أحـلام تُـزهـر في مجتمـع عنصري

تهامة نيوز/25سبتمبر
كوثـر العـزي
كُلٌ مـنا يسعـى جـاهداً لـتحقيق أحـلامـه مـنذُ الالتحـاق بـالمدرسة من الصف الأول حينها نكـون قد بدأنا برسم الخطط الطفولية لتلك الأحلام الجميلـة نـذهب للمدارس بكـل شغف لنكـمل جميع المـراحـل وننتقل بعدها لـمـرحـلة أكـبر ألا وهي مرحلة الجامعـة حين دخـول الجـامـعة يتضاعف ذلك الشغف ويزداد الإصرار والاستمـرار لذلك الحلـم الذي أوشك أن يـطرق الأبواب ، ويخبر صديقه الذي انتظره مـذُ زمـان أن اللقاء قـد حـان.

بعد تـلك المـرحـلة الـعظيمـة يجدر بنا القول أننا وصلنا لـعالـم أحلامنا الوردية أحلامنـا التي تسكـن في أعمـاق الفؤاد ، وتكون موضع الاهتـمـام في ذلك العقل، وماإن تتذكـر حُلـمك المنتظر ترتسم عـلى شفتيك ابتسامة عارمة ، وتشع عيناك بآمالاً متوجهة لاتعرف للظلام سبيل.

ولكـن!

مـاذا عـن أولئك الأطفال الذين شُردت أحـلامهـم وسُبيت طموحاتهم؟ مـاذا عن أصحاب البشرة السوداء أليسوا بشرًا؟ مـاذا إن طُرد أحدهم مـن المدرسة بحجـة إخافة الطلاب ونبذهم له؟ ماذنبه حينها إن فر هـارباً مـن مدرستـه؟ كيف لـه أن يتحمـل كـل يـوم سمـاع كـلام يوجـع ذلك القلب الصغير؟ فهم لـم يخـلقـوا للسخريـة منهـم أو العبث بمشاعرهم أو الاستهزاء بهـم، هـم خُـلقوا كمـا نحـن لديهم طمـوحـات وأحـلام كـمـا لدينـا وكم هو مؤسف حين نرى غالبية الأُسر تحذر أبنائها مـن التقرب منـهم والجـلوس معهـم ومزاملتهم .

لازلتُ أتذكر أنه في يـوم مـن الأيـام بينمـا كـنت أتجول في حديقة حدة صادفتُ ثلاثــةً مـن ازهـار الحديدة بيت الفقيه ماذا أحكي ومـاذا عساي أن أقول فـوالله إني بكيت مـن هـول مـارأيت رأيت الصغير يبكى بكـاء يقطع القلب ذهبت إليهم وطلبت منهم الـمجيء مـعي لنـجلس في مكـان كي اتحدث لديهـم قليلاً، ، سألت الأخ الأكبر لِمَ يكبي أخـوك الصغير؟ أجاب: نادوه ياعبد يا أسود لست بيض البشرة اذهب مـن هنـا استنكـرت مـاسمعت من طفـل لـم يتجـاوز عمـره الـ4 يبكي مـن هذا الكـلام، أدركت حينها أن لهم قلوب حساسة، وكم هو مؤلم تجريحها تكلمـتُ إلى الصغير وبدأت التـحدث مـعه أخبرته قائلة: – لايهـم ياصغيري بياض البشرة فبياض القلب هو المهم أنت عظيم كونك إنسان وهذا يكفي مسحتُ تـلك الدمـوع المـوجعة وفي خضم هذا المشهد لا أخفي عليكم علما بأن غالبية النـاس كانت تنظر إليَّ نظـرة استنكـار وتعجب!

لـم أُبالي البتة فهـؤلاء بنظري أحن إلى قلبي مـن بعض أصحاب البشرة البيضاء، بعدهـا تحدثتُ إلـى ذلك الصغير وقلـت لـه :-اسمـع ياعزيزي لاتبالي بـأحد فالله لم يخـلقك عبثًا، أنـت مـن أحفـاد بلال اول مـؤذن في الإسلام، ناصر رسول الله ، في حين أن أصحاب البشرة البيضاء في قاعة الرقص والغـناء شاربون الخـمور يترفون تبسم لي ذلك الصغير قال لي :- هـل بلال بن رباح جدي؟ أجبتُ :-نعـم ياعزيزي عليك أن تـرفع رأسك لعنـان السمـاء وتقول بكـل عـزة وكـرامة أنـا مـن أحفاد بلال.

سألتُ أخيه الكبير البالغ مـن العمـر12عن اسمـه أجاب: صـالح قِلت لـه:-أهـلاً ياصالــح قـال لي:- أنتِ اول مـن جـلستي معنـاَ قلت لـه ضـاحكـة:-صـالح لمَ الاستغراب ألـم نخـلق مـن طين ومـاء قال لي :-نـعم. قلت:-إذاً لـمـا الكبر والتعـالي وربمـا أنت لله أقرب مـني وأحب
بدأت بسؤال لـه ولـ أخـاه البالغ مـن العمــر 11
قلت لـه هـل تدرسان
قال لـي صـالح :-أخـي يدرس وأنـا لا قُلت:-لمَ ياصالح قال لي:-درست في دار الأيتـام لمدة شهـرين
استغربت لما دار الايتام وأبويه مـوجودين
قلت لم دار الايتـام؟ قال لي في يوم مـن الأيـام وجدت دراجة جميلة جـداً كـم وددت أن ألمسها فقط لـكن ذلك الفتى لـم يسمـح لي فـذهبت إلى أبي فرحـاً أقول لـه أُريد واحدة مـن تـلك ، فكسـر فرحـتي بـ ضربة لي ، فغدوت منصدماً مـن الحياة وقساوتهـا هـل نستحق كـل هذا أن نحـرم مـن ابسط الأشيـاء؟ ذهبت لذلك الفتـى، قلت لـه أريد دوراً فقط فرفض ذلك ، بعدها دخـل بيته وتـرك باب البيت مفتـوحـاً ففرحـت جـدا ً، ركبت عـلى مـتن تلك الـدراجة فخـرج عليَّ ذلك الفتى ، قال لي :-انزل ياسارق
اوجعتني تـلك الكلمـة والله لـم ارد أن أسرقهـا خـرج أبوه وشـاهد ابنه يهـزأني وكم فرحـت حين لقيت أبوه رأيت فيه أمـلي مـن ذلك العن والشتم الذي تلقيته مـن ابنه ،لكـن حـدث مـالم يكن في الحسبان، ذهب واشتكى إلى مـركـز الشرطة فحظرت وتـم سجني حينهـا كـان عـمري 10، هـل تصدقي لـن أنسى ، ذلك اليـوم وأنـا في السجن وحيداً تحيطني أربعة جدران ، بكيـت كـثيراً، بكيت مـن قسـوة الحيـاة هذه، بكيت مـن ضرب أبي لي، بكيت مـن الفتى ووالده بكيت مـن ذاك الظلام خفت كـثيراً، بكيت عـلى أحـلامي الـتي تنهـار أمـام ناظري.

قلت لـه: -صالـح مـاهو حُلمـك؟ قـال أريد أن أكون مـهندس لكي احصل على نقود تُلبي طلبات أمي قلت له: – أنـت ماذا عنك؟ قال أن أخـرج للعب مع هـؤلاء في الحديقـة ، أخـرج مـع اصدقائي بـدون حـرج

قلت صالح اكـمل ماالذي حصل لـك في ذاك

السجـن الموحش؟ قال لي: – ليس موحش وإنمـا الضابط والعسكر مـن كـانوا مـوحشين ، بكيت حـتى غفيت عـلى البلاط البارد لـكني حسست بحـنان يحتويني وكـأن البلاط أحـن إليَّ مــن البشر.

في الصبـاح أخـذوني لـدار الايتـام هنـاك تـم تدريسي، فأخـذني أبي فسألت الاخ الثـالث هـل تدرس قال نـعم ففرحت قُلت له: – جيد قال لي: – سأخــرج عمـا قرب قلت لمَ قال ماذنبي إن خـلقت أسود دايم مايقال لي أنت مكـانك الجـولة لم تتعب نفسك وتدرس؟

قـال لي صــالح: –
وهـو يشتت نظره عـني خشيت أن أنظر لتـلك الدمـوع المـحزنة :-هـل ساحقق حلـمي ، هـل سـأكـون جندي في سبيل الله ، هـل سأصبح مهندس أو طيار أو إعلامي أو صحفي؟ قلت له: – ستبلـغ ياصالح اي والله رغـم المجتمـع المعاق فـأنت تحمـل أحـلامـاً مـزهـرة
ستـكون عظيم في المسيرة كـ عظمة أبـو حرب وسيدي أحـمد العزي والمـداني والـمؤيد

قال لي إن تحقق حـلمي ، قلت ممازحه لـه :-سنذهب أنـا وأنت للجامـعه وندرس هـناك أنت كلية طيران وأنـا إعـلام
قال: – وإن رزقني الله الشهادة؟
قـلتُ:- هل ستنساني؟
أم أنـك ستطلب مـن الله أن يلحقني بكـ مـن الصالحين؟
فضحك وقال: – لن أنساكِ فأول مـا أذهب للمـلكــوت سـأدعـو الله أن نأخذكِ معنـا.

فضحـك وقال لي سأطلب مـن أبي العودة للمدرسة مـع إنني أعلم أنـه يرفض ذلك.
قـلت لـه: – تحدى ياصالح ستصل وهذا وعد مـني.

رفقاً بـ أحفاد بلال فهم يحملـون قلوب أرق من قلوبنا .

مقالات ذات صلة