خواطر ثورية .. دفاعا عن ثورة 26 سبتمبر ضد العصبويين .

بقلم / عبدالملك العجري

خواطر ثورية 1
في الوقت الذي تبالغ طائرات العدوان في تدمير ماضي وحاضر ومستقبل اليمنيين ,يلاحظ المراقب ان الجدل حول ثورة 26 سبتمبر في وسائط الميديا ومواقع التواصل الاجتماعي يتحول لنوع من التدمير الذاتي يشوه علاقتنا بالواقع والتاريخ ,من خلال الاستدعاء التاريخي الغرضي الفج والمريب لفوبيا الامامة السياسية وتبخيس الراسمال الزيدي و مقولات عصبوية طبقية وطائفية كمقولة الهاشمية “السادة” والكهنوت ..الخ كمادة إعلامية لصناعة الكراهية و تطوير وتعميم وعي عصبوي وطائفي مضاد يحاصر انصارالله والقوى الثورية وشرائح اجتماعية معينة في سياجات عازلة وجماعات مغلقة وتأليب الراي العام .
مثل هذا الخطاب المشاكس الذي تتبناه جهات او اشخاص يدعون التملك الذاتي للثورة يمثل اخطر عملية تزوير لهوية وروح ثورة 26سبتمبر واكبر تشويه يمكن ان يلحق بها
خطورة هذا الخطاب كونه لا ينظر لثورة سبتمبر مشروعا وطنيا بل سلاحا يشهره -بعد تحريفه وتشويهه وافراغه من كل مضامينه الثورية والوطنية والانسانية- في وجه خصومه السياسيين في معركة لا علاقة لها بالثورة ولا بالجمهورية .
لذا وجدت نفسي كيمني ينتمى للفكر الثوري ملزما بالدفاع عن ثورة سبتمبر المجيدة وابراء ساحتها من الطحالب العالقة بها واثبات زيف انتماء هذا الخطاب المازوم لها و بشاعة التوظيف الميكافيلي لهذه المناسبة الوطنية العظيمة لاهداف انانية .

خواطر ثورية 2
دعونا نناقش الامر بموضوعية أي ثورة في مراحلها الاولى ينقسم المجتمع حولها وتثير جدلا سياسيا واعلاميا وشعبيا وتعمد الى عدد من الاجراءات الثورية لحماية نفسها الى ان تستطيع ترسيخ نفسها وتجاوز مرحلة الثورة الى مرحلة الدولة ومن ثم يبدا الانقسام حولها في التلاشي والتحول لثابت سياسي ووطني غير قابل لإعادة الانقسام والجدل كما يحصل الان مع ثورات الربيع العربي .
بالنسبة لثورة 26سبتمبر عمرها اكثر من نصف قرن اعتقد انها قد تجاوزت مرحلة التحصين الثوري ومهما اختلفنا في تقييم تجربتها ومدى نجاحها في تحقيق اهدافها الا النظام الجمهوري الذي ارسته لم يعد موضوعا انقساميا ان شعبيا او عند النخب السياسية .

خواطر ثورية 3
اذن ما دام ان الجمهورية قد تجاوزت منذ زمن طويل مرحلة الخطر لما كل هذا الحماس المبالغ فيه الذي ظهر فجأة بزعم الخوف على الثورة والجمهورية من المؤامرات التي تتربص بها شرا ؟اليس مثيرا في مثيرا في مضمونه وتوقيته ؟ ما الدافع الحقيقي لهؤلاء؟

يحكى ان امرأة كانت تبالغ في اظهار التدين امام زوجها وذات يوم طلبت منه ان يقتلع الشجرة التي في حوش البيت لأنها تخشى من الطيور فوق الشجرة ان يشاهدوها عارية ,اثار طلبها استغرابه غير انه لبى لها رغبتها وبعد مرور ايام ضبطها وهي تخونه مع عشيقها وان حكاية الطيور لم تكن غير حيلة لصرف انتباهه عن خيانتها ,بعدها حدثت سرقة كبيرة في البلد وامر الحاكم الجنود الانتشار والتفتيش عن اللص وبينما هم كذلك شاهد الرجل شخصا تبدوا عليه سيما الصلاح يمشي على رؤوس قديميه وعندما سال عن سر صنيعه اخبروه انه ناسك وزاهد ويخشي ان يدوس بقدميه حشرات الارض فيقتلها فقال على الفور خذوني الى الحاكم لقد عثرت على اللص الذي تبحثون عنه وعندما وصل للحاكم قال اللص الذي تبحثون عنه هو ذلك الرجل الناسك ..كيف عرفت ؟اخبرهم بحكاية زوجته فامر الحاكم بإحضار العابد والتحقيق معه ويعترف لهم انه من سرق المال.
عادة السياسي الفاشل او المأزم يجد في الهروب للماضي حيلة تعويضية لتبرير بؤس حاضره وتحميله وزر فشله او لصرف الانتباه عن سوء امره والتغطية على امور يخشى انكشافها بافتعال معارك ضد اخطار وهمية ,و يلعن الماضي لان حاضره يساوي صفرا .

خواطر ثورية 4
في سياق التحول الذي طرا على الوعي الأيديولوجي العالمي ومنه العربي وظهور الدولة الحديثة التي ترتكز على العصبية الوطنية بدلا عن العصبية الدينية والقرائبية او الرابطة العصبية التي يعتبرها ابن خلدون أساس الملك وان العرب لا يحصل لهم الملك إلا بعصبية أو صبغة دينية من نبوة أو ولاية أو اثر عظيم من الدين “.
في هذا السياق وكأثر من آثار الحداثة الغربية التي أعادت ترتيب العلاقة بين الديني والسياسي والتطور الذي طرا على الفكر السياسي كانت نظرية الامامة السياسية كنظرية في الحكم مثلها مثل نظرية الخلافة تتعرض لهزة بنيوية عنيفة على مستوى الخطاب وتفقد مبرراتها الاجتماعية ,وتعجز عن تطوير نفسها لاستيعاب تحولات الفكر السياسي المعاصر الى ان سقطت في ثورة 26سبتمبر واعلانها عن قيام النظام الجمهوري كأحدث ما توصل اليه الفكر السياسي الانساني .
الى هنا لا توجد مشكلة فسياق الاحداث يمر يتسلسل طبيعي ,لكن لسوء الحظ فان فريقا من قيادة الثورة لأسباب ثأرية حولوا الموقف من النظام المتوكلي الى موقف من التاريخ والتراث واحتسبها على نظام ما قبل الثورة و في محاولة عدمية لا تخلوا من خفة بدا لهم ان من متممات ثورة سبتمبر اقتلاع عشرة قرون من تاريخ اليمن دون ان يدركوا ان ماضي الشعوب -كما يقول د/ عبدالعزيز المقالح- (انتبهوا جيدا) ليس بيتاً من قصيدة يمكن حذفه أو الاستغناء عنه وتبديله ولا هو صفحة قديمة من كتاب أصفر يمكن تمزيقها أو تمزيق الكتاب الذي يضمها.
القاضي عبد الرحمن الارياني ثاني رئيس بعد الثورة قبل موته دعي إلى ضرورة الانفتاح على التراث الزيدي بالدراسة والتحليل والنقد والنشر ,,وعلل القاضي الارياني دعوته بكون هذا التراث هو الأكثر تعبيرا عن أصالتنا وشخصيتنا الوطنية ..التراث الذي وصفه شاعر اليمن والعرب عبدالله البردوني بمعجزة العصور الوسطى عندما كانت اليمن في هذه الفترة كالكوفة والبصرة وبغداد في القرن الثامن والتاسع وحلب سيف الدولة وقاهرة المعز في القرن العاشر .
فاين اولئك العصبويون البؤساء من هذه القامات الشامخة و الرموز الثقافية والادبية والوطنية ؟!!

مقالات ذات صلة