من هم أنصار الله ؟ (5)
سلسلة وثائقيات تعريفية عن المشروع القرآني في اليمن
بقلم / زيد احمد محمد الغرسي
تصحيح النظرة الى القرآن الكريم والتعامل معه ككتاب هداية
تحدثت في المقال السابق عن الأساس الذي اعتمد عليه الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي في مشروعه القرآني، وهو القرآن الكريم، ووضحت بعض النقاط الهامة حول ذلك، وسأتحدث في هذا المقال عن نقطة هامة جداً وهي : قد يقول قائل: الكثير ينادي بالعودة إلى القرآن الكريم فما الجديد إذن؟!
أقول صحيح، لكن الشهيد القائد تميّز بالكثير من الميزات الهامة التي تحرك بها، وحوّل بها القرآن إلى كتابٍ عملي له أثر في الميدان، وبنى به أمة تتحرك للبناء في كل المجالات وفق الرؤية القرآنية، وقدمت أنموذجاً جذاباً للحق، والحرية، والعزة، والكرامة، والانتماء للهوية الإيمانية، والدفاع عن القضية الفلسطينية ومظلوميتها، وتصدت لأمريكا، والكيان الصهيوني بكل شجاعة وجرأة وقوة، ومرغت هيبة أمريكا، والكيان الصهيوني، وبريطانيا في التراب، وضربت بكل قوة سفنهم، وبوارجهم في البحرين الأحمر والعربي مساندة لغزة ودفاعاً عن أهلها الذين يتعرضون لأبشع جرائم الإبادة في التاريخ من قبل الكيان الإسرائيلي، حتى قال الأمريكيون إن معركتهم مع اليمنيين في البحر الأحمر، هي أكبر معركة بحرية لهم منذ الحرب العالمية الثانية.
وهذه الأمة بقيادة قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي تقود اليوم تحولاً استراتيجياً في واقع المنطقة بشكل عام، لا نفوذ فيه ولا سيطرة لأمريكا، وتفرض معادلات جديدة ومتغيرات استراتيجية لصالح الأمة الإسلامية، ولقيم الحق، والعدل، والخير، والانسانية.
وسنذكر هنا بعض الميزات الهامة التي تحرك بها الشهيد القائد في مشروعه القرآني وسنستكملها-إن شاء الله-في مقالات قادمة، مع دعوتنا لقراءة محاضراته التي ألقاها للاستفادة بشكل أكبر.
• كان من أهم ما ركز عليه في إعادة الأمة إلى القرآن في المقام الأول هو: تصحيح النظرة الى القرآن الكريم، وتصحيح العلاقة معه، وذلك من خلال النظر إليه بأنه كتاب شامل للحياة، والتعامل معه بأنه مصدر الهداية، {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} {هدى للناس}، وبالتالي فعندما تتعامل مع القران ككتاب هداية في كل شؤون الحياة ستتغير نظرتك نحوه، وستجد حتى على مستوى الآية الواحدة، كم سيفيدك في أمور كثيرة في واقع الحياة، وكم ستزداد ايمان، ووعي، يقول الشهيد القائد في ملزمة الثقافة القرآنية: “ثم عندما نتعامل مع القرآن الكريم، نتعامل بإجلال، باحترام، بتعظيم، بتقديس، بنظرة صحيحة للقرآن أنه كتاب للحياة، {تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} كما قال الله عنه: {هُدىً لِلنَّاسِ}، وعندما يقول الله لك، عندما يقول الله لنا {هُدىً لِلنَّاس} فهل من المعقول أن يكون فقط هدى في القضايا البسيطة في المشاكل الصغيرة، أما المشاكل الكبيرة التي هي أخطر علينا من تلك، وأسوأ آثاراً علينا من تلك وعلى ديننا فإنه لا يهدي إلى حل لها، هذا غير صحيح. فعندما يقول {هُدىً لِلنَّاسِ} هو هدى للناس في كل القضايا أمام كل الاحتمالات في كل الميادين، لماذا لا تنظر إليه بأنه هدى للناس في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون إلى من يهدينا في مواجهة أعداء يمتلكون إمكانيات هائلة.
يقول الله {هُدىً لِلنَّاسِ} معناه يُعلّم الإنسان كيف يكون (طيِّباً) وأشياء من هذه، يصلى ويصوم ولا يتدخل في شيء، فنقدم القرآن وكأنه لا يمتلك أي رؤية، ولا يعطي أي حل ، ولا يهدي لأي سبيل فيما يتعلق بالمشاكل الكبيرة، فيما يتعلق بالمخاطر العظيمة ، هو {هُدىً لِلنَّاسِ} في كل مجال ، في كل شأن ، فتكون نظرتنا للقرآن الكريم نظرة صحيحة، هذا هو كتاب حي، كتاب يتحرك بحركة الحياة ، بل يستطيع فعلاً – لأنه أوسع من الحياة – يستطيع – إذا ما أُعْطِيت فهمه، إذا ما كنت تعيش معه ،وفق نظرة صحيحة – أن يُقيّم لك الأحداث فتكون أدق من أي محلل سياسي آخر، أدق من أي صحفي آخر، أدق من أي مهندس لسياسة أمريكا و غيرها في تقديرك للأحداث”.
ويقول الشهيد القائد أيضا: “القرآن علوم واسعة معارف عظيمه القرآن أوسع من الحياه أوسع مما يمكن ان يستوعبه ذهنك مما يمكن ان تستوعبه انت كإنسان في مداركك القرآن واسع جدا وعظيم جدا هو “بحر – كما قال الإمام علي – لا يدرك قعره ” نحن اذا ما انطلقنا من الأساس عنوان ثقافتنا ان نتثقف بثقافة القرآن سنجد أن القرآن هو هكذا عندما نتعلمه ونتبعه يزكينا يسمو بنا يمنحنا الحكمة يمنحنا القوة يمنحنا كل القيم التي لما ضاعت ،ضاعت الأمة بضياعها كما هو حاصل الآن في وضع المسلمين وفي وضع العرب بالذات وشرف عظيم جدا لنا ونتمنى ان نكون بمستوى ان نثقف الآخرين بثقافة القرآن الكريم وان نتثقف بثقافة القرآن الكريم ” ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم”، يؤتيه من يشاء فنحن نحاول ان نكون ممن يشاء الله ان يؤتوا هذا الفضل العظيم”
• قدم القرآن ككتاب عملي في كل آياته حتى تلك التي يطلق عليها معتقدات، هي معتقدات وراءها عمل كبير، وتُبنى عليها في واقع الحياة تصرفات، وسلوكيات، ومواقف، وووالخ.
فمثلا الإيمان بالله يحتاج أن ننطلق في تنفيذ توجيهات الله التي وردت في القرآن، ومنها: الجهاد في سبيل، والإنفاق في سبيل الله، والإحسان، وووالخ. وأن مقتضى الإيمان بالله هو الثقة به في وعوده المتكررة في القرآن بنصر المؤمنين، وهكذا في بقية المعتقدات.
يقول الشهيد القائد في ملزمة الثقافة القرآنية:
“القرآن الكريم كله قوة، كله عزة، كله شرف، كله رؤى صحيحة، وحلول صحيحة تعطي كل من يسيرون على نهجه أن يكونوا بمستوى أن يضربوا أعداء الله كيفما كانوا، وكيفما كانت قوتهم، فالذي يحمل القرآن الكريم، ولا يتثقف بثقافته وإن كان يتلوه ليله ونهاره، هو من سيكون في الواقع ممن نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وسترى أن الشخص الذي يحمل القرآن وتراه ضعيفا في مواقفه من أعداء الله ضعيفا في رؤيته للحل الذي يهدي إليه القرآن، فاعرف بأنه بمعزل عن القرآن الكريم”.
ويقول أيضا: “نحن يجب أن تكون نظرتنا للقرآن صحيحة، عندما تنظر للقرآن، عندما تتعلم القرآن تتعلمه وأنت تَعُد نفسك واحداً من جنود الله، وإلا فستكون من تلك النوعية التي تـتقافز على الآيات {كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} كونوا أنتم. فيقول: (أنا مالي دخل)، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ} (أنا مالي دخل) وهكذا تتقافز على الآيات فتكون أنت من تضع أمامك حجباً عن الاهتداء بالقرآن الكريم، وبالتالي ستكون أنت من تقدم القرآن الكريم للآخرين ضعيفاً هزيلاً”.
• قدم الأسلوب الصحيح في فهم القرآن، وفق القرآن نفسه، وليس وفق نظرة شخصية، أو رؤى مسبقة، أو تفسيرات مسبقة، ثم وضح الطريقة الصحيحة التي تؤدي إلى فهمه بالشكل الصحيح حيث قال في ملزمة الثقافة القرآنية:
“يتذكر الإنسان دائماً بالقرآن، ويكون همه أن يتذكر عندما تقدمه للناس قدمه على هذا النحو، تذكرهم به، وليس بأسلوب المفسر، تنطلق وكأنك مفسر للقرآن، قد تخطئ، أو أن تغوص في أعماق القرآن قد تخطئ، يكفيك ظاهر القرآن أن تتذكر به وأن تذكر الآخرين به، أن تدَّبره وأن تدعو الآخرين لكي يَدَّبروه، هو شيء واسع جداً.
هذا ما أريد أن أقوله فيما يتعلق بالتعامل مع القرآن، نحن لا نريد أن يكون مبتذلاً، فكل واحد ينطلق ويرى أنه يستطيع أن يفسر، ويستطيع أن يحلل، ويستطيع أن يغوص في أعماق هذه الآية أو تلك، أو يستوحي من هذه الآية أو تلك، انطلق مع ظاهر القرآن الذي هو ميسر {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}. حتى قضية استنباط أحكام شرعية لا تكون هي القضية التي تشغل بالك، إنه كيف بالنسبة للوضوء بالنسبة للصلاة فهي جاءت في آيات مقتضبة مختصرة {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} لكن في المجالات الأخرى المهمة يتكرر الحديث حولها في القرآن كثيراً، يتحدث كثيراً جداً ويعرض القصص والأمثال وتتعدد في القرآن. كذلك المواريث جاء بها في آيات محصورة بينة. البعض قد يقول: إذا انطلقنا إلى القرآن فمعنى ذلك أن كل واحد من عنده يستنبط أحكام ويخرج قضايا و ..و . أقول: لا نحن نريد أن ندعو أنفسنا، وندعو الناس إلى أنه يجب أن نتعامل مع القرآن وفق ما دعانا الله إليه في القرآن عندما قال {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} وأن القرآن يعطي الكثير الكثير في هذا المجال، هذا الذي نريد”.
• أيضا مما ميز الشهيد القائد، هو الاهتمام بالقضايا الرئيسة للأمة التي قدمها القرأن، والعناية بها، وإبرازها بشكل واضح، وتثقيف الأمة بها، بعد أن صارت مغيبة بشكل كبير في أوساط الأمة لقرون، بل أصبح الحديث عن بعضها أمرا مستغربا: كالجهاد في سبيل الله ( بمفهومه الصحيح وليس وفق المفهوم الامريكي الذي تتبناه القاعدة وداعش ) ،والاعتصام بحبل الله، أوأحيانا يتم النظر إلى بعض منها أنها كانت في زمن رسول الله فقط ولم تعد صالحة لزماننا ، على سبيل المثال وعود الله بنصر المؤمنين إذا ما تحركوا في سبيله وإعلاء كلمته، ومواجهة أعداءه، كما ركز أيضا على فضح الأعداء من اليهود والنصارى، وأساليبهم، ومؤامراتهم، ضد الأمة، وكيفية مواجهتهم وفق توجيهات القرآن الكريم، وكل ما يتفرع عن تلك المواجهة في كل المجالات، والتي نجد أنها من أهم المواضيع التي تحدث عنها القرآن بشكل واسع، وتكررت في كثير من السور، خصوصا السور الكبرى في القرآن لأهميتها في واقع الأمة، والصراع مع اعداءها.
• أيضا مما تميز به الشهيد القائد أنه قدم رؤية شاملة، وواضحة للمشروع القرآني في كل المجالات: السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، وكل شؤون الحياة، ولم تكن مجرد نظريات او رؤى تظل في بطن الكتب للاطلاع ، بل قدمها، وربطها بخطوات عملية في الميدان لبناء الأمة، وبدأ بتطبيقها على أرض الواقع، فقام ببناء أمة قرآنية تتحرك وفق رؤية القرآن في كل المجالات، وتبني نفسها بناء قويا في كل المجالات، وواقع الشعب اليمني اليوم، وما وصل إليه خير شاهد على هذا النموذج، ونجاح الرؤية القرآنية التي قدمها رضوان الله عليه.
هذا جزء بسيط مما تميز به الشهيد القائد فيما يتعلق ببعض النقاط حول العلاقة مع القرآن الكريم فقط، وهناك الكثير من المميزات لهذا المشروع القرآني سنتحدث عنها-إن شاء الله-في مقالات قادمة، ولكن ركزنا هنا على بعض النقاط المفصلية التي أحدثت التغيير في التعامل مع القرآن الكريم، وفي تقديم المشروع القرآني كمشروع ناجح، له رؤية عملية، تمثل الحل الجذري للأمة لإخراجها من وضعيتها السيئة وهيمنة أعدائها عليها إلى وضعية الحرية، والعزة، والقوة، والمنعة، والاستقلالية، والبناء، والتطور، كما قال الله عنها:{كنتم خير أمة أخرجت للناس}.
يتبع..