من خلال العصابات الاجرامية لتنظيمي “داعش والقاعدة” والتي تستهدف الوطن والمواطنين بمختلف طبقاتهم الاجتماعية بطول اليمن وعرضها.

توقيع اتفاق السلم والشراكة أكد استمرارية الثورة الشعبية وهزيمة القوى الانتهازية التي حاولت سرقه ثورة الشباب

جاء اتفاق السلم والشراكة ليؤكد على استمرارية الثورة الشعبية وهزيمة القوى الانتهازية التي حاولت سرقة ثورة الشباب واستمرت في مماطلتها العبثية واختلاق الذرائع والعراقيل أمام انجاز المهام الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.

انكشفت محاولاتهم البائسة مجدداً عند انجاز مسودة الدستور والذي حاولوا من خلالها تمرير مخطط تمزيق اليمن، بتضمين مسودة الدستور بتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم تم تقسيمها على أسس مذهبية وجهوية لخدمة أهداف استعمارية وإخضاعها لسيطرت الدول الطامعة والتي كانت بعضها قد كشف عنها لفرضها قسراً على شعبنا متجاوزين كل الاتفاقات التي أوجبت ضرورة عرض مشروع الأقاليم الذي انفرد به هادي وعمل على الحيلولة دون مراجعتها من قبل الهيئة العليا لمخرجات الحوار الوطني، إلا أن القوى الثورية كانت لهم بالمرصاد وتم إفشال هذه المؤامرة وانكشاف أطرافها الأمر الذي دفع هادي إلى تقديم استقالته بعد أن قبل استقالة الحكومة ليضعوا البلاد في فراغ دستوري خطير.

 

ب – التحديات والتداعيات:

كانت أولى التحديات هي محاولة تعطيل الحوار السياسي الذي كان يجري في فندق موفنبيك برعاية الممثل الأممي جمال بن عمر، وعمد اللقاء المشترك في أول الأمر لدفع الأمين العام للتنظيم الناصري بالانسحاب، وقد برر موقفه يومها إن حزبه قرر الانسحاب من المفاوضات لأن الحوثيين يريدون فقط الحصول على غطاء سياسي لاستكمال انقلابهم وتحميل القوى السياسية ما قاموا به، ثم توالت التحديات وخطوات المواجهة وعلى النحو التالي:

1– الخطوة الأولى/ رفض الإعلان الدستوري والدعوة للتدخل الخارجي:

أسند تنفيذ هذه الخطوة إلى مجموعة من أحزاب اللقاء المشترك ومعهم محافظ عدن والذين عقدوا على عجل اجتماع بعدن أطلق عليه ” اللقاء الوطني الموسع ” .

ويمكننا القول بأن هذا الاجتماع قد أصدر إعلاناً دستورياً متكامل الأركان مقابل الإعلان الدستوري الصادر عن اللجنة الثورية، حيث جاء في البيان الصادر عن الاجتماع والذي قرأه محافظ عدن يومها الدكتور عبد العزيز بن حبتور” فإن اللقاء يدعو إلى :- نقل العاصمة من صنعاء إلى مدينة أخرى، مع دعوة المجتمع الدولي إلى دعم هذه الخطوة”.

البيان دعا أيضاً إلى تشكيل هيئة تنسيقية عليا للمحافظات والأقاليم اليمنية الرافضة لما وصفه بالانقلاب الحوثي على سلطات الدولة؛ وأشار إلى أن اللقاء أقر تشكيل قيادة إدارية وأمنية وسياسية “موحدة للأقاليم الرافضة للانقلاب الحوثي”، وإنشاء هياكل وتركيبات مؤقتة للأقاليم لحين إقرارها بعد الاستفتاء على الدستور الجديد.

وطبقا للبيان فقد كلف اللقاء محافظي المحافظات المعنية باستكمال إجراءات هذا القرار وأكد رفضه للإعلان الدستوري الذي أصدرته جماعة الحوثي ودعا إلى التمسك بشرعية الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، مشيداً بموقف مجلس التعاون الخليجي من “الانقلاب الحوثي” على السلطة في البلاد، في إشارة إلى بيان المجلس الذي أصدره مساء أمس، ودعا فيه لاتخاذ قرار بشأن اليمن تحت الفصل السابع، الذي يتيح التدخل العسكري الدولي.

 

2– الخطوة الثانية: فرض العزلة السياسية

تمت هذه الخطوة بتناغم بين أطراف المؤامرة الداخلية والخارجية بإغلاق العديد من سفارات البلدان الشقيقة والصديقة وانسحاب البعثات الدبلوماسية، لفرض عزلة إقليمية ودولية في ظل وضع اقتصادي هش وبيئة مليئة بالتحديات الإرهابية والأمنية؛ فقد شهدت العاصمة صنعاء منذ 17 فبراير 2015 انسحابات متعاقبة لسفارات دول شقيقة وصديقة وبعثات ووكالات وشركات أجنبية، تنذر بفرض عزلة دولية على اليمن وبجملة آثار مباشرة، آنية وبعيدة المدى. وقد جاءت التداعيات الخارجية متسارعة وغير متوقعة للتطورات السياسية الأخيرة في الساحة اليمنية، كان مصدرها إعلان:

  • إغلاق سفارات 13 دولة صديقة وشقيقة من أصل 96 دولة ذات تمثيل.
  • انسحاب 6 بعثات ووكالات خارجية من أصل 12 بعثة ووكالة أجنبية .
  • انسحاب شركتين استثماريتين كبريتين من أصل مئات الشركات.

3– الخطوة الثالث: الانقلاب على اتفاق السلم والشراكة

بعد أن تم تسوية المسرح جاءت الخطوة الثالثة فتم تهريب الرئيس المستقيل هادي إلى عدن في 21 فبراير لتنفيذ مخطط للانقلاب على الاجماع الوطني واتفاق السلم والشراكة وتدشين صراع تمزيق الوطن تحت يافطة شرعية هادي والذي كان قد تلقى وعداً من السفير الأمريكي بدعمه ومساندته في حال نشوب أي مواجهة عسكرية بينه وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، ، وسوف تجبر بقية حلفائها في المنطقة والخليج على دعمه ضد صالح أو أي طرف آخر في اليمن.

كانت صحيفة البلاغ قد كشفت عن ذلك قبل هروبه في 21 فبراير 2015، إلى عدن حيث أعلن منها سحب استقالته وأصدر بياناً جاء فيه “أن جميع القرارات التي اتخذت من 21 سبتمبر باطلة ولا شرعية لها” ويقصد اتفاق السلم والشراكة، كما دعا لاجتماع الهيئة الوطنية للحوار في عدن أو تعز حتى خروج الحوثيين من صنعاء وجدد التزامه بالمبادرة الخليجية، كما طالب المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات لحماية العملية السياسية ورفض ما وصفه بالانقلاب. هكذا تم الانقلاب على اتفاق السلم الشراكة” الذي صحح أخطاء كارثية في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لتضج القوى الانتهازية ومعها قوى الوصاية بذرائع الانقلاب على الشرعية.

 

  • بعد فراره إلى عدن أصدر هادي بياناً ختمه بتوقيع “رئيس الجمهورية” قال فيه “أن جميع القرارات التي اتخذت من 21 سبتمبر باطلة ولا شرعية لها”، وهنا بدأ هادي ومعه الأحزاب المؤيدة له بالانقلاب على اتفاق السلم والشراكة وكذا رفض الشرعية الثورية التي جاءت في الأساس كمعالجة لا بديل عنها لسد الفراغ الدستوري.
  • كان الهدف من مؤتمر الرياض الذي شارك فيه 400 من السياسيين اليمنيين عرفت أسماؤهم والمبالغ التي تسلموها بالريال السعودي هو إنتاج شرعية للعدوان السعودي في عدوانه الهادف إلى تمزيق اليمن مذهبياً ومناطقياً وتأجيج الصراع الداخلي بغطاء انقاذه واستعادة الدولة.
  • ساهم “بيان الرياض ” في خداع وتضليل المجتمع الدولي بشأن قضايا الاغاثة والعمل الانساني كما بتثبت فرض الحصار على اليمن وتسويق ذرائع العدوان بمحاولاته إعادة “مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة مهامها من داخل الأراضي اليمنية.

اندلاع الحرب الداخلية للدفاع عن شرعية هادي:

منذ وصول هادي إلى عدن، أعلنها عاصمة مؤقتة لليمن؛ وشرع في توسيع ما سمي بـ” اللجان الشعبية الموالية له” سعياً إلى إحكام سيطرته على عدن؛ كما اتّهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأنصار الله بتدبير انقلاب ضده من جانبهم، ولم يتم الاعتراف بهادي كقائد شرعي ومن ثم بدأت المواجهات على النحو التالي:

  • في بداية شهر مارس، اتخذ هادي قراراً باستبدال قائد القوات الخاصة في عدن، بمزاعم أنه يدين بالولاء للرئيس السابق صالح ولجماعة أنصار الله، وأنه يُنظر إليه باعتباره شخصية مثيرة للجدل.

لكن قائد القوات الخاصة “السقاف” رفض التخلي عن منصبه، ما أفضى إلى عدة جولات من القتال بين قواته والوحدات العسكرية من جهة و ”المقاومة الجنوبية” الموالية لهادي من جهة ثانية.

  • 19 مارس، اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الخاصة وما سمي” لجان المقاومة” الموالية لهادي في مطار عدن وفي محيطه.

وفي تداعيات دراماتيكية، حلقت طائرات القوات الجوية المنطلقة من صنعاء في سماء عدن وألقت قذائفها على مجمع القصر الرئاسي في معاشيق بعدن.

  • 20 مارس، وفي إطار تأجيج الفتنة الطائفية وإعلان التنظيمات الإرهابية انخراطها في المواجهات ضد ما أطلق عليه” المجوس والروافض” باستجابة واضحة للخطاب العدواني الخارجي للسعودية ودول مجلس الخليج عدا عمان، وقيام الإرهابيين بتفجير أنفسهم في مسجدين في صنعاء، ما أودى بحياة ما يزيد على 140 شخصاً وجرح أكثر من 350 آخرين.
  • 21 مارس قامت ما تسمى لجان المقاومة الموالية لهادي بالاستيلاء على منطقة عسكرية رئيسية في لحج في الجنوب ما أدى إلى تهجير القوات ورداً على ذلك، قامت اللجنة الثورية العليا بإصدار نداء للتعبئة العامة في الوحدات العسكرية استعداداً للمواجهات.
  • في يومي 21 و 22 مارس، تزايدت أعداد مسلحي ما سمي” المقاومة” مدعومة بوحدات من الجيش اليمني في تعز، وعمد حزب الإصلاح إلى إخراج أتباعه للتظاهر أمام معسكر الأمن المركزي والنجدة بذريعة وصول تعزيزات من الحوثيين. وعلى غرار ما حدث في تعز، تم تسيير تظاهرات مناهضة لأنصار الله في صنعاء ومدن أخرى.
  • تحركت اللجان الشعبية مدعومة بعناصر من القوات المسلحة اليمنية، باتجاه لحج وعدن؛ وكان ثمة إحساس لدى اليمنيين بأن الوضع يتجه سريعاً نحو مزيد من التدهور. كما استحوذ القلق على كثيرين من مخاطر اتخاذ الصراع صبغة طائفية مثيرة للقلق وتعميقه للانقسام بين الشمال والجنوب.
  • انتشرت مخاوف من استغلال تنظيم “القاعدة” لحالة عدم الاستقرار لإثارة مزيد من الفوضى. وفي أعقاب التفجيرات الانتحارية والقتال، احتدمت العواطف بشكل كبير.

جهود المندوب الأممي قبل عاصفة الحزم:

في 22 مارس قدم المبعوث الأممي جمال بن عمر آخر إحاطة إلى مجلس الأمن جاء فيها التالي:

لقد انخرطت مع كل الأطراف داعياً إلى ضبط النفس وعدم تصعيد المواقف؛ وقد تساءل البعض عن جدوى بقائنا في صنعاء واستمرار المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة في ظل التطورات الأخيرة. وهذا يقودني إلى تكرار سؤالي: ما هو البديل الذي لدينا؟

واهمٌ من يعتبر أن الحوثيين قادرون على شن هجوم والنجاح في السيطرة على كامل البلاد بما في ذلك مأرب وتعز والجنوب. وبالمثل، سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الرئيس هادي قادر على حشد قوات كافية لتحرير البلاد من الحوثيين.

إن أي طرف يحاول دفع البلاد بأي من الاتجاهين إنما سيدفع باتجاه صراع طويل الأمد على شاكلة ما يجري في العراق وليبيا وسوريا مجتمعة.

هناك متطرفون في صفوف عدد من الأطراف يريدون لهذه المفاوضات أن تفشل، وقد حاولوا بالفعل تقويضها. ائذنوا لي أن أكرر بأن الحوار السلمي هو الخيار الوحيد الذي بين أيدينا، ويتعين عليّ حماية سلامة العملية التفاوضية باعتباري الوسيط.

يجب أن يكون لديّ المجال للانخراط في الحوار مع جميع الأطراف، بمن فيهم الأطراف المسؤولة عن تعطيل العملية السياسية بقوة السلاح؛ وحتى اليوم، تمكنّا من لعب دور بنّاء لأن الأمم المتحدة تتواصل مع كل الأطراف على أساس من الحياد، وإيماناً بأنه من مصلحة اليمن العليا أن تفعل ذلك.

من الممكن التوصل إلى اتفاق أخير لتقاسم السلطة من أجل استكمال العملية الانتقالية فقط إذا شاركت جميع الأطراف، بما فيها الحوثيين، في العملية السياسية وكذلك الرئيس هادي، وكلا الطرفين الآن بات حاسماً من أجل الحل.

تواصل الأمم المتحدة انخراطها مع كافة الأطراف بطريقة لا تضفي الشرعية على من استخدموا القوة لتعطيل العملية السياسية كما لا تنتقص من شرعية الرئيس هادي والحكومة ولا تضر بحياد الأمم المتحدة.

لقد استكملت للتو زيارة للرياض هي الثانية في الأيام العشرة الماضية. وأجريت كذلك مشاورات مع حكومة قطر بصفتها رئيس الدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي، وكذا مع الأمين العام للمجلس.

إنني على ثقة من أن مجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة سيستمرون في العمل بشكل وثيق من أجل مساعدة اليمنيين على إعادة العملية السياسية إلى مسارها. وختاماً، أدعو كل الأطراف في هذا الوقت الذي تتصاعد فيه بؤر التوتر والخطابات التحريضية إلى تقدير خطورة الموقف والتهدئة عبر ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والكف عن الأعمال العدائية والامتناع عن الاستفزاز وعن استخدام العنف لتحقيق مآرب سياسية. الحوار السلمي هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.

إلا أن كل هذه الجهود للممثل الأممي تم افشالها من قبل السعودية، ففي وقت متأخر من مساء الأربعاء وقبل ساعات من بداية الضربات الجوية والتي بدأت الساعة 02:03 من فجر يوم الخميس 26 مارس.

كان مملثو القوى السياسية اليمنية ينتظرون وصول ممثلي أحزاب اللقاء المشترك للتوقيع على الاتفاق النهائي، وعندما حضر كل من محمد قحطان وأبو إصبع والعتواني وطلب منهم في تلك الليلة التوقيع على الاتفاق الذي توافقوا عليه، ردوا بأنهم لن يوقعوا فقد تغيرت الأمور، وأنهم مع شرعية هادي والتحالف العربي بقيادة السعودية، ومن ثم أفشلت عاصفة الحزم توقيع الاتفاق النهائي الذي كان قاب قوسين من التوقيع عليه حسب وصف الممثل الأممي جمال بن عمر.

الحرب السعودية الأمريكية على اليمن:

في الساعة الثانية من فجر يوم الخميس بتوقيت السعودية الموافق 26 مارس 2015 بدأت السعودية بشن عدد من الضربات الجوية لقصف المطارات والموانئ اليمنية. وتم قصف مدنين، وبعد عدت ساعات عقد بالعاصمة الأمريكية مؤتمر صحفي للسفير السعودي لدى واشنطن أعلن فيه أن السعودية وحلفاءها بدول الخليج العربية شنوا عملية عسكرية تشمل ضربات جوية في اليمن ضد المقاتلين الحوثيين الذين شددوا قبضتهم على مدينة عدن الجنوبية التي لجأ إليها الرئيس اليمني” أضاف الجبير للصحفيين إن “تحالفاً من عشر دول يشارك في الحملة العسكرية في محاولة “لحماية الحكومة الشرعية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والدفاع عنها .

ورفض إعطاء أي معلومات عن مكان هادي وقال للصحفيين “إن السعودية تشاورت مع الولايات المتحدة لكن واشنطن لا تشارك في العملية العسكرية” وأضاف “العملية العسكرية في اليمن تشارك فيها 10 دول بينها دول الخليج العربي”.

وقال السفير السعودي إن الرئيس اليمني وأعضاء في حكومته ما زالوا يديرون شؤون الحكومة من عدن، وإن العملية العسكرية لا تقتصر على مدينة أو منطقة بعينها في اليمن.

وعلى الرغم من محاولة الجبير نفي مشاركة أمريكا بالحرب، إلا أنه لم يفلح في التغطية على أمريكا لأن لها دور رئيسي ومحوري بالحرب على اليمن وهي من دفعت بالجبير لعقد المؤتمر الصحفي ، ولم تعلن السعودية عن انطلاق عملية القصف الجوي إلا في اليوم التالي 27 مارس. وقد صرح مسؤول أمريكي لرويترز بأن السعودية نسقت مع الولايات المتحدة قبل العملية العسكرية في اليمن، وأن الولايات المتحدة تقدم الدعم للسعودية في العملية العسكرية باليمن.

وسواء كانت الحرب بقرار سعودي أو أمريكي فان مشاركة أمريكا بالحرب واضحة.

الملفت أيضاً أن إعلان التحالف جرى من دون علم أكثر الدول الأعضاء، وكان في بدايته تحالف إسلامي، وعندما لم توافق باكستان على المشاركة تحول الحديث إلى مسمى تحالف عربي وظلوا ينتظرون موافقة مصر التي جاءت متأخرة وانكشف الأمر بأن التحالف كان مهزلة مفروضة من السعودية وبريالاتها.

شُنت الحرب العدوانية على اليمن بدون أي مسوغ قانوني وبدون أية مبررات مقبولة، ولأن السعودية كانت تدرك ذلك سعت إلى التغطية على عدوانها في فترة لاحقة، وأن الحرب جاءت تلبية لطلب هادي الفاقد للشرعية أصلاً، والذي صرح بعدها أنه لم يكن يعلم بالعملية إلا عند ما سمع بها وهو في طريق هروبه إلى سلطنة عُمان.

أنفقت السعودية أموالاً طائلة في سبيل محاولتها التغطية على عدوانها وشراء الذمم للأفراد والجماعات والدول والمنظمات للوقوف معها بحجة أن حربها هي للدفاع عن شرعية الرئيس هادي وفي سبيل تحقيق وتكريس هذه الشرعية المفقودة أصلاً عملت على التالي:

1- التحرك في إطار الجامعة العربية ودعوتها لعقد قمة شرم الشيخ 28 – 29 مارس لتؤيد العدوان على اليمن، وأن القمة جاءت استجابة لدعوة هادي بطلب عاصفة الحزم، مع أن الضربات الجوية كانت قد بدأت قبل يومين من طلب هادي.

2- التحرك في إطار الأمم المتحدة حيث تمكنت السعودية وحليفتاها أمريكا وبريطانيا من ممارسة ضغوط على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإصدار قرار دولي حسب رغبتها، وبالفعل أقر المجلس مشروع القرار العربي بشأن اليمن تحت في 14 أبريل 2015 والذي حمل الرقم 2216 تحت الفصل السابع وصوت لصالح القرار 14 من أعضاء المجلس الـ15 ، فيما امتنعت روسيا عن التصويت.

بنود القرار:

طالب القرار الحوثيين بالقيام بعدد من الخطوات بصورة عاجلة دون قيد أو شرط، والكف عن اللجوء للعنف.

سحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها في وقت سابق، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

الكف عن أعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة اليمنية الشرعية.

الامتناع عن أية استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، بما في ذلك الاستيلاء على صواريخ أرض-أرض ومخازن أسلحة تقع في مناطق محاذية للحدود أو داخل أراضي دولة مجاورة.

الإفراج عن وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين والأشخاص الموجودين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفياً.

الكف عن تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال في صفوف قوات الحوثيين.

وكانت الأمانة العامة للأمم المتحدة قد رضخت لسيطرة البترودولار بشكل مخزٍ عندما ارتهنت للضغوط السعودية والقطرية لتتدخل في اختيار وعزل الموظفين الأمميين باختراق فاضح لمبادئ المنظمة، حيث تم إقالة المبعوث الأممي جمال بن عمر في 19 أبريل 2015 بضغوط سعودية وقطرية، فَقَد نقلت الصحف الأمريكية تصريحات وصفتها بالصادمة للمبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بن عمر حيث قالت “إن المبعوث الأممي “المستقيل” لشؤون اليمن جمال بن عمر، صرّح للصحافيين، في 19 نيسان/أبريل بحقائق صادمة لمعسكر “عاصفة الحزم، “قائلاً إن الصراع الدائر في اليمن هو نتيجة مباشرة لمساعي إقصاء الحوثيين من المسار السياسي. وأضاف بعبارات لا لبس فيها بأنه وخلال خدمته في منصبه كمبعوث دولي لليمن، امتدت لنحو ثلاث سنوات، لم يلمس أي دليل على تورط إيران في شؤون اليمن. كما وصف الرئيس الهارب عبد ربه منصور هادي بأنه “وسيط غير نزيه وعديم الضمير”.

تصريحات المبعوث الأممي جمال بن عمر جاءت مغايرة لمزاعم واشنطن والرياض حول تنامي النفوذ الإيراني في اليمن والمنطقة، مما يعد أحد أسباب ” اقالته” عقب ضغوط قطرية وسعودية على الأمين العام للأمم المتحدة، وتحميله مسؤولية التوصل “لاتفاق السلم والشراكة”.

في 24 أبريل 2015 أعلن المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر أن الأطراف اليمنية كانت قاب قوسين أو أدنى من إبرام اتفاق سياسي، نتيجة حوار دام أكثر من شهرين عشية إطلاق “عاصفة الحزم”. لكن استمرار القتال على الأرض وإطلاق عملية “عاصفة الحزم” جعلا من غير الممكن مواصلة الحوار، وقال بن عمر إنه تم التوصل إلى توافق أساسي على العناصر الجوهرية لاتفاق لتقاسم السلطة قبل تصاعد الصراع في الشهر الماضي عندما بدأ تحالف تقوده السعودية شن الضربات الجوية.

مؤتمر الرياض في مايو 2015

وصلت الوقاحة بالمملكة إلى حد المجاهرة وفضح كل عملائها، نهاراً جهاراً بعد أن جمعتهم في مؤتمر عقد في الرياض حضره حوالي 400 خائن وعميل، عرفهم شعبنا بالاسم وثمن كل واحد منهم قرين اسمه بالريال السعودي، وعقد ما عرف بـ “مؤتمر الرياض” وصدر عنه وثيقة” إعلان الرياض”.

بقراءة متأنية للبند الأول في ” إعلان الرياض ” والذي نص على: انقاذ اليمن واستعادة مؤسسات الدولة، يتبين أن الآلية التي اعتمدها لتنفيذ ذلك ارتكزت على آليات عدوانية مبطنة الهدف منها استمرار العدوان الخارجي وتمزيق البلاد من خلال دعم الحرب الأهلية، وذلك كما يلي:

1 – استمرار العدوان السعودي الصهيوأمريكي على بلادنا وذلك من خلال استمرار القصف الجوي لكل المحافظات اليمنية وعلى كل أبناء الوطن تحت الادعاء بأنهم يعملون على “إنهاء عدوان قوى التمرد وإسقاط الانقلاب ومحاسبة الضالعين فيه واستعادة الأسلحة وإخراج المليشيات من العاصمة صنعاء ومدينة عدن ومحافظات صعدة وكافة المدن والمحافظات وضمان عدم عودة منظومة الفساد والتخلف والاستبداد مجددا”.

2- دعم الصراع الداخلي بالوقوف إلى جانب ما أطلقوا عليها “دعم وتنظيم المقاومة الرسمية والشعبية تحت القيادة الشرعية في كافة المناطق التي تتواجد فيها مليشيات الانقلاب والتمرد”. والتساؤل هنا من هي القوى المقصودة بالرسمية؟ أنها ليست القوات المسلحة اليمنية، وإنما المقصود هنا القوة التي يجري تشكيلها في منطقة العبر بقيادة المقدشي، وأساس هذه القوى التي أطلق عليها تالياً الجيش الوطني، عناصر القاعدة التي كانت موجودة في حضرموت بالإضافة إلى عناصر يتم استقدامها من خارج البلاد على غرار تجربة الجيش الحر بسوريا.

أما دعم عناصر المقاومة الشعبية في تعز ففي الأساس ن عناصر هذه المقاومة تتكون من أعضاء حزب الإصلاح بالإضافة إلى عناصر من قطاع الطرق، وبالتالي إن دعم هذه العناصر سوف يؤدي إلى اشتعال الحرب المذهبية كون هذه العناصر تحمل معتقد القتال ضد من يصفوهم بأنهم” المجوس الروافض” والمقصود بذلك اتباع المذهب الزيدي وليس فقط أنصار الله.

كما أن الخطاب والشعار الذي رفعته هذه المليشيا لم يكن استعادة الدولة اليمنية بل الدفاع عن تعز بنفس مناطقي معلن وواضح ليس له أي ارتباط بالولاء الوطني؛ فهم ينكرون على الخصم حق التواجد في منطقتهم ويطالبونهم بالعودة إلى الشمال وإلى “كهوف مران”.

مما لا شك فيه أن الهدف كان تمزيق الوطن مذهبياً ومناطقياً وبغطاء انقاذ اليمن واستعادة الدولة، وما ينطبق على مقاومة تعز ينطبق على مقاومة عدن.

3- الاستمرار في جريمة محاصرة شعبنا بحرياً وجوياً والعمل على المخادعة للمجتمع الدولي وذلك من خلال ادعائهم أنهم سوف يعملون على “حشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي لأعمال الإغاثة والعمل الإنساني وتوسيع نطاقها ورفع مستواها وتوفير الخدمات الأساسية والغذاء والدواء ومستلزمات الإغاثة اللازمة لهم وبما يضمن وصول هذه الإغاثة لمستحقيها وإقامة مناطق خاصة للنازحين داخل اليمن وإيجاد حلول عاجلة لمشكلة العالقين في الخارج”.

مع أن كذبهم في هذا المجال تأكد من رفض استمرار الهدنة الانسانية أولاً وثانياً من خلال استمرار الحصار ومخادعة العالم بأنهم يستقبلون المساعدات لتفرغها في دولة جيبوتي ولا تصل إلى الموانئ اليمنية وقد أدرك شعبنا هذه المؤامرة المكشوفة بعد مرور أكثر من خمسين يوماً على العدوان والحصار.

كما أن العالقين في الخارج قد أدركوا زيف وكذب ادعائهم ، أما موضوع إقامة مناطق خاصة للنازحين داخل اليمن، فإن قصفهم لمخيم النازحين بالمزرق يؤكد بأنهم يسعون إلى تشتيت واذلال أبناء شعبنا ووضعهم في معسكرات الاذلال وليس مخيمات للنازحين، كما أن هذه الرغبة لديهم تكشف نيتهم التوسع بقصف المنازل والمناطق السكنية وقد كشفوا عن ذلك من خلال مطالبتهم بالنزوح من مدينة صعده وعشرات الكيلومترات من المواقع التي يقصفونها بصنعاء مثل فج عطان ونقم وغيره.

4 – العمل على إعادة كل الخونة وفرضهم بالقوة على شعبنا بادعائهم أنهم يعملون على “عودة مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة مهامها من داخل الأراضي اليمنية.

5 -محاولة التضليل والادعاء بأنهم سوف يعملون على” الحفاظ على النسيج الاجتماعي والحيلولة دون تفكيك المجتمع اليمني وانزلاقه إلى صراعات وانقسامات اجتماعية على أسس مذهبية ومناطقية وجهوية.” في حين كل أعمالهم تدمر النسيج الاجتماعي وتفكك المجتمع والوطن إلى كانتونات متقاتلة مذهبياً ومناطقياً .

6 – العمل على تصفية القوات المسلحة والأمن وذلك من خلال قصفها من قبل العدوان الخارجي والتهديد لعناصرها كما قالوا بـ “مسائلة القيادات العسكرية والأمنية والسياسية الضالعة في الانقلاب على الشرعية المسؤولين عن إشعال الحرب والفتنة الداخلية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مختلف المدن اليمنية وبالذات مدينتي عدن وتعز وإحالتهم لمحاكمة عادلة ومنصفة.، فكل القادة العسكرين لا خيار أمامهم إما القصف الجوي من العدوان الخارجي أو تقديمهم للمحاكمات.

7 – احتقار كل العملاء المشاركين بمؤتمر الرياض خاصة ممثلين أحزاب اليسار والقومين الذين قبلوا بهذه الفقرة وهي مؤكدة فعلاً بأنهم يفتقدونها، وبالتالي وافقوا على أن يتم “وضع استراتيجية وطنية بمشاركة كافة الأطراف السياسية والمجتمعية لمحاربة العنف والإرهاب ومناهضة التعصب (الطائفي والمناطقي والمذهبي والسلالي) والعمل على نشر القيم الوطنية والقومية ”.

القوميون المشاركون في مؤتمر الرياض بدوا وكأن آل سعود يعلمونهم القيم الوطنية والقومية هزلت ورب الكعبة.

8 – لم يطالب المشاركون في المؤتمر دول العدوان بالتعويضات على الأقل عن تهديم المصانع والمحلات التجارية والمنشآت المدنية باعتبارها لم تكن أهدافاً عسكرية، وقعوا هم وهادي على ضربها ، وهذا ما يؤكد أن كل القصف الهستيري الذي طال كل شَيْء في البلاد كان بموافقتهم. استناداً إلى ذلك أكدوا فقط على” الإسراع بإعادة المهجرين وتصحيح أوضاعهم وتعويض المتضررين من جرائم المليشيات في عموم مناطق اليمن وبالأخص محافظة صعدة وحرف سفيان تعويضاً عادلاً والتعجيل بعودة الأمور في محافظة صعدة إلى ما كانت عليه قبل الحرب 2004م” والسؤال هنا بعد أن قام العدوان الخارجي بدك صعدة وقتل وقصف أبناءها الأحياء والأموات.

كيف سيتم إعادتها إلى ما كنت عليه قبل الحرب 2004، أم أن صعدة يجب أن تصفي من سكانها لتكون خاصة بمهجري دماج الأجانب الذين كانوا هناك قبل ذلك ؟

9- مغازلة أبناء تهامة لدفعهم للانخراط في المؤامرة والاقتتال المناطقي والمذهبي ووعدهم بالدعم السعودي وذلك بإظهار” الاهتمام بالقضية التهامية ودعم قوى “الحراك التهامي” ضد مليشيا التمرد”.

البند الثاني من قرارات إعلان الرياض نص على: بناء الدولة المدنية الاتحادية الحديثة واستكمال تنفيذ ما تبقى من مهام العملية الانتقالية وبناء الدولة المدنية الاتحادية” دون إدراك للمتغيرات على الأرض التي أحدثها العدوان الصهيوأمريكي السعودي على بلادنا وشعبنا، معتقداً بغباء أن شرعية هادي الخائن مازالت قائمة.

كان استكمال المهام الانتقالية يتطلب أولاً إيقاف العدوان الخارجي على بلادنا والتوجه فوراً للشروع بالحوار في دولة محايدة وفقاً للمرجعيات المتفق عليها الممثلة بمخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة والتوافق على استكمال المهام الانتقالية وتشكيل مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية، ومن ثم العمل على تنفيذ المهام الانتقالية.

نص البند الثالث على إعادة الإعمار والتأهيل ليؤكد على خيانة هادي وكل من شارك في مؤتمره، لعدم مطالبة السعودية ودول تحالف العدوان بتحميل تكاليف كافة التعويضات العادلة لكل ضحايا عدوانهم الاجرامي بحق شعبنا وتحمل كافة التكاليف لإعادة الإعمار والتأهيل، إلا أنهم كخونة طالبوا بأن” تعمل الدولة على توفير كافة الوسائل والإمكانات اللازمة لإعادة الإعمار، وطلبوا بذلة صاغرين مساعدة دول الخليج لإعادة الإعمار، مع أن هذه الدول سوف تلزم مكرهة وصاغرة بتحمل كافة عواقب عدوانها، وسيتم متابعة كل المسؤولين عن جرائم الحرب المرتكبة أمام المحاكم الدولية.

 

دور مندوب الأممي في ظل الحرب:

دور مشبوه لممثل الأمم المتحدة الذي تم اختياره بمقاسات ومواصفات تناسب السعودية، هو الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ وقد عكس هذا الدور من أول يوم باشر فيها مهماته بالانحياز إلى السعودية ولذلك فشل ولم يحقق أي تقدم يذكر من جنيف ـ 1 وجنيف ـ 2 إلى مفاوضات الكويت الأولى والثانية وصار يقدم جهوداً عبثية لإطالة العدوان، وتم انتقاده من قبل مندوب روسيا الدائم في مجلس الامن.

الحرب المنسية على الرغم من هول الجرائم التي ترتكب:

انكشف عجز وضعف الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن من إدانة الجرائم على البلاد على الرغم من ارتكاب السعودية جرائم حرب، وتالياً تم رفع دول التحالف من قائمة العار وبذلك تم اخراج الأمانة العامة من قائمة الانسانية وحلت بقائمة العار بدلاً عن السعودية.

أمريكا تحاول أن تلعب دوراً في الوقت الضائع، مبادرة كبري جاءت متأخرة في الوقت الذي إدارة أوباما تتهيأ لحزم حقائبها لتغادر البيت الأبيض وسوف تدخل الدبلوماسية الأمريكية فترة كمون انتخابية.

الموقف الروسي يطالب بالحل السلمي ولكن دون إعطاء الملف اليمني الاهتمام المطلوب ومنشغلة بالقضية السورية.

خلاصة تحليلية:

1– شرعية هادي:

لقد كثر الجدل والمغالطات بشأن شرعية هذا الرجل، دعونا نتناول هذا الأمر بشيء من التحليل الهادئ والمرتب، فقد تم الاستفتاء على تزكية هادي كرئيس انتقالي لليمن لمدة عامين بموجب المبادرة الخليجية وليس بموجب الدستور اليمني ،ولمدة عامين تبدأ من (٢١ فبراير ٢٠١٢ إلى ٢١ فبراير ٢٠١٤) وبالتالي فإن شرعية هادي في هذه الحالة كانت شرعية توافقية انتقالية بين الأحزاب السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية وتم استفتاء الشعب لتزكيته كرئيس انتقالي ولمدة محددة بسنتين وليس رئيساً دستورياً لليمن لمدة رئاسية كاملة حسب الدستور اليمني، وانتهت شرعية هادي التي اعتمدت على الاستفتاء الشعبي بانتها الفترة المحددة بسنتين في ٢١ فبراير ٢٠١٤.

وعلى الرغم من انتهاء شرعية هادي الانتقالية التي ساندها استفتاء شعبي، إلا أنه في ٢١ يناير ٢٠١٤ تم التصويت على التجديد لرئاسة هادي لمدة عام تنتهي في ٢١ فبراير ٢٠١٥ وذلك من قبل أعضاء مؤتمر الحوار الوطني، وجاء هذا التجديد بدون أية مشروعية دستورية أو شعبية.

وعلاوة على تجاوزها الدستور اليمني النافذ تمت أيضاً بدون أي استفتاء شعبي وبما يخالف المبادرة الخليجية ذاتها التي تم الاعتماد عليها كأساس لشرعية هادي خلال السنتين السابقتين كما أوضحنا، وبذلك فإن الفترة الاضافية لرئاسة هادي لا تستند لأية شرعية مطلقاً لا شرعية دستورية ولا شرعية شعبية.

وعلى الرغم من افتقاد هادي للشرعية أصلاً فقد كان إعلان استقالته في ٢٢ يناير ٢٠١٥ تأكيداً نهائياً وحاسماً بأن هذا الرجل لم تعد له أية شرعية مطلقاً مهما كنت الذرائع التي يمكن التحجج بها، وإذا ما تتبعنا الأحداث خلال شهر يناير وفبراير ٢٠١٥ وحللناها لأدركنا أبعاد المؤامرة بوضوح على النحو التالي:

* كان هادي يدرك أن مدة رئاسته الاضافية لم يتبق عليها سوى شهر، وأنه بعد مرور ذلك الموعد لن يكون هناك أية امكانية للتمديد، فحاول هادي أن يخلط الأوراق ليدفع البلاد في أزمة تمكنه من الاستمرار كرئيس، وأثار مشكلة تمرير موضوع الأقاليم بعيداً عن الاجراءات والتوافقات التي تم الاتفاق عليها .

تم ذلك من خلال مؤامرة نفذها هادي ومدير مكتبه بن مبارك؛ وتم افشال المؤامرة وفضحتها المكالمة الهاتفية بين بن مبارك وهادي والتي ضبطت بتلفون بن مبارك.

* عندئذٍ تم محاصرة القصر الرئاسي في 20 يناير2015، وقدم هادي استقالته في 22 يناير إلى مجلس النواب، بعد أن قبل استقالة الحكومة برئاسة خالد بحاح.

لم يعقد البرلمان جلسة لقبول الاستقالة أو رفضها، ومع ذلك فإن قبول الاستقالة أو عدم قبولها، لا تخوَل هادي أية شرعية بعد تقديم استقالته لا دستورية ولا توافقية بين الأحزاب التي انقسمت إلى مجموعتين مساندة ومختلفة مع هادي، وبذلك سقطت الشرعية التوافقية بين القوى السياسية، أما الشعب فلم يلق له بالاً.

* اصدرت حركة أنصار الله إعلاناً دستورياً قضى بحل البرلمان وتولي اللجنة الثورية برئاسة محمد علي الحوثي، رئاسة البلاد؛ وظل هادي قيد الإقامة الجبرية التي فرضها مسلحون حوثيون منذ استقالته إلى أن فر من صنعاء متجهاً إلى عدن في 21 فبراير 2015، وأعلن منها سحب استقالته.

يومها أصدر هادي بياناً ختمه بتوقيع “رئيس الجمهورية” قال فيه “أن جميع القرارات التي اتخذت من 21 سبتمبر باطلة ولا شرعية لها”، وهنا بدأ هادي ومعه الأحزاب المؤيدة له بالانقلاب على اتفاق السلم والشراكة وكذا رفض الشرعية الثورية التي جاءت في الأساس كمعالجة لا بديل عنها لسد الفراغ الدستوري الذي فرضه هادي وحكومة بحاح، ومن ثم بدأ التدخل الخارجي بناءً على دعوة أطلقتها تلك الأحزاب من عدن .

توالت الأحداث والحرب الداخلية التي أشعلها هادي وعندما فشل هرب هادي إلى الرياض فوجدت السعودية أن كل أساليبها في استمرار هيمنتها على اليمن قد فشلت، الأمر الذي دفعها لإعلان الحرب العدوانية على بلادنا.

يقود ذلك إلى نتيجة مفادها أن كافة الأعمال التي قام بها هادي بعد ذلك ليست ذات صفة شرعية دستورية كونه لم يعد رئيساً، لا دستورياً ولا توافقياً كما لم يعد يحظى بالإجماع الشعبي أو الحزبي، وبالتالي فإن كل من يتعاون معه على أنه رئيس يتحمل المسؤولية.

دعوة هادي للسعودية والدول المتحالفة معها للعدوان على اليمن، يعد عملاً عدوانياً على بلادنا من قبل هادي وكذا من قبل دول العدوان التي لا يمكنها التحجج بأن عدوانها جاء بناءً على طلب هادي فهي تعلم يقيناً أنه لم يعد له أية شرعية .

2- حقيقة مؤامرة الأقاليم وتفتيت وتمزيق اليمن:

كان انفراد هادي بتحديد الأقاليم بعيداً عن مؤتمر الحوار الوطني تنفيذاً لمخطط أطراف خارجية وداخلية تم التوافق عليها وعلى النحو التالي:

١- تم تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم على مرتكزات مذهبية ومناطقية، فتم تقسيم الجنوب إلى إقليمين، إقليم حضرموت بهدف أن تكون الثروة النفطية في إطار جغرافي قليل الكثافة السكانية، بما يتناغم مع التركيبة السكنية ودول الخليج، وسيتم في ما بعد تشجيع هذا الإقليم على الانفصال، وهذا المخطط يحقق مطامع سعودية مدعومة من أمريكا وتتمثل في اقامة ميناء على البحر العربي لتصدير النفط السعودي بعيداً عن المخاطر والتهديدات الايرانية في مضيق هرمز، كما ن هذا سوف يضعف جناح على سالم البيض في إقليم عدن ،وسيجعله يتصادم مع أنصار السلطنة القعيطية وسلطان سقطرى.

٢- إقليم عدن وكان مقرراً أن يتم ترتيب هذا الإقليم ليكون تحت نفوذ الرئيس هادي وذلك من خلال تفتيت الحراك الجنوبي فلا يجد المطالبون بالانفصال أمامهم أفضل من عبد ربه هادي والذي سوف يقدم لهم انفصال غير معلن تحت مظلة الدولة الاتحادية موقتاً، وخلال هذه الفترة الموقتة سيتم تسخير كل الإمكانية للجنوب وفقاً لمخرجات مؤتمر الحرار الوطني تلك البنود المتعلقة بالقضية الجنوبية، وتم تعزيز هذا الجزء من المخطط بالقوة العسكرية وذلك من خلال أولاً تفكيك الجيش واعادة هيكلته بقيادة “أبينية” موالية لهادي و نقل معظم الأسلحة العسكرية برية وجوية من الشمال إلى الجنوب بحجة مواجهة القاعدة، وبذلك يتم استعادة العتاد العسكري لدولة الجنوب.

٣- إقليم الجند وتم فيه حشر أبناء تعز واب ذوي المذهب الشافعي بغرض تعطيل فعالية هذه الكتلة السكانية الكبيرة وأثرها السياسي على مسارات التفتيت المخطط لها ، ووضعها أمام الأمر الواقع الجزء الجنوبي المنفصل وله مشروعه الخاص، وإقليم آزال الزيدي المشحون بالاقتتال والصراعات ، وبالتالي ينكفئ إقليم الجند علي نفسة ويهتم بمشاكلة التنموية والتي ستكون البطالة أهم التحديات التي تواجه.

٤- إقليم آزال وقد شكل وجود الحوثيين فيه أهم التحديات بالنسبة للسعودية والأمريكان، فعلى الرغم من أن هذا الإقليم المحروم من أي منفذ بحري، إلا أن ذاك لا يكفي وأنه لابد من اضعاف مكون الحوثي فيه وذلك من خلال الاقتتال بين هذا المكون من جانب والإصلاح وعلي صالح من جانب آخر، ولتحقيق هذا المخطط لابد من السعي للمصالحة بين علي محسن وصالح بضغط سعودي على الجانبين وبتحرك من هادي بالدعوة للمصالحة، إلا أن هدف المصالحة فشل .

٥- إقليما سبأ ومعين وعلي الخصوص مأرب والجوف، بكثافتهما السكانية البسيطة سيكونان تحت النفوذ السعودي، والجماعات الإرهابية ممثلة بأنصار الشريعة (القاعدة) كفيلة بالدفاع عنهما في أول الأمر ثم ستكون القاعدة هي المبرر للتدخل الأمريكي والسعودي في السيطرة عليهم في ما بعد.

إلا أن الثورة الشعبية في ٢١ سبتمبر غيرت المعادلة كلها فسقط مخطط التقسيم والتفتيت وتمكن أنصار الله من هزيمة المشروع بضرب علي محسن وأولاد الأحمر، وأدرك الإصلاح أنه قد خسر المعركة في أولها فأثر الانسحاب ومن ثم تفكك التحالف وانقلبوا على هادي أو كما يقولوا انقلب عليهم هادي ووزير الدفاع، فعمد الإصلاح إلى تحرك انتقامي مخزٍ، ففي الجنوب أعلن فرع حزب الإصلاح تأييد الانفصال والوقوف في صف الحراك الجنوبي الرافض لهادي، وفي فرع ذمار انضموا إلى جماعة الحوثي وإن لم يتم الإعلان عن ذلك، العناصر المتشددة انضمت للقاعدة في البيضاء ورداع، وكأن هناك قرار غير معلن من قيادة الإصلاح بتصفية الحزب والعودة للعمل السري. ومن جانب آخر تسربت معلومات للرئيس السابق صالح أنه كان هناك مخطط لقصف منزله ومنزل أولاده واقاربه في نفس الحظة التي يتم فيها مواجهة الحوثي من قبل الإصلاح وعلي محسن ليلة دخول الحوثي الأمانة، وسيكون القصف مدفعي من الفرقة على منزل صالح ويتهموا فيها الحوثي وبالتالي يتم توريط صالح في محاربة الحوثي، ولم يتمكن علي محسن من تنفيذ المخطط بسبب المفاجئة له بالدخول السريع للحوثي وبدون مقاومة تذكر، وهنا يقال إن هناك تحالف بين صالح والحوثي، إلا أن الأقرب للصواب هو عدم تدخل صالح والسماح لمؤيديه من المشائخ والقبائل بمساندة الحوثي نكاية بالإصلاح بعد اكتشاف صالح استمرار مؤامراتهم عليه، وسوف تكشف الأيام القادمة الشيء الكثير.

ويمثل باب المندب أهم نقاط الصراع، فقد تمكن الجيش واللجان الشعبية من السيطرة عليه، وما هي المخاطر والتحديات والمفاجآت هناك، في ظل الأهمية الاستراتيجية للمضيق كممر هام للتجارة الدولية وموقع اطماع إسرائيلية وأمريكية تحت مبرر منع سقوطه تحت النفوذ الإيراني حسب ما يروّجون للسيطرة عليه.

 

الجنة الثورية العليا .. النجاح والإخفاق:

إن قبول اللجنة الثورية العالية تحمل المسؤولية في هذه الطروف البالغة الصعوبة والخطورة يعد نجاحاً وانتصاراً كبيراً في حد ذاته، وإذا ما استعرضنا ما أنجزته اللجنة الثورية خلال 17 شهر منها 16 شهر تحت قصف العدوان السعودي الأمريكي الذي يكاد لم يتوقف وفي ظل الحصار الخانق المفروض على بلادنا واشتعال الجبهات مع عملاء العدوان في 33 جبهة.

لاشك أننا سنقف أمام انتصارات ونجاح، وأيضاً سنقف أمام عدد من الإخفاقات ، ولن نحصي كل تلك الإنجازات كما لن نقف بالتقييم أمام كل قرارات اللجنة الثورية العليا، وذلك لأن عمل اللجنة الثورية كان استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة ولذلك سوف نتناول أبرز المواقف الايجابية والسلبية ، وبشكل موجز وعلى النحو التالي:

في الوقت الذي وجدت اللجنة الثورية العليا نفسها عاجزة أن تستكمل تنفيذ الإعلان الدستوري فيما يخص تشكيل المجلس السياسي والحكومة ، كانت تقف في وضع صعب للغاية ، ومع ذلك أدركت أن هناك شكوكاً وعدم ثقة متبادلة بين المؤتمر وأنصار الله ، خاصة وأن المطالبة باستكمال تشكيل المؤسسات الدستورية صار مطلباً شعبياً ضاغطاً علاوة على كونه أهم بنود الإعلان الدستوري، وتمكنت اللجنة الثورية بصمود شعبي أسطوري شكل قاعدة صلبة لاستمرار العمل الثوري ، الأمر الذي مكنها من تجاوز هذه المعضلة وبنجاح كبير مكنها من إدارة شؤون البلاد من خلال مجلس وزراء للقائمين بالأعمال، وتعاطت بحنكة سياسية مع السلطة المحلية بالمحافظات وكان من أبرز نجاحات الثورية العليا في هذا المقام تجاوز المشاكل التموينية للمواد الغذائية والمحروقات واستمرار العملية التعليمية.

رحبت وبمسؤولية وطنية بأن يقوم البنك المركزي بممارسة أعماله بكل حيادية ، وبذلك تمكنت من دعم البنك ليقوم بصرف المرتبات في عموم الجمهورية دون تحيز، في حين ظل الطرف الآخر يسعى وبكل حقد ونذالة إلى افشال ذلك ومنعوا تدفق الإيرادات من المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم.

ورغم كل المخططات التآمرية العسكرية والأمنية والاقتصادية والاعلامية التي راهن عليها العدوان وعملاؤهم في الطابور الخامس بالداخل لدفع الشعب بالانتفاضة في وجه اللجنة الثورية إلا أنها جميعاً فشلت، وهنا يمكن أن نشير إلى أبرز الانتصارات كنقاط.

  • التعاطي مع كل أبناء الشعب بكل انتماءاتهم الحزبية والاجتماعية والمذهبية بروح ثورية ووطنية وعدم الانجرار وراء ردود الفعل أمام الأعمال الاجرامية والمذهبية والمناطقية التي قام بها عملاء العدوان ونجحت اللجنة الثورية العليا في تحشيد الشعب حول القيم الوطنية والتعايش وكان انجاز وثيقة الشرف القبلي لمواجهة الثارات وحل المشاكل علامة مضيئة في ظل تعالي أصوات المناطقة والمذهبية، وكذا كان مؤتمر الثبات الوطني لأبناء تعز رداً قوياً في مواجهة الأعمال الإرهابية والتكفيرية والفتنة الطائفية.

تمكنت من اختراق العزلة التي فرضها العدوان وتمكنت من ارسال وفدين للجنة الثورية العليا إلى خارج الوطن وتمت زيارة عدد من الدول، وأوصلت مظلومية اليمن إلى الخارج وإلى كل المحافل الإقليمية والدولية، وعلى أثر ذلك أصدر المؤتمر الأوربي قراراً هاماً أدان فيه الجرائم التي ارتكبتها طائرات التحالف بحق المدنيين العزل، ثم شهدنا بعد ذلك تحركاً من المنظمات الحقوقية الدولية

لقد كان موقف اللجنة الثورية بتسليم السلطة بعد تشكيل المجلس السياسي، أكبر انتصار للقيم الثورية التي عبر عنها المناضل الكبير محمد علي الحوثي في خطابه أمام الجماهير المحتشدة في المظاهرة المليونية بميدان السبعين .

 

الإخفاقات:

1_ ارتكبت بعض الأخطاء مثل إصدار قرارات تعيين دون دراسة.

2- كانت هناك تجاوزات خاصة من قبل اللجان الثورية الفرعية.

مقالات ذات صلة