إستقرار حكومة الرياض في عدن ونقل البنك إليها هل تغير إستراتيجية الحرب لدى الطرفين (اليمن والسعودية ) !؟
بقلم/محمد محمد المقالح
عودة حكومة الرياض إلى عدن يفترض أن تكون قد حصرت جبهة الحروب الداخلية بجبهتي عدن وصنعاء في الداخل مقابل توسيعها وتصعيدها في الحدود !
بمعنى آخر يفترض أن تكون حروبنا اليوم وبعد هذين التغيرين من أجل الإستقلال والوحدة والإستقرار محصورة بضرب العدو في عمق الأراضي المحتلة في جيزان ونجران وعسير وعدن ومأرب وجبهات سواحل البحر الأحمر وهكذا بالنسبة للعدو السعودي أو هكذا يفترض بالنسبة لليمن على الأقل….
وبإختصار شديد فمن يريد إسقاط ما يسمونه الإنقلاب وإعادة ما يسمونها بالشرعية عليهم أن يوقفوا كل جبهاتهم الأخرى ويوجهون جهدهم إلى صنعاء لإسقاط الإنقلاب هناك لأن الإنقلاب لن يسقط ولن تعود الشرعية المزعومة ما لم تستولي السعودية وأدواتها المزعومة على عاصمة الجمهورية اليمنية…
أما إذا ظلت جبهات صنعاء غير محسومة مع تصعيد الحروب الداخلية ببقية المناطق اليمنية فهذا يعني إنهم لا يريدون الشرعية المزعومة ولا إسقاط الإنقلاب المزعوم بل تمزيق اليمن وإدامة الحروب بين اليمنيين في كل مكان بإشراف وتمويل سعودي وعلى سبيل المثال ما علاقة عودة الشرعية بفتح حروب عبثية وداعشية وتدمير وقتل أبناء تعز في شارع جمال أو منطقة البعرارة ؟
الجواب لا تأثير لذلك حتى لو أخذ العدو بقية شوارع المدينة !
في المقابل فإن على سلطة ثورة ٢١سبتمبر إن أرادة إخراج الإحتلال ومشاريع التشطير والتمزيق الطائفي والمناطقي فما عليهم سوى تركيز الجهد الكبير للجيش واللجان في جبهات الأراضي المحتلة بيد السعودية في جيزان ونجران وعسير أولا وإلى جانبها جبهات مركز التآمر الداخلي والمتمثلة بتواجد سلطة الإحتلال في كل من عدن ومدينة مأرب تحديدا فضلا عن حروب حماية سواحلنا الغربية الإستراتيجية…
أما إذا ظلينا نستنزف جهودنا في عشرات الجبهات التي لا تحسم نصرا ولا توقف تآمرا وعلى حساب الجبهات الإستراتيجية المذكورة فإننا بوعي أو بدون وعي نحارب من أجل تحقيق مشروع العدو نفسه أي إستمرار الإحتلال والحروب بين اليمنيين وإدامة هذه الحروب بدون نتيجة سوى تكريس أمراء الحرب والإرهاب والتمزق كأمر واقع
بمعنى آخر علينا أن نجعل بعض الجبهات الميتة التي لا يمثل كسبها أو خساراتها مؤقتا أي نتيجة كبيرة ولا تأثير لذلك لا سياسيا ولا عسكريا على بقية الجبهات ومشروع حروب العدوان الخارجية عموما …. كل هذا يتطلب إقرار إستراتيجة عسكرية جديدة تتغير فيها الجبهات الساخنة وتلك المطلوب حسمها بأسرع وقت ممكن والجبهات الباردة التي لن يكون لتأجيلها أو تجميدها أي تأثير سياسي أو عسكري كبير على مجمل أهداف حرب الدفاع عن الوطن وسيكون لحسم الجبهات الكبرى تأثير تلقائي ومباشر على هذه الجبهات الهامشية والمفصلية..
وجهة نظري أن جبهات اليمنيين الكبرى هي جبهات الحدود مع العدو السعودي في الشمال أي في أراضينا المحتلة منذ سبعة عقود وإذا ما حسمت المعركة هناك بكسر العدو وهزيمته فيها تنتهي الحرب بكاملها وتؤدي تلقائيا لحسم بقية الحروب الداخلية مباشرة وبأقل الأوقات والكلفات..
وهكذا بالنسبة لضرورة التمييز بين الجبهات الإستراتيجية الداخلية والجبهات التكتيكية الأخرى ومن ثم التركيز وتكثيف الجهود في الأولى وتأجيل أو تجميد الجبهات الأخرى أو الإكتفاء بتحويلها إلى جبهات دفاعية بالإبقاء على وحدات مقاتلة لمنع تقدم العدو فيها مقابل تركيز الجهد على الجبهات الإستراتيجية وتحولها إلى معارك هجومية ومتواصلة وبهدف حسمها لصالح اليمن نهائيا وإلى الأبد..
والمهم هو أن لاتكون الجبهات الداخلية كلها على حساب أو قد تضعف جبهات الحدود !
بالمناسبة قد لايكون حسم المعركة في مدينة عدن تحديدا عبر الحروب والمواجهات المباشرة كما حدث من قبل والذي أستنزفت جهودنا وإمكاناتنا البشرية والعسكرية بدون أي افق وطني واضح وبدون إشراك أبناء المناطق نفسها في الجهد أو بإشراك أناس مستهلكون كانوا جزء من مشكلة الجنوب لا جزء من حلها ..
فقط يكفي اليوم السيطرة على المناطق والقواعد المحيطة والإستراتيجة والمتحكمة ثم ترك التفاعلات الداخلية تعمل عملها بالإتجاه الوطني لا العبثي وحماية هذه التفاعلات وتوجيهها وعبر شباب صادقين ومدربين ويعون معنى الوطن والدفاع عنه أمام الأجنبي كنواة لحركة تحرر وطني لا كمرتزقة وأدعياء وإنعزاليين أكل الدهر عليهم وشرب والمهم في كل ذلك هو أن لا يسمح للإحتلال وأدواته المحلية بالإستقرار وتكريس أمر واقع تشطيري وصراعي جديد لأنه في الأصل إذا ما أستقر هناك ونقل عاصمتة التمزيقية فهذا يعني التفرغ لإشعال بقية اليمن بعد إخراج العدو الأجنبي من العقاب دون أن يخرج اليمن وبقية اليمنيين من مؤامراته ومشاريعه الإجرامية والإرهابية والتمزيقية .
*والخلاصة بقاء جبهات نجران وجيزان وعسير وعدن ومأرب متوقفة أو متقطعة مقابل إشتعال وتواصل الحروب في الجبهات الداخلية الأخرى هو من أخطر السيناريوهات على وحدة وإستقرار وإستقلال اليمن وعلى إدامة الحروب بين اليمنيين وبإشراف وتمويل سعودي ودليل دامغ على إشتراك الجميع في مشروع أعداء اليمن الأجانب الإقليميون والإمريكيون والبريطانيون والإسرائيليون والإرهابيون وسواء كان ذلك بوعي أو بدون وعي ولكن النتيجة واحدة…