*علي حيسي الأهدل… وداعاً*

✍️ محمد موسى المعافى

عندما يرحل السباقون تنقص الأرض من أطرافها وتنطفئ منارة كبرى كانت ترسل إشعاعات خيرها ونورها في ربوع العالمين

عندما يرحل السباقون تنفطر لذهابهم القلوب لكونهم حماة الأمة وركنها الركين، وصمام أمن قيمها ومبادئها التي ترتفع بها إلى مصاف الأمم الخالدة ذات الإسهامات الكبرى في حياة البشرية.

لا نرثي اليوم رجلا عاديا أو شخصا عابرا نقف اليوم بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم في موقع رثاء رجل بأمة.. رجل سخر نفسه على تقديم البديل في مجال الإنشاد وعمل على أحياء شعبه الذي افترسته وحوش الانحطاط والتحلل القيمي والعقدي في حقبة الحداثة الزائفة، وعمل ليل نهار لخدمة قضايا أمته التي تآمر عليها القريب والبعيد، في زمن التبعية والهوان والردة عن المبادئ الناصعة والمعاني الجميلة.

علي الأهدل واحد من العظماء الذين أنجبتهم تهامة ، وارتبطوا بالمشروع القرآني الذي وهبهم شمائل وحباهم بقدرات وطاقات متميزة ارتقت بهم إلى قمة المجد وذرى العمل والتضحية والعطاء

علي الأهدل رجل ليس ككل الرجال، ومنشد ليس ككل المنشدين فما تركه الرجل الفذّ بين دفتي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع يضعه حتما ودون جدال في المرتبة الأسمى التي لا يجاوره فيها إلا نفر قليل من بالغي التفرد والتميز والإبداع في العصر الحديث .

ربما لا يعرف الكثيرون سيرة حياة الاهدل الذي شكل نموذجا للإصرار والمواجهة والتحدي في كل الميادين وفي مختلف الأوقات، أو يدركون بعضا من العناوين العريضة التي بزغت في مرحلة ما من مراحل حياة الرجل التي تختزن في صحائف أعماله مدونات كتبت بمداد الذهب والمجد والفخار .

لقد مثل الفقيد علي الاهدل مدرسة ابداعية كبرى متكاملة الأبعاد والزوايا وموسوعة فنية شاملة طبعت بصماتها المؤثرة في كل مكان، وتركت آثارها العميقة في حياة تهامة خاصة واليمن عامة .

فرغم مرضه العضال الذي ألم به منذ سنوات طويله الا أنه لم يجد ذلك مبررا للقعود في الوقت الذي تكالب علينا الأعداء من كل جهة فانبرى في مجال الانشاد أسدا ليتصدى للطغيان الدولي المتمثل في العدوان على بلدنا ويدافع عن حقوق وقضايا الشعوب وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .

جسدت حياة الفقيد الأهدل كل أشكال القوة والعزم والصبر والثبات والصمود في وجه المحن والتحديات، فجعل من صوته الشجي وأدائه الرائع وسيلة يبعث بها الطاقات ويرفع بها المعنويات وهكذا كانت حياته رائعة من الإصرار العجيب الذي تفاعل بين ضلوع شخصية فريدة لا تأبه بالباطل ولا ترتعد من سطوة المستكبرين

لا تقتصر حياة الفقيد الأهدل على جانب الانشاد فقط بل امتدت لتخلد مواقف صلبة كونه امتلك قدرات فكرية و مرونة مدهشة استقاها من المشروع القرآني والقيادة الإيمانية ليشكل شخصية بديعة ذات ملامح ومكونات متكاملة تُوّجت بحضور لافت في مختلف المجالات .

من الصعب رثاء قامة كبرى كقامة الفقيد علي الأهدل الذي أفنى حياته في سبيل نصرة دينه وإعلاء شأن شعبه وأمته فسلام الله عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يلقى الله مجاهداً مخلصاً صادقاً متوليا لله ولرسوله وللإمام علي ولآل البيت الأعلام

مقالات ذات صلة