اليمن الصامد.. حين تسقط الهيمنة وتتهاوى الأساطيل

جميل القشم

من قلب اليمن، من أرض لم تعرف الركوع، انطلقت صواريخ ومسيرات حولت معادلات القوة، وهزت عروش الهيمنة، وفضحت زيف “الدفاعات الحديدية” التي طالما تغنى بها العدو. لم يكن الأمر مجرد استعراض قوة، بل هو تجل لإرادة شعبٍ اختار المواجهة على الاستسلام، والثبات على الخضوع.

لأعوام طويلة، ظل العدو الامريكي يفاخر بتقدمه العسكري، بأساطيله وجيوشه ومنظوماته، معتقدا أن قبضته على المنطقة لا يمكن أن تهتز. لكن اليمن، ذلك البلد الذي خاض معاركه بإرادة صلبة رغم الحصار والقصف والتجويع، قلب الطاولة وأثبت أن القوة ليست في عدد الطائرات والمدرعات، بل في العقيدة والقدرة على التحدي.

الصواريخ الباليستية والمسيرات اليمنية لم تكن مجرد أدوات قتال، بل رسائل استراتيجية قاسية. لم تسقط فقط على الأهداف العسكرية، بل أسقطت هيبة من كان يعتقد أن سماءه محصنة، وأن بحاره مغلقة أمام أي تهديد. الضربات الدقيقة التي استهدفت القواعد العسكرية، والمنشآت الاستراتيجية، وحاملات الطائرات، كشفت عجز الدفاعات المتطورة عن صدها، لتظهر هشاشة منظومة عسكرية طالما ادعت التفوق.

لم يكن انسحاب السفن الحربية وحاملات الطائرات مجرد إجراء تكتيكي، بل كان اعترافا صريحا بأن استمرار المواجهة سيكون مكلفا. البحر الأحمر، الذي ظل لعقود ساحة نفوذ للهيمنة الغربية، أصبح اليوم منطقة تهديد حقيقي، حيث لم تعد سفن العدو قادرة على التحرك بحرية كما كانت. قررت القوة الكبرى أن تتراجع، لأن الاستمرار يعني استنزافا لم يكن في الحسبان، وهزيمة معنوية لم تتوقعها.

ما حدث في البحر الأحمر خلال 15 شهرا، ليس مجرد معركة عابرة، بل هو إعادة تشكيل لخرائط النفوذ. اليمن الصامد، رغم كل الظروف، أثبت أن إرادة الشعوب أقوى من أعتى الترسانات العسكرية. القوة التي فرضت على العدو إغلاق قواعده والفرار بسفنه، هي ذاتها القوة التي ستصنع التغيير، وتعيد رسم المشهد الاستراتيجي في المنطقة.

إنها رسالة لكل من يظن أن التفوق العسكري وحده يحسم المعارك، ولكل من يعتقد أن الشعوب المستضعفة لا تستطيع تغيير المعادلة. اليمن لم يكن يوما رقما هامشيا في السياسة الإقليمية، بل كان وسيظل قلب المواجهة وروح الصمود.

مقالات ذات صلة