إستراتيجية توطين صناعة الحليب في الحديدة.. مؤشرات النجاح
السبت، 09 ربيع الآخر 1446هـ الموافق 12 أكتوبر 2024
الحديدة – تهامةنيوز : تقرير/ جميل القشم
مثَّل مشروع توطين صناعة الحليب في محافظة الحديدة خطوة مهمّة لتحفيز نشاط الثروة الحيوانية ومربي المواشي، وتحسين مستواهم المعيشي، والإسهام في زيادة إنتاج الألبان، وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأمن الغذائي.
ونظرا لما تزخر به منطقة تهامة من ثروة حيوانية لتحقق الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان، التي يتوقع أن تغطي حاجة السوق المحلي، أولت القيادة الثورية والمجلس السياسي اهتماما بهذا المشروع لتقليص فاتورة استيراد منتجات الألبان.
اتجهت جهود قيادة السلطة المحلية، والجهات ذات العلاقة، إلى تنفيذ العمل بتوجيهات القيادة، ورفع مستوى المتابعة للاطلاع على أوضاع منتجي الحليب، وتقديم الدعم اللازم لهم بما يشجّع على الإنتاج المحلي، وتخفيض فاتورة الاستيراد، وبما يُسهم في مساعدة مربي المواشي من الأسر الفقيرة.
توفير الأجهزة والمعدات:
باشرت الجهات المعنية في توفير الأجهزة الخاصة بجودة الحليب للجمعيات، وتنفيذ دورات تدريبية للمنتجين والجمعيات التعاونية، وتعريفهم وتدريبهم على استخدامها، وتطبيق الطرق السليمة والصحيحة لتجميع الحليب.
وساهمت وزارة الاقتصاد والصناعة بجهود مثمرة وفعّالة في الإشراف والمتابعة على عملية توريد الألبان المحلية للمصانع والجمعيات الزراعية في المحافظة عبر المنتجين المحليين في سهل تهامة؛ تنفيذا لتوجيهات القيادة من خلال شراء منتجاتهم من الحليب.
كما ساهم المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، بالتنسيق مع شركاء العمل الإنساني، في دعم هذا المشروع، وتوفير معدات وتجهيزات مصنع الألبان ومراكز التجميع، ودعم المزارعين.
وتضمن دعم مشروع مصنع الألبان من خطوط إنتاج الألبان وإنتاج العُلب والأغطية، ومكوّنات مراكز التجميع ووسائل النقل المبرّدة، وغيرها من ثلاجات التبريد، وطاقة شمسية، ومضخّات، بتكلفة إجمالية 954 ألفا و121 دولارا.
جهود مشتركة:
تضافرت مُجمل الجهود لتنفيذ إستراتيجية الدولة لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال دعم الإنتاج المحلي، وزيادة إنتاج الحليب، ودعم المزارعين بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، من خلال تنفيذ مشاريع، وتدخلات وأنشطة؛ لتعزيز القدرة على الصمود في اليمن.
وركزت اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة الخدمات الزراعية على تنفيذ مصفوفة من الأنشطة والتدخلات، بالتعاون مع الجهات التي ساهمت في دعمها وتمويلها وإسنادها لإنجاح الإستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة الحليب المحلي ومشتقاته.
وتجلت مؤشرات دعم هذا القطاع في طريق تحقيق الأهداف المنشودة لهذا المشروع الوطني في زيادة الإنتاج وتشجيع المزارعين في تربية المواشي، وتغطية السوق المحلي من هذا المنتج، بدلاً عن الاستيراد من الخارج.
توجهات وأنشطة مثمرة:
ومن ضمن هذه الأنشطة تطبيق البرنامج الوطني لسلاسل القيمة للألبان كتجربة ناجحة وفق خطة مدروسة؛ تزامنا مع إطلاق إستراتيجية توطين صناعة الحليب برعاية رئيس المجلس السياسي الأعلى، وتقديم دعم مالي لمنتجي الحليب بمقدار 130 ريالاً لكل لتر.
وهدفت هذه الجهود في إطار الرؤية الوطنية لخفض فاتورة استيراد الحليب ومشتقاتها، التي تتجاوز قيمتها 333 مليون دولار سنويا، في ظل ما تعانيه البلاد من فجوة غذائية بلغت 82 في المائة، حيث تحتاج اليمن إلى أكثر من مليوني طن سنويا لتلبية احتياجات السكان من الحليب المستورد.
وفي إطار تأهيل ممثلي جمعيات إنتاج الحليب ومربي الأبقار، بدأت أولى الخطوات في تدريب 56 شخصاً، بواقع خمسة أشخاص من كل جمعية من قِبل مصانع الألبان، وتأهيلهم في كيفية اتباع ممارسات التربية الجيّدة والرعاية الصحية للأبقار، وكذلك الاشتراطات الصحية للحلابة، ونقل الحليب.
ولضمان متابعة وتأهيل المنتجين، تم تدريب وتأهيل 120 شخصا يمثلون المجمعين والمنتجين على استخدام الأجهزة المناسبة، وكيفية حفظ واستقبال الحليب بشكل سليم.
دعم مباشر:
ولعبت اتفاقية إقراض الأبقار، بين اللجنة الزراعية والسمكية العليا والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، دورا مهما؛ حيث تم إقراض 25 مستفيداً من فئة المعاقين 50 بقرة في مديرية الدريهمي، كما تم إقراض 37 مستفيداً من فئة المعاقين قرابة 70 بقرة في مديرية المنصورية.
وتم إقراض الجمعيات سبع وسائل نقل مبردة للحفاظ على جودة الحليب، على الرغم من أن هذه الوسائل لا تغطي بالكامل احتياجات النقل. وتمت التهيئة لإقراض 150 مستفيداً آخر من فئة المعاقين أبقارا منتجة.
ومثلت جهود التنسيق والخطوات، التي قامت بها وزارة الصناعة لزيادة كميات الإنتاج من الحليب -خلال الفترة الحالية- وتوسيع قدرة استقبال الحليب في مصانع المحافظة، حافزا كبيرا في رفع كفاءة إنتاج الحليب المحلي.
وتبلورت هذه الجهود في الاتفاق على توحيد كميات الحليب الموردة يومياً لمصانع الألبان الثلاثة (نادفود، يماني، نانا)، بعد عقد اجتماع مع الجمعيات الموردة للحليب، وفرع الاتحاد التعاوني الزراعي في محافظة الحديدة، ومؤسسة الخدمات لتوقيع اتفاقية توزيع كميات الحليب بشكل متساوٍ بين الجمعيات.
مؤشرات الإنتاج:
وبدأت النتائج المحققة ضمن سلسلة الألبان في الحديدة، باعتماد الإستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة الحليب ومشتقاته في 16 أغسطس 2023م، بعد صدور قرار الحكومة في يوليو 2023م، الذي ينص على دعم منتجي الحليب بفارق سعر 130 ريالًا لكل لتر؛ حيث يكون سعر لتر الحليب 450 ريالاً على أن يتم شراؤه في المصانع بسعر 320 ريالاً، وذلك مع تخصيص 130 ريالاً كدعم من الحكومة، يُستقطع من ضريبة المبيعات للمصانع وفق آلية محددة.
ومن أبرز مؤشرات النجاح، التي تحققت بعد الدعم الحكومي، ارتفاع عدد منتجي الحليب، والمستفيدين من المشروع من ألف و220 مستفيدا إلى ستة آلاف و400 مستفيد، وكذا ارتفاع عدد الأبقار المنتجة من أربعة آلاف و186 بقرة إلى نحو 20 ألف بقرة.
وفيما يتعلق بإنتاجية الحليب اليومية، تم تحقيق زيادة كبيرة وصلت إلى أكثر من 111 ألف لتر يوميا، بعد أن كانت كميات الإنتاج تترواح بين 16 ألفا – 17 ألف لتر في المراحل الأولى لمشروع الإستراتيجية الوطنية لتوطين الحليب المحلي.
مراكز تجميع الحليب:
وفي إطار جهود الحفاظ على الحليب من التلف؛ نظرا لبُعد المسافات، وندرة وسائل النقل المبردة، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في محافظة الحديدة، مما يزيد من خطر تلف الحليب بسرعة، تم إنشاء مراكز استقبال نموذجية للحليب، وتوفير وسائل نقل مبردة، وبدأت الخطوة بإنشاء مركزين في بيت الفقيه والمنصورية، من قِبل المؤسسة العامة للخدمات الزراعية.
هذه المراكز مثّلت خطوة مهمة لاستقبال الحليب من الاتحاد التعاوني الزراعي، حيث ستقوم المؤسسة بإعداد المنشآت ومتطلباتها، وتشغيلها، وإدارتها حتى نضوج الجمعيات، ثم تسليمها للجمعيات، على أن يتم استيعاب الجمعيات التعاونية في عدد من المديريات المنتجة للحليب في محافظة الحديدة، مثل: المراوعة، باجل، الصليف، الضحي، الدريهمي، السخنة، المنصورية، وبيت الفقيه، على عدة مراحل.
رؤى مستقبلية:
وفي هذا السياق، أشار وكيل أول محافظة الحديدة، أحمد مهدي البشري، إلى أن أبناء تهامة كما استطاعوا أن يصمدوا في وجه العدوان والحصار -خلال الأعوام الماضية- وكما وقفوا أمام أطماع الغزاة والمحتلين عسكرياً، سيقفون أمامه اقتصاديا، معتبرا تهامة هي سلة اليمن الغذائية.
وأكد الحرص على مساندة جهود الدولة في النهوض بقطاع إنتاج الحليب والألبان، واستغلال الفرص والإمكانات المتاحة لتشجيع المنتجين، ورفع مستوى الإنتاج المحلي.
وأوضح أن إستراتيجية توطين الحليب ستسهم في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، والحد من الاستيراد؛ نظرا لتوفر المقومات المحلية التي تتطلب توجيه الإمكانات نحو إنتاج الحليب المحلي.
ونوه البشري بالجهود التي تبذلها الجهات ذات العلاقة لتشجيع الإنتاج المحلي، والتوجّه نحو مسارات التنمية في كافة القطاعات، ومن ضمنها صناعة منتجات الألبان، وكذا تطوير مراحل الإنتاج، وصولا إلى التصدير.
وذكر أن تهامة تحتاج إلى مزيد من الاهتمام؛ لتنمية الثروة الحيوانية التي تشكل رافدا اقتصاديا، إذا تم تسخير كافة الإمكانات للاستفادة منها، خاصة في مجال الألبان لتقليص فاتورة استيراد منتجات الألبان.
وتطرق إلى ما يوليه قائد الثورة، ورئيس المجلس السياسي من اهتمام بمنتجي الألبان، ودعم هذا القطاع لتحقيق الأهداف المنشودة.. معتبرا اهتمام الدولة بالثروة الحيوانية، ودعم المنتجين، من أهم ركائز مواجهة التحدّيات الاقتصادية في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن.