بقلم – نجم الدين الرفاعي
مقالات | 19 أبريل | تهامة نيوز : أحاول الكتابةَ عن الشهيد الرئيس صالح الصمّـاد.. تستعصي البداياتُ وتفِــرُّ مني الحروفُ وأجد كلماتي تتوارى خجلاً كلما حاولت جمعَها للحديث عن هذا الرجل الذي نفذ إلى قلوب خصومه قبل أحبائه الشخص الذي اجتمعت كُـلُّ القلوب الحية على حبه.
كان تجسيداً حياً للمسيرة القرآنية التي تشرَّبها علماً وعملاً من نبعها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه المتصل علماً وعملاً بمدرسة آل بيت إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- الذي لا ينطقُ عن الهوى.
كان أبو الفضل واحداً من الرعيل الأول الذين اهتدوا فزادهم اللهُ هدىً ومكّنهم من تغيير ما حاولهم بأفعالهم قبل أقوالهم، فشكلوا النواةَ الأولى لولادة نور الهدى في زمن سادت فيه الثقافاتُ المغلوطةُ والعقائدُ الباطلةُ، وغدا القرآن مهجوراً في سلوك المدعين بالانتماء لإسلام محمد بن عبدالله، وكان مقدَّراً لهذا الرعيل أن يدفعوا أرواحَهم ثمناً لكسر أطواق التجهيل المتعمدة التي عملت بكل توجّـهاتها على تحويل الدين إلى تمتماتٍ لا علاقةَ لها بسلوك الإنسان لتقدم إسلاماً مشوهاً هزيلاً مفرَّغاً من العزة والكرامة ومكارم الأخلاق التي أرادها الله وأمر بها أنبياءَه.. دفعوا أرواحَهم لإخراج الناس من ظلماتٍ حوّلت المسلمين إلى قطعان من المستضعفين بين كُـلِّ الأمم وتقديم ذلك الإذعان على أنه الإسلام.
لم يأتِ الشهيدُ القائدُ بدينٍ جديدٍ -كما رُوِّج لذلك في مراحل الصراع المختلفة مع أصنام العصر الحديث- بل أعاد الأمورَ إلى نصابها بإعادة الاعتبار للقرآن الكريم الذي وصفه الله بأنه لا ريبَ فيه هدىً للمتقين وقدم القرآن بقراءة تختلف عن القوالب الجامدة التي حرصت جيوش من عمامات الضلال على تقييد العقول بها قبل تغييب هذا الهدي بأحاديثهم الموضوعة وخزعبلاتهم التي أصّلت للضلال والعبودية للحكام ومن يتحكم بالحكام كامتداد لانحراف المسلمين منذ سقيفة بني سعد وما اعقبها من انسلاخ عن نهج النبوة في العهد الأُموي وما تلاها إلى عصرنا الحديث، حيث بدأ الشهيد القائد أولى دروسه التي حولت المستضعفين إلى أئمة في الأرض ينكسر تحتَ أقدامهم المستكبرون وتُطوَى صفحات الظالمين وتساقط أصنام عُبدت لقرون.
صالح الصمّـاد ورفاقه كثيرٌ منهم قضى نحبَه وبقية منهم مَن ينتظر وما بدّلوا تبديلاً.. إنهم الخالدون بإرثهم وأعمالهم ومآثرهم المتجسدة في عشرات آلاف من طلابهم الحاملين لنهجهم وعلمهم السائرون على دربهم وسيرتهم الفاتحون بقوة الله والغالبون بتأييد الله.. الصادقون ما ثبتوا.
لم يكن الصمّـاد مُجَـرَّدَ رجل واحد، كما لم يكن رفاقُه مُجَـرّدَ رجال، بل كان أُمَّـة وكانوا أمماً يهدون إلى الخير ويقودون الأُمَّــةَ إلى حيث يكونُ فلاحُ الدنيا والآخرة، والعاقبة للمتقين.