سيكلوجية العدوان

كتب/ إبراهيم محمد الهمداني

لم تدخر قوى تحالف العدوان جهداً، ولم تتوانَ او تتورع عن اتخاذ أي وسيلة – مهما كان قبحها – في عدوانها على اليمن أرضا وإنسانا، وسعيها إلى تركيعه وإذلاله واستعباده، وإعادته إلى حظيرة الوصاية والتبعية، مهما كان الثمن، والحيلولة دون تحرره وسيادته واستقلاله، حتى لو وصل الأمر إلى إبادته ومحوه من الوجود.

ولأن أمريكا تعي جيدا معنى خروج اليمن عن وصايتها وهيمنتها، ومدى انعكاسات ذلك على مختلف بلدان المنطقة، وأثره على أمن الكيان الصهيوني الغاصب، وهذا التهديد هو ما لم ولن تسمح امريكا وحلفاؤها بحدوثه بأي شكل من الأشكال.

لذلك أوكلت الإدارة الأمريكية الى مملكة ال سعود وحلفاؤها، مهمة حماية بوابة امبراطورية الكيان الصهيوني المزمع إقامتها، وبدافع من الإحساس بالنقص والدونية والرغبة في الانتقام والقتل والتدمير، قَبِلَ نظام ال سعود المهمة بسعادة وامتنان، عاقدا الامال عليها لتحقيق عدد من الأهداف والمكاسب، ولعل أهمها:

1- نيل رضى اسرائيل والحظوة لدي امريكا

2- تحقيق مكانة سيادية في المنطقة، من خلال بسط النفوذ السياسي، واجتراح دور القائد والبطل المثالي، والابوية التسلطية المطلقة على العالم العربي والإسلامي، إنطلاقا من شرعنة عدوانها على اليمن، وتأسيسا على الأبوية الدينية، التي تمارسها بحق جميع العرب والمسلمين، وترى فيها حقا إلهيا ومنحة ربانية، لا ينبغي ان يناله سواها، ونظرا لتعارض روح الدين الحنيف مع اطماعها التسلطية التي تسعى لتحقيقها بواسطته، سعت جاهده لتشويه الدين وتحريف مقاصده، وتحويل دلالاته الى العنف والإرهاب والتدمير، بما يتناسب ومصالحها، متخذة من الابوية الدينية مطية لبلوغ الابوية السياسية. 

3- إشباع عقدة النقص والشعور الملازم بالدونية، من خلال انتهاج السلوك السلبي الموازي، وهذه عقدة مرضية تدخل في اطار سابقتها، فإذا كان السلوك الإيجابي المعاكس يحتم على صاحب عقدة النقص ان يسعى الى الكمال ويتسنم مظاهره، ويبالغ في تمسكه بالفصيلة، ليرسم لنفسه صورة بين الناس – في الظاهر على الاقل – انه كذلك، فإن السلوك السلبي الموازي، ينبئ عن عقدة نفسية مرضية مزدوجة او مضاعفة، فبدلا من اجتراح الفضيلة ولو نفاقا ورياءً، يسعى صاحب هذه العقدة المستفحلة – بغريزة التوحش وحب الانتقام – الى قتل وتدمير ومحو كل ما يمثل الكمال والفضيلة والرقي، وكل ما يجسد القيم الإنسانية او يتصل بها، محاولا تكريس صورة القبح المطلق – التي يمثلها هو – وسيادة الشر وسلطة الهدم اللامتناهي، وهذا بذاته هو منطق ابليس الرجيم ومنهجه، الذي يقتفيه أولياؤه – الصهيوسعوامريكان – ويحرصون على تنفيذه جملة وتفصيلا.

إن فهم سيكلوجية العدوان – الانفة الذكر – يسهل فهم طبيعة جرائمه ومرتكزات سلوكياته الوحشية وتصرفاته العدوانية الفجة، وافتقاره المطلق لوازع الحياء والخجل والضمير والإنسانية، ومراعاة الله تعالى والمصير الاخروي، في الأقوال والأفعال، وهو بهذه الصفة تجاوز إجرام وطغيان ابليس الرجيم، الذي اعلن براءته من الكافر وخوفه من الله تعالى.

يمكن القول إن وحشية وإجرام طغيان العدوان السعوامريكي على اليمن، قد تجاوز كل وصف وفاق كل حد، فجرائمة ومجازره الوحشية الجماعية بحق المدنيين أكثر من أن تعد، وفوق مستوى الوصف، او يكون لها نهاية الا بزواله، فهي اكبر من ان تنسب للتوحش وشريعة الغاب، او ان تنتمي لعالم الجريمة، فلا يحدها قبح ولا تبلغها بشاعة، ولكن الأقبح منها هو استماتة المرتزقة والعملاء في تبرئه تحالف الاجرام هذا، وإلصاقها بفصيل ما او جهة معينة، من أولئك الشرفاء الذين يدافعون عن الوطن ضد العدوان، ولا يتحرج أولئك العملاء من الاحتجاج لزيفهم وقبحهم بمبررات واهية، بينما لا يجد كيان ال سعود الارهابي غضاضة من الاعتراف بارتكابه تلك المجازر بحق المدنيين، واحدة تلو الأخرى، بكل قبح وعنجهية وصلف وكبر، وبدون أدنى مراعاة لموقف عملائه ومرتزقته الذين اقسموا اغلظ الايمان على براءته، وخلو ساحته من الاجرام.

مقالات ذات صلة