كارثة بيئية ومأساة غذائية على الشريط الساحلي الغربي .. رسالة إلى السيد والمجلس السياسي

[04/أكتوبر/2016م ]

متابعات – تهامة نيوز

بعث الإعلامي اليمني حمود محمد شرف رسالة عاجلة إلى السيد عبدالملك الحوثي والمجلس السياسي الأعلى حول الوضع الكارثي والمأساوي الذي يتعرض له أبناء الشريط الساحلي جراء العدوان والحصار المفروض على أبناء الشعب اليمني .

نص الرساله 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله القائل : ” مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ” [ ٢٩/الفتح] وصلى الله على نبيّ الرحمة محمد وعلى آله الطاهرين .. القائل : ( كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٌ عن رعيّته ) أما بعد ..

السيد/ عبدالمـلك بـن بـدرالديـن الحـوثي
قائد المسيرة القرآنية المباركة قائد الثورة الأكرم

الأخوة/ رئيس ونائب وأعضاء المجلس السياسي الأعلى … المحترمون

الموضوع ( كارثة بيئية ومأساة غذائية على الشريط الساحلي الغربي)

يطيب لي أن أرفع إليكم خالص أمنياتي لكم بالتوفيق من الله لصالح الأعمال وأن يكون سبحانه وتعالى عونَكم في القيام بمسؤولياتكم تجاه أبناء شعبنا اليمني المجاهد والصابر ، وإشارةً إلى الموضوع فإنني أرفع إليكم هذا التقرير الذي أحيطكم علماً من خلاله بأنّ العديد من عُزَل مديريات الشريط الساحلي الغربي لليمن يعيش أبناؤها اليوم مأساةً بيئيةً وغذائيةً حقيقية، وقد شهدتها بنفسي خلال مرافقتي لفريق (إذاعة سام اف ام وقناة المنار الفضائية ) أثناء زيارتنا لتلك المناطق بغرض إجراء لقاءاتٍ ميدانية مع أبنائها والتأكد من حقيقة الوضع الذي يعيشونه في ظل العدوان والحصار السعودي الأمريكي الغاشم، الذي كان سبباً رئيساً في تدهور الوضع الصحي والغذائي في تلك المناطق ، الأمر الذي دفع بها إلى شفير “مجاعةٍ” حقيقية و “كارثةٍ بيئيةٍ” تُنذرُ بخطر انتشار أوبئة “جرثومية” مُعدية باتت ملامحها واضحةً للعيان في أوساط التجمعات السكانية بتلك المناطق، وخصوصاً بين شريحة الأطفال ، ومن تلك المناطق _التي أسعفنا الوقت بالنزول إليها_ العديدُ من العُزَل والتجمعات السكانية الواقعة بمحاذاة الخط الساحلي في مديرية “التُّحيتَا” التابعة لمحافظة الحديدة ، حيث وثقنا فيها بالصوت والصورة العديدَ من الحالات والأوضاع المأساوية على المستوى الفردي والعام ..

على المستوى “العام” وجدنا أن تلك التجمعات السكانية باتت_فعلياً_ على شفير مجاعةٍ محققّة بسبب سوء التغذية الحاد والذي يعود لعدة أسباب ؛ أبرزها :

– إقدام تحالف العدوان على منع تلك التجمعات السكانية من دخول البحر لممارسة الصيد الذي يُعدُّ مصدر الاسترزاق والدخل الوحيد لديها منذ ما قبل العدوان وبعده، لكونها من المناطق النائية والفقيرة التي لم تكن على اتصالٍ بمحيطها الاجتماعي في مراكز مديريات المحافظة قبل إنشاء الخط الساحلي وافتتاحه قبل سنوات قليلة وحتى بعد ذلك .

– الوضع الاقتصادي الذي تعيشه تلك التجمعات السكانية متردٍّ جداً ونسبة المشاريع الخدمية فيها تبلغ 0% ، الأمر الذي أوجد صعوبةً بالنسبة إليها في إيجاد بدائل اقتصادية خصوصاً بعد أن حال تحالف العدوان بينها وبين ممارسة الصيد ، كما كان السبب في استمرار عزلتها عن مراكز المديريات في المحافظة .

– عدم التفات الجهات الحكومية المعنية في الدولة والمحافظة إلى تلك التجمعات السكانية بالشكل الذي ينبغي، وذلك بسبب انعدام الإمكانات لدى بعض تلك الجهات من ناحية ، وبسبب تقصير البعض الآخر مع وجود الحد الأدنى من الإمكانات من ناحية أخرى.

– الدعم المالي والغذائي المقدم كمساعدات لتلك التجمعات السكانية ضمن مبادرات مجتمعية من أبناء المديريات الساحلية في المحافظة لم يكن بالقدر الذي يمكن معه تفادي الكارثة الغذائية الحاصلة نظراً للوضع الاقتصادي المتدني الذي يعيشه السواد الأعظم من أبناء تلك المديريات، فضلاً على أنهم يكادون أن يكونوا هم المبادرين الوحيدين لإغاثة تلك التجمعات السكانية بما أمكن لديهم عدا من بعض الميسورين الخيّرين من التجار ومُلّاك الأرضي الزراعية .

وفيما يتعلّق بهذه “المجاعة” فقد قمنا بتوثيق العديد من الحالات المأساوية الناتجة عن سوء التغذية، من تلك الحالات ما قمنا بتوثيقها في مستشفى الثورة العام بمدينة الحديدة ، ومنها ما قمنا بتوثيقه في أوساط تلك العزل نفسها، حيث تنتظر ليأتي عليها الدور لنقلها إلى المستشفى لتلقّي العناية .

أما على المستوى الفردي في تلك التجمعات السكانية فلقد وجدنا العديد من الحالات المرضية غير الخطيرة والناتجة عن الوضع الصحي العام، بعضها بحاجة لمعالجتها إلى تدخّل جراحي، والبعض الآخر إلى تدخّل دوائي فقط ؛ إلا إن هذا وذاك ما لم تتمكن تلك الحالات من الحصول عليه نتيجة ما تم الإشارة إليه سلفاً .

الأهم والجدير بالالتفات إليه هو أننا وجدنا في تلك التجمعات السكانية الكثير من الحالات الوبائية الخطيرة والمعدية والمنتشرة خصوصاً بين شريحة الأطفال سيما في المناطق التي استُهدفت بصواريخ العدوان ، من تلك الأوبئة “وباء الجَرَب” و “وباء الجُذام” وأوبئة جلدية أخرى ظهرت بأشكال غريبة ومتعددة ، وتلك الحالات في تزايد مستمر للأسف الشديد ..

وعليه .. رأينا أن من واجبنا إطلاعكم على حقيقة الوضع الإنساني المؤلم والكارثي الذي تعيشه تلك العُزَل والتجمعات السكانية التي تمكنّا من النزول إليها ، في حين أكد لنا الدكتور داوود قطّاب الذي رافقنا أثناء النزول أن هناك عُزَلاً وتجمعات سكانية أخرى تعيش أوضاعاً مماثلة بل وأسوأ من تلك الأوضاع في بعض تلك العُزَل والتجمعات .

الدكتور ( داوود قطّاب ) هو أحد أبناء مديرية “التُّحيتَا” ، وهو _كما بدا_ المتطوّع الوحيد في مجال إغاثة سكان تلك المناطق المنكوبة والذي يعمل في هذا المجال بالتعاون والتنسيق الكامل مع مشرف أنصار الله بالمديرية الأخ ( مطهر الهادي – 773195480 ) والذي وجدنا أن لمساعيه في خدمة أبناء المديرية الأثر الطيب والكبير في نفوس كبارها وصغارها ، والمذكوران على دراية كاملة بتفاصيل الوضع البيئي والغذائي والخدمي الذي تعيشه المديرية، وهما على اطلاع جيد بأوضاع المديريات الأخرى في المحافظة، ونرى أن مبادرتكم بالتواصل بهما والتنسيق معهما لمواجهة تلك الأوضاع بما ينبغي فعله هي ما سيدفع بإذن الله تعالى الكارثة الإنسانية التي تتهدد تلك العُزَل ومديريات محافظة الحديدة ككل وربما المحافظات الأخرى أيضاً لا سمح الله. علماً بأن كل تجمع سكاني في كل عُزلة من تلك العُزَل لا يتعدى 100 شخص مما سيسهل عملية الإغاثة بإذن الله تعالى .

ختاماً .. لا أنسى أن أشير وأشهد أن كل من قمنا بالنزول إليهم في تلك التجمعات السكانية أنهم – جميعَهم – ودّعونا بهتاف “الصرخة” وعبارات الثبات والصمود والتحدي للعدوان السعودي الأمريكي .. تماماً كما استقبلونا بها ، وفي مقدمتهم أولئك الأطفال “الجوعى” و “الموبوؤن” حـرّاسُ الساحل الغربي لليمن .
اللهمّ إني قد بلّغت .. اللهمّ فاشهد

أخوكم/
حمود محمد شرف
١ محرّم ١٤٣٨ هـ
3 أكتوبر 2016م

مقالات ذات صلة