اغتيال الثقافة.. أم ثقافة الاغتيال.!

بقلم د/ أسماء الشهاري

إنَّ الوطن و الشعب اليمني لم يكن يعرف أنَّ أشدّ معاناته ستكون مع من يدعون المدنية و الثقافة..
لم يحرمهم هذا الوطن من شيء.. و احتضنهم بكل حب، فلماذا تنكروا له؟

قالوا :شكراً سلمان في بداية العدوان، لكننا اعتقدنا أنه بعد كل ذلك الإجرام الذي لحق ببلدهم و أهاليهم سيرجعون عن غيّهم و ضلالاتهم فما زادوا إلا عتوّاً كبيراً!!

و هل نصدق أنه إلى اليوم لا يزال هناك من لا يعرف الحق من الباطل كما يزعم البعض؟
بعد مضي أكثر من عام و نصف على عدوان لم تعرفه البشريه.. على مرأى و مسمع منهم؟ فيميلون إلى الحياد.. و لا يقفون موقفاً يغيظ عدو الله و عدوهم!

لكن الأدهى و الأمرّ من ذلك أنه يوجد من يؤيد العدوان و بكل قوته.. ليس من يحمل السلاح ضد أرضه و أخوانه فقط، بل أيضاً من يؤيدهم بموقفه و بكلامه أو حتى بحياده .. و أنَّ شريحة واسعة من هؤلاء من طبقة يطلقون على أنفسهم أسماء كمثقفين!!

تعساً لكم و لثقافتكم التي لم تقدروا أن تميّزوا بها بين الحق والباطل..

تعساً لها من ثقافة التي تجعلكم ترحبون بمن جاء ليستبيح أرضكم و عرضكم.. وليس في طياتها ما يجعلكم تقبلون التعايش مع أبناء وطنكم ..

تعساً لها من ثقافة التي تجعلكم تقفون إلى جانب الغازي و المحتل ضد أرضكم وأبناء وطنكم و جلدتكم..

تعساً لها من ثقافة التي تجعلكم تنجرون وراء الطائفية المقيتة و المذهبية و المناطقية البغيضة و بكل سهولة أكثر من غيركم..

تعساً لها من ثقافة التي لا تجعلكم تتناهون عن منكرٍ يفعله سفهائكم و هم يقتلون الأبرياء منكم دون وجه حق.. و أفٍّ لكم و لثقافتكم هذه..
لو أنكم بِعتُم شهائدكم و اشتريتم بدلاً منها قلوباً و ضمائر بدلاً من ضمائركم الميتة و قلوبكم المتحجرة لكان أشرف لكم و أطهر..

لقد ابتلى الله هذا الوطن و الشعب بكم.. يا من بِعتُم أنفسكم بثمنٍ بخس.. و كنتم من الخاسرين في الدنيا والآخرة..
لكن الأشدّ بلاءاً بعمالتكم و ارتزاقكم و خيانتكم لله و لدينه و لوطنكم.. كانوا هم المؤمنين الصابرين المجاهدين الذين يقطنون في مناطقكم..،
فتماديتُم في قبحكم يقودكم حزب الشيطان و تدفعكم الوهابية التكفيرية لأن تقتلوا إخوانكم و تأتوا بالمحتلين من كل مكان عوضاً عنهم،و بدعوى الإنتصار لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، و التي أنتم بعيدون عنها بعد السماوات عن الأرض…الذي لم يحاصر و يقتل النساء والأطفال و الشيوخ و يهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها ولم يسحل و لم يمثل بالجثث و لم يُعذِّب الأسرى و لم يأمر بالخيانة..

يا من تقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس و تعتدون عليهم لأنهم لم يخونوا الله و دينه و لم يقبلوا بذلك و تطّهروا من العمالة والإرتهان ، و تقولوا للقتلة و المجرمين منكم :أخرجوهم من قريتكم إنهم أُناسٌ يتطهرون..

و أمام باطلِكُم كان لا بد للحقّ أن يتجلّى في أبهى صوره.. لذلك أوعز إليكم شياطينكم أن تحاصروا أهل الحق و الإيمان و أن ترتكبوا بحقهم أبشع الجرائم.. لكنهم ثبتوا و صمدوا و واجهوكم بشجاعة منقطعة النظير مدافعين عن أرضهم و عرضهم و مبدأهم الحق و وطنيتهم الصادقة …

ولأن فيكم يزيد كان لا بد من دم كدم الحسين يُطهِّر الله به الأرض من رجسكم و عمالتكم و يُعز الله به دينه لأنه قال :”ولله العزة و لرسوله و للمؤمنين “، و كان لا بد من زينب الثائرة الصابرة المحتسبة تشد من أزره..

كما اخترتم لأنفسكم العمالة فقد اختار الله لهم الشهادة ليجعلهم مع الأنبياء و الشهداء و الصديقين و حسن أولائك رفيقاً ..و تكونوا أنتم مع قتلة الحسين ولا عزاء عليكم..

و بتلك الدماء الثائرة الطاهرة ضد الظلم و بدماء الأبرياء ينصر الله دينه و ينتصر المستضعفين و ترتفع راية النصر المبين..

و كما تعريتُم أمام العالم و تجردتم من الوطنية التي تتشدقون بها و من الثقافة التي تدعونها و هي منكم براء و حاشاها إلا ثقافة الذل و العار و تجردتم حتى من الإنسانية..فنقول لكم أنتم لم تعودوا يمنيين فقد انسلختم من يمنيتكم كما انسلختم من دينكم و قيمه و أخلاقه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أهلها :”ألين قلوباً و أرق أفئدة” و لم يقل يعتدون و يسحلون و يمثلون و يخونون ..

و لتعز العز نحن ماضون لنطهرها من درنكم فلن نسمح لكم أن تجعلوها مدينة الطائفية و الخيانة و حتى تظل مدينة الثقافة و المدنية عند كل اليمنيين..

المصدر “الثورة “

مقالات ذات صلة