مقالات | 19 ابريل | تهامة نيوز : أكد عضو المجلس السياسي الأعلى الأستاذ محمد صالح النعيمي أن أهداف العدوان من اغتيال الرئيس الشهيد الصماد فشلت لأن أصالة الشعب اليمني وتراكم تاريخه الحضاري ومنهج المسيرة القرآنية هو مرتكز التغيير والذي لا يعتمد على شخص واحد أو أشخاص.
وقال: القيم الحضارية والتاريخية للشعب اليمني تستنهض روح مقاومة أي عدوان خارجي يهدد السيادة الوطنية والأراضي اليمنية، والتاريخ مليء بالدروس والعظات التي تشهد على ذلك.
وتطرق النعيمي في حديثه لـ “الثورة” إلى كثير من السمات التي جعلت من الصماد قائدا استثنائيا ونموذجا ملهما لليمنيين لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي أرادها الشهيد الصماد وكل المخلصين الأحرار من أبناء الشعب اليمني:
خسارة فادحة
– خبر استشهاد الرئيس الصماد كان فاجعة تمثل البعد النفسي والمعنوي والوطني لمرحلة العدوان والحصار ونتائجه الكارثية على اليمن واليمنيين ووجوب الدفاع عنه أرضاً وإنساناً كمرحلة مفصلية ومصيرية في تاريخ اليمن الحديث، إضافة إلى موقعه السياسي في رئاسة الدولة وما تمثله رمزيته للدولة اليمنية وسيادتها وعزة وكرامة الشعب اليمني، كل هذه المثل والقيم ترتبط بحجم الفاجعة وثقلها علينا وعلى الشعب اليمني، حزن عليه خصومه قبل محبيه بما في ذلك من هم في صفوف العدوان.
كل زملائه في المجلس السياسي يدركون مدى خسارته بالرغم من الخسائر اليومية لعشرات الشهداء العظماء إلا أن استشهاد الرئيس الصماد مثل خسارة استثنائية وفاجعة استثنائية.
تم ابلاغنا بخبر استشهاده من قبل قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- في اجتماع دعينا إليه عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وقد أعاد السيد اختيار خلف للشهيد ممن يراه أعضاء المجلس مناسباً ومن أي مكون سياسي سواءً من انصار الله أو من المؤتمر أو غيره، وقال “أنتم أصحاب القرار والاختيار وسنكون موافقين على نتائج أي قرار تقرونه”.
وكان رد الشيخ صادق أمين أبو راس عظيماً وفي مستوى الحدث حيث قال: المرحلة والظرف يحتمان على الجميع أن نضع كل القضايا والأولويات السياسية والحزبية وغيرها وراء ظهورنا ونحن امام حدث جلل واليمن وشعبه يستحق منا أن نسمو إلى مستوى الموقف والحدث، وأنت قائد الثورة نحن نفوضك باتخاذ القرار الذي تراه مناسباً ونحن علينا التنفيذ، وشكر السيد عبدالملك الشيخ صادق أبو راس على كلمته الرائعة وقال “القرار لأعضاء المجلس السياسي والاختيار لهم”، وانسحب من الاجتماع ليترك فسحة لأعضاء المجلس ليواصلوا اجتماعهم واختيار خلف للرئيس الشهيد، وخلال عشر دقائق تم اختيار الأخ مهدي المشاط خلفاً للرئيس الشهيد بإجماع أعضاء المجلس السياسي الأعلى، وبعد ذلك ترأس الاجتماع لاتخاذ الإجراءات والترتيبات اللازمة لإعلان استشهاد الرئيس واتخاذ القرارات المناسبة للظرف والحدث وتعزيز الصمود والتصدي للعدوان وفي مقدمة ذلك الحديدة.
كان يعمل على مدار اليوم
– تميز الرئيس الشهيد بشمائل من الصفات والمواقف لا يستطيع المرء حصرها في إجابة هذا السؤال، ويمكن طرح البعض منها:
أولاً: أرقى ما يميز الإنسان مستوى القيم التي يحملها والرئيس الشهيد تميز بحفظه القرآن، وتميز بحفظه لمنهج المسيرة وملازم القائد حسين بدرالدين الحوثي، إضافة إلى صلته الوثيقة بقائد الثورة والتزامه بالمسارات والتوجيهات التي يحددها للتنفيذ وبهذه الركائز تكونت ثقافة الرئيس الشهيد قرآنياً ومنهج المسيرة وصلته الوثيقة بقائد الثورة، وكان خير نموذج يقدم منهج المسيرة، وانعكس ذلك على قيمه وإدارته وقيادته للمجلس السياسي الأعلى، وبهذه القيادة كان صادقاً ومنصفاً ويقول ما يعتقد أنه الحق والعدل في مواقفه ومناقشة من يختلف معه، وتميز أيضاً بالحذق السياسي الرفيع، كان همه الرئيسي هو بناء الدولة ومرجعية مؤسساتها.
كانت الرؤية لديه واضحة في أولويات مهامه كرئيس للمجلس السياسي وهي تتلخص في تعزيز الجبهات العسكرية بمتطلبات احتياجاتها وصمودها.
– بذل جهوداً كبيرة لتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان.
– تقديم كل ما يستطيع من خدمات للمواطن.
– بناء مرجعية مؤسسات الدولة وتفعيل العمل المؤسسي واستمرارية عملها.
– بناء الدولة اليمنية الحديثة وعلى ضوء ذلك أعلن شعاره المشهود “يد تحمي ويد تبني” وكلفنا برئاسة فريق لإعداد الرؤية الوطنية، كما قال لنا “نحن نريد دولة يمنية حديثة تليق بالشعب اليمني العظيم وتضحياته”.
كان مدركاً للبعد الاستراتيجي لمسار العدوان والحصار وكان يعمل ليل نهار لإعداد وتوفير متطلبات الصمود والثبات للشعب اليمني ومؤسساته العسكرية والأمنية واللجان الشعبية والمتطوعين من أبناء الشعب اليمني وفي المقدمة أبناء القبائل اليمنية الأبية .
أعرف أنه كان يعمل على مدار 24 ساعة، بل كان يواصل العمل بلا نوم أحياناً لثلاثة أيام متواصلة وكأنه يسابق الزمن في تحديد مواجهة العدوان وإفشال مخططاته، وما نزوله إلى الحديدة إلا في إطار ذلك السياق لمواجهة مخطط استهداف اجتياح الحديدة.
رسخ في قيادته للمجلس السياسي الأعلى إدارة المؤسسات لمواجهة العدوان وعمل على دمج الجيش والأمن مع اللجان الشعبية… إلخ.
وهنا يمكن أن أختتم تلك الصفات للشهيد الرئيس باقتباس ما وصفه الراحل محمد عبدالرحمن الرباعي أمين عام حزب اتحاد القوى الشعبية الذي وصف الصماد قائلاً: “هذا الرجل من نوع القيادات الاستثنائية في التاريخ التي تصنعها الشعوب” وهذا أرقى وصف لأرقى رجل، رحمة الله على الواصف والموصوف.
قيادة تمتلك الأيمان والصبر
– أهداف العدوان والحصار شملت الإنسان اليمني والبنية التحتية ومعالم التاريخ اليمني الحضاري.. أي كل ما يعارض الهيمنة للصهيونية الغربية الاستعمارية وحليفتها السعودية في اليمن يعتبر هدفاً له بالقتل أو الدمار، بل وصل الحال إلى الإبادة الجماعية بالحصار الشامل والغارات الجوية والبحرية.
سخَّر العدوان مراكز دراسات وتحليلات في كل التخصصات المدنية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والحضارية، أي في كل الخصائص التي يتميز بها اليمن، وهذه المراكز تقدم لدول العدوان أوراق سياسات متخصصة توضح متطلبات القرار الذي يحقق أهدافهم وجزئياتها وما يلبي غرائزهم العدوانية.
اليمن في هذه المرحلة تميزت بقيادة تمتلك الإيمان والصدق والوفاء لشعبها وتضحياته وتمتلك شجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة، لا يرهبها طغيان عدوان أو أي تبعات أخرى، ما عدا تقوى الله ومن هذه التقوى توجب على نفسها الالتزام بالدفاع عن مصالح الشعب وسيادته واستقلال قرار الدولة اليمنية ولا تقبل المساومة على هذه الثوابت مقابل أي مكاسب سياسية تقدم لها مهما كانت مغرياتها، ولا يرهبها حجم أي عدوان لكي تتراجع عن قرار ينتقص من الحق اليمني.
مثَّل الرئيس الشهيد بقيادته للمجلس السياسي إضافة نوعية تساعد وتساند قائد الثورة، وبهذا التميز للشهيد جعلوا اغتياله هدفاً ذا أولوية، إضافة إلى أن نشاطه اليومي والميداني سهَّل مهمة رصده وتنفيذ جريمتهم النكراء.
وبخصوص الهدف من الاغتيال للقادة حينما تكون محدودية هذا النموذج في شخص أو أشخاص ومحدودية فهم المنهج في شخص هذه القيادة الافتراضية، يمكن القول إنه حقق هدفه، لكن في وضع اليمن وشعبه والمسيرة القرآنية يختلف الأمر كلياً، لأن أصالة الشعب اليمني وتراكم تاريخه الحضاري ومنهج المسيرة هو مرتكز التغيير، ولهذا لم يتأثر باستشهاد قائد أو قادة والمسيرة القرآنية خير مثال باستشهاد مؤسسها القائد حسين بدرالدين الحوثي، استمر مسارها بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، والآن صار يواجه عدواناً عالمياً ونحن في السنة السادسة.
نعم مع أهمية القيادات وقدراتها ولكن لن يؤثر استشهاد أي قيادي في أي مستوى من المستويات، بالعكس، لأن الإرث الحضاري والقيم الحضارية والتاريخية والأصالة العربية للشعب اليمني تستنهض روح مقاومة أي عدوان خارجي يهدد السيادة الوطنية والأراضي اليمنية، والإنسان والتاريخ اليمني صفحات مقاومته لأي عدوان مشرقة ودروسها وعظاتها بارزة باستثناء من لا يعرف دروس وعظات التاريخ أو يفتقده هذه القيم يحركها روح الجهاد والاستشهاد مما يجعل دماء شهدائنا تتحول إلى طوفان لا حدود له يصنع التاريخ والصمود ويجعل النصر هو قدر الشعب اليمني العظيم، لأنه كلما قدم الشعب اليمني تضحيات وشهداء زاد إيماناً وإصراراً على النصر ثم النصر ثم النصر ومن الله التمكين والثبات.
إنجاز تاريخي
– رسالتي لليمنيين:أولاً: نقول للشعب اليمني إن ثباتكم وصمودكم وعطاء جهادكم وكرم تضحياتكم ومقارعتكم لعدوان عالمي لا يصلح كمعيار للمقارنة للإمكانية المعدومة وما يمتلكه هو شبه السلاح الشخصي لمقاتل الجيش واللجان الشعبية وبين الإمكانيات والقدرات العسكرية التي تمتلكها دول العدوان باعتبارها أحدث أسلحة تدميرية وفتاكة أنتجها العقل البشري وأكبر وأحدث المصانع والشركات العالمية، وأيضا تغلبتم على هيمنة النفوذ السياسي والمال الأمريكي الصهيوني والخليجي على قرار الدول وإنسانيتها، وانتصرتم أيها اليمنيون على الصمت الدولي والانتهاك السافر للمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية والإنسانية وقيم الديانات السماوية…
إن صمودكم وإبداعاتكم التصنيعية والانتصارات الميدانية فرضت قلب المعادلة والاستراتيجية العسكرية إلى انتصار لأبناء الشعب اليمني العظيم على تحالف العدوان وأهدافه واستراتيجيته وجرائمه، مما جعل الله لكم تمكينه في الأرض وشرف الرقي إلى مستوى التوصيف القرآني لكم كاستحقاق رباني وتاريخي بأنكم جسدتم الآيات القرآنية (“نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ ” وقوله تعالى ” كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ “) لقد انتصرتم وحققتم هذا الإنجاز التاريخي والرباني أمام جيوش دول العدوان ومرتزقتهما المحليين والدوليين إضافة إلى أسلحتهما وتكنولوجياتهما المتطورة.
ثانياً: أقول لليمنيين نحتاج إلى تقديم النموذج الرائع ولهذا على المرء منا أن يتوقف عند أهمية جهاد النفس وتعزيز القدوة الحسنة والنموذج المطلوب في إدارة الدولة وتطبيق قيم الرؤية الوطنية وخططها وآليتها التنفيذية وأن نستحضر في آمالنا وأعمالنا قانون السنن حتى يتوازى أداء الجانب الإداري للدولة مع إنجازات وانتصارات المسار العسكري.. لأننا بحاجة إلى التواصي بالصبر واتباع منهجية السنن وأن كان هذا التوجه والمنهج يحتاج إلى وقت ولا يقاس بأحداث ما أو نجاح ما، إلا أن المسار هو عملية تراكمية في مسار طويل من النجاحات حتى نقدم النسخة الأولى من النموذج، وهذا النموذج هو مسار تاريخي، ونعمل وفق إمكانياتنا وقدراتنا وسنحقق إقامة الدولة اليمنية الحديثة التي أرادها الرئيس الشهيد صالح الصماد التي يعمل على تحقيقها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي والأخ رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط وكل المخلصين من أبناء الشعب اليمني، وأخص بالذكر هنا الأخ الشيخ الصادق والمخلص لوطنه وشعبه صادق أبوراس وكل رفاق قيادة اليمن لمواجهة العدوان وفي المقدمة قيادة ومنتسبو الجيش والأمن واللجان الشعبية والمتطوعون من أبناء الشعب اليمني العظيم.
وحتماً عدالة الله ستمكننا من الانتصار وإذلال العدوان وتحالفه وإمكانياته وقدراته وهيمنته على القرار الدولي ومواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان التي صارت عند الشعب اليمني تعني حقوق الحياة، لأن مظلوميتنا قد تعدت الحقوق الإنسانية.
ورسالتنا لدول العدوان وحلفائها: مصير عدوانكم وحصاركم وجرمكم التاريخي واللاإنساني هو الهزيمة والذل والعار التاريخي وسيحاكمكم التاريخ ويدينكم ويقتلع عروشكم ويذل كبرياءكم وغرور عدوانكم وجبروت إجرامكم وسيكون مصيركم مصير نظام فرعون.. وسيجعل الله الشعب اليمني ومن مظلوميته أسياداً على كل من أسهم أو شارك في العدوان على اليمن واليمنيين.