اللواء الشهيد أحمد جابر المطري.. عنوان الرجولة ونموذج البطولة..

أدرك منذ مبلغه سن الشباب بأن الجندية مصنع الرجولة فتعلق قلبه بها وزاد شغفه فيها وما إن أكمل تعليمه الثانوي حتى التحق بإحدى الكليات العسكرية وتخرج منها محققاً المرتبة الأولى ومنها انطلق متدرجاً في الرتب والمناصب العسكرية والتحق بالعديد من الدورات العسكرية داخل الوطن وخارجه وتصدر المراتب الأولى في جميعها ، ذلك هو اللواء أحمد جابر المطري الذي رأى “العسكرية” ميدانه والجهاد في سبيل الله دفاعاً عن الشعب والوطن هدفه وغايته ، لم تغره المناصب بقدر ماكان يسعى لتطوير ذاته علمياً ومعرفياً وثقافياً وعسكرياً ومهنياً ، تقلد العديد من المناصب القيادية غير أنه نأى بنفسه عن حالة الفساد التي كانت لصيقة بالمؤسسة العسكرية سابقاً وركز جهوده في الإعداد والبناء وتطوير وتحديث منظومة العمل العسكري بما يتواكب مع متغيرات ومستجدات الحياة وبما يحقق الهدف الأسمى من وجود هذه المؤسسة في الدفاع عن الوطن وصون وحدته وسيادته واستقلاله وحماية شعبه ومكتسباته ، مدركاً شرف الإنتماء العسكري ومحافظاً على القسم العسكري ففضل العمل الميداني على كل الأعمال وفيه تهيأت له الفرصة في بناء الأفراد بناءً عسكرياً من منطلق العقيدة الإسلامية والإنتماء الوطني ، فكان في ذلك مثالاً للقائد الملتزم بواجباته الدينية ممارسة وسلوكاً وثقافة وأخلاقاً وكان نموذجاً للمجاهد الوطني المخلص لوطنه المعتز بانتمائه ليمن الإيمان والحكمة ويمن التأريخ والحضارة ، واشتهر بين زملائه وأفراده بالأخلاق والتواضع والإحسان والتسامح فنشأت بينهم علاقة تجاوزت حدود الروتين العسكري الذي كان شائعاً حينذاك وفرض القائد المطري محبته واحترامه على الجميع وتوغل في قلوبهم دون استئذان للقيم التي اتصف بها…
ما إن بدأ العدوان السعودي الأمريكي على اليمن في ال 26 من مارس2015 حتى أدرك القائد المطري خطورة المخطط وأبعاده وأهدافه ، وكان من أولئك القادة القلائل الذين لم ينخدعوا بمبررات العدوان ولم ينجروا وراء مغرياته ، موقناً بأن هذا العدوان يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً وهو ليس وليد اللحظة بقدر ماهو مخطط بدأ منذ وقت مبكر يحمل أبعاداً وأهدافاً إستراتيجية تخدم الأطماع الصهيونية والأمريكية في اليمن ، لذلك اتخذ موقفه الديني والوطني الشجاع بالوقوف إلى جانب الشعب والوطن ومواجهة العدوان دفاعاً عن الدين والوطن والشعب المغدور من تحالف عالمي تدعمه أمريكا وتقوده السعودية وتشترك فيه إسرائيل ومشيخات الخليج ، فحمل سلاحه مستجيباً لداعي الجهاد بائعاً في سبيل الله روحه ودمه وكل غال ونفيس ، مطلقاً لفكره التزود بهدى الله وثقافة القرآن في درب المسيرة القرآنية على خطى زميله الشهيد أبوحرب الملصي فتعاظمت فيه الروح الجهادية وترسخت هويته الإيمانية وتعززت قناعته بقداسة المعركة إلى جانب إيمانه بشرف إنتمائه العسكري واستشعاره بالمسئولية الدينية والوطنية وقسمه العسكري ، فأصبح في جبهات العزة والشرف والرجولة أسداً هصوراً يصول ويجول تخطيطاً وتنفيذاً بروحية المجاهد المؤمن بربه والواثق بنصره وتأييده ، وبحنكة وخبرة القائد المتمرس الذي لايخطئ هدفه ولايتراجع عن غايته…
تنقل في مختلف الجبهات بحسب مقتضيات مسرح العمليات العسكرية فارضاً فيها معادلات قلبت موازين العدو وألحقت بقوى الغزو والإرتزاق خسائر بشرية ومادية لم يكن ليتخيلها حتى غدا إسم أبا الحسن المطري مرعباً يقض مضاجع ومواقع العدو ويدخل في نفوس جحافله الهزيمة والإنهيار قبل حصول المواجهة لمجرد علمهم باشتراك أبا الحسن في المعركة….
خاض ببسالة وبطولة وشجاعة المعارك في جبهات الحدود والساحل الغربي بطول امتدادها من ذوباب وحتى ميدي والجبهات الشرقية في الجوف ومأرب ، وأسهم بجهود مخلصة في الإعداد والتدريب والتأهيل للمئات من مجاهدي الجيش واللجان الشعبية ومدهم بالطاقة الروحية والمعنوية ونقل لهم خبراته العسكرية وتقمصوا شخصيته الإيمانية والجهادية والعسكرية وانطلقوا في الميادين صواريخ تقتلع مواقع العدو وتدك تحصيناته وحصونه..
ولأن اللواء أبا الحسن المطري يدرك بأن الإنتساب للمؤسسة العسكرية يعني التضحية والبذل والعطاء في سبيل الله فقد أدرك أن المعركة في مواجهة تحالف البغي والعدوان الذي جمع اليهود والنصارى وأنظمة النفاق وطوابير الخونة وجحافل المرتزقة لهي أقدس معركة وأشرف معركة تعادل في قدسيتها تلك المعارك والغزوات التي خاضها الرسول صلوات الله عليه وآله في بدر وأحد والخندق ، وترسخت هذه القناعة في قلب وروح اللواء أبا الحسن المطري بفعل بشاعة الجرائم والمجازر التي يرتكبها تحالف العدوان وأدواته والتي يروح ضحيتها العشرات من الأبرياء في كل مدن اليمن بشكل يومي مستمر على مدى سنوات العدوان المتزامنة مع حصار إقتصادي ظالم يستهدف الشعب اليمني في لقمة عيشه فارضة على هذا الشعب مظلومية لم يسبق للبشرية أن تعرضت لمثلها في التأريخ وهذا مايفرض على كل فرد بضرورة التحرك الواعي للدفاع المقدس عن الدين والأرض والعرض مهما بلغت التضحيات ، من هنا انطلق أبا الحسن واعياً بقداسة المعركة مستبصراً بأبعادها مستجيباً لداعي الله وواثقاً بنصره وتأييده لايروم إلا نيل إحدى الحسنيين ، ولأنه صدق في عهده ووعده لله تعالى فقد آن موعد نيل الوسام الإلهي وحان للمجاهد المؤمن التقي النقي أن يلقى الله شهيداً في سبيله ويلتحق بركب النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا….
وتحقق للبطل أمنيته بلقاء ربه شهيداً في ميدان المواجهة مع أعداء الله في جبهة الجوف وعلى طريقة استشهاد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وهو في المحراب يصلي ، فقد ارتقى أبا الحسن أحمد جابر المطري شهيداً بغارة جوية لطيران العدوان الحاقدة الغادرة وهو قائم يصلي مع زميله ورفيقه المؤمن المجاهد إمام المحراب وأسد الجبهات أبو البتول هلال الأقهومي ورفاقهما..
سلام الله عليك أباالحسن المطري
وسلام الله عليك أباالبتول الأقهومي
والسلام على كل الشهداء الأبرار
والعهد منا لكم بأنا على دربكم ماضون …
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

مقالات ذات صلة