قمم مكة و”مظلومية” السعودية
السعودية دولة مظلومة ويتم الاعتداء عليها من قبل “الحوثيين وإيران” وتتعرض للقصف والتخريب على مدار الساعة، هذا ما تحاول السعودية إيصاله للعالم من خلال “قمم مكة” وإمبراطوريتها الاعلامية ونهجها السياسي هذه الأيام.
السعودية دولة مظلومة ويتم الاعتداء عليها من قبل “الحوثيين وإيران” وتتعرض للقصف والتخريب على مدار الساعة، هذا ما تحاول السعودية إيصاله للعالم من خلال “قمم مكة” وإمبراطوريتها الاعلامية ونهجها السياسي هذه الأيام.
ففي مشهد درامي ومسرحي يقف ناطق التحالف السعودي -الاماراتي تركي المالكي في مدرج مطار جدة ليستعرض ويشرح لضيوف محمد بن سلمان من القادة العرب والمسلمين ما يسميه “الخطر الحوثي” على مكة وما تتعرض له السعودية من “عدوان” حوثي -إيراني وذلك باستعراض ما يقول إنها بقايا صواريخ باليستية يمنية وطائرات مسيرة وأسلحة خفيفة،
المشهد المسرحي هذا ليس الأول حيث كانت السعودية قد ذهبت بعرضها هذا إلى واشنطن ونيويورك العام الماضي وتولت وقتها ممثلة أمريكا السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي مهمة شرح المشهد المسرحي وإخراجه لقادة الامم وممثلي الدول في مجلس الأمن والأمم المتحدة في تلك الفترة.
وقد أنفقت السعودية مئات ملايين الدولارات للترويج لهذه المسرحية التي يفترض أنها تشرح مظلوميتها التي تسببها الاعتداءات الحوثية الإيرانية، وتأمل الرياض أن تؤدي قمم مكة الى تحسين صورتها الاخلاقية التي فقدتها بشكل تام بين الشعوب العربية والغسلامية خاصة بسبب حربها اللا إنسانية واللاأخلاقية في اليمن من خلال استخدامها القوة المفرطة ضد المدنيين ومجازرها التي لم تعد تُعد ولا تحصى منذ انطلاق حربها على اليمن، وتحاول الرياض توظيف العامل الديني في الحرب باعتبارها تمثل الإسلام والعروبة وتصور أن الحوثيين يشنون حرباً ضد المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة وأنهم يستهدفونها بالصواريخ كما أن الهجمات التي تتم على المراكز الاقتصادية للملكة تستهدف العرب والمسملين أيضا باعتبارها كما تروج الممثلة الرسمية لهم..
تزييف الوعي وصناعة الاكاذيب والشائعات الذي تسعى السعودية إلى تعميمه على الجميع يرتكز على مظلومية الرياض والترويج بأنها تتعرض لاعتداءات وأنها تدافع عن نفسها في هذه الحرب التي بدأتها هي على اليمن ولا زالت تصر على استمرارها والترويج لها حتى لو قتلت ثلثي الشعب اليمني..
والملاحظ في هذه المسرحية الهزلية التي يتبناها النظام السعودي في الآونة الأخيرة ويقف المالكي اليوم بانتظام في مطار مكة ليشرحها للقادة كلا على حدة ويوهم العالم أن طائرات بلاده التي تقوم عشرات المرات بشكل يومي بقصف اليمنيين وارتكاب المجازر بحقهم بأنها تلقي عليهم الورود من السماء، كما أن المالكي والنظام السعودي يتناسون تماما أنهم الذين بدأوا الحرب..
كما يتناسون أن بإمكانهم هم وحدهم إنهاء هذه المعاناة من خلال إيقاف الحرب وإيجاد حلول منطقية للصراع في اليمن وكذلك عدوانهم غير المبرر في اليمن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
وحتى لو سلم العرب والمسلمين جدلا للدعاية السعودية هذه بأن بلادهم تتعرض لضربات قاصمة من قبل الجيش واللجان الشعبية في اليمن وهذا مؤكد طبعا فإنه يجب أن يعرف السعوديين أن هذه نتائج الحروب التي يصرون عليها وأن الحرب لن تجلب غلا الخراب والدمار وإن كرة النار التي يدحرجها آل سعود ستصل كما وصلت إلى بيوتهم ولن يستطيعوا الفرار منها مهما كانت اموالهم والدعم الخارجي الذي يتلقونه كما أنه يصدق عليهم المثل اليمني الذي يقول “ضربني وبكى وسبقني واشتكى” ثم إن حجم الدمار الذي لحق ببلادهم ويحاولون الترويج له بعد أربعة أعوام من تنطعهم وإصرارهم على الحرب ما هو إلا قطرة من بحر الخراب والدمار الذي لحق باليمن واليمنيين خلال هذه الفترة. واذا كان عدد محدود من مراكزهم الاقتصادية او العسكرية تعرضت للقصف من قبل اليمنيين فإنهم دمروا اليمن عن بكرة أبيه وأعادوه أكثر من ثلاثين عام للوراء حسب إحصائيات وبيانات الامم المتحدة. وإذا كان عدد قتلاهم من المدنيين لا يتجاوز عدد أصابع اليد حسب إعلامهم فإن عدد ضحايا وقتلى اليمن حسب إحصائيات الأمم المتحدة تجاوز الثلاثمئة ألف ما بين شهيد ومتضرر بسبب العدوان والحصار الذين يفرضونه منذ أكثر من أربعة أعوام لذا فإن استدعاء المظلومية امر غير واقعي وغير مبرر نظرا لما لحق باليمن وأهلها من خراب ودمار وفيه شيء من الغرابة وعدم الواقعية ولن يصدقهم احد في ذلك مهما كذبوا وروجوا ودلسوا على الشعوب العربية والاسلامية وإذا كان آل سعود يصرون على ذلك فإننا ندعوهم أيضا إلى تنظيم رحلة للقادة العرب للسفر الى صنعاء لمشاهدة ما لحق باليمن واليمنيين من دمار شامل ومعاناة انسانية هي الاكبر في العالم جراء حربهم غير المشروعة او السماح بتشكيل لجنة اممية للاطلاع على الدمار في اليمن وكذلك في السعودية جراء هذه الحرب العبثية، لذا فإنه من حق اليمنيين أن يردوا على هذا العدوان والخراب بما يستطيعون.
كما أن استعطاف الشعوب العربية والاسلامية من خلال الترويج لاستهداف مكة المكرمة من اليمنيين امر غير مصدق وغير منطقي نظرا لعروبة واسلام اليمنيين الذي يشهد له القاصي والداني كما ان الترويج للخطر الايراني والدعم الايراني للجيش اليمني في ظل التدخل السعودي في اليمن وقصفها للمدنيين بالصواريخ والقنابل وارتكاب المجازر بحقهم أيضا أمر غير مصدق به من قبل اليمنيين انفسهم قبل العرب كما انها سياسة خاطئة تنتهجها الرياض للتغطية على جرائمها في اليمن ولن تفيدها بشيء بل ستزيد من التدخلات الأمريكية في شؤونها ومصادرة قرارها السياسي وتزيد من استنزافها المالي والأخلاقي فمن غير المبرر قطعا ان تقتل اليمنيين بهذه الطريقة باسم محاربتها لإيران او صراعها مع إيران وكان المفروض أن تحاول ايقاف الحرب والتصعيد في المنطقة من خلال اتخاذ سياسة عقلانية تحقق فيها مصالح الجميع وتعيد السلام للمنطقة وتجنبها المزيد من الصراعات والحروب التي يستفيد منها الأمريكيون والغرب أكثر من النظام السعودي نفسه والذي أصبح يكتوي بهذه النار ويصرخ منها.
ويجب هنا أن نشدد على أن المسرحية السعودية والحديث عن مظلومية واعتداءات عليها لن تغطي الحقيقة الساطعة بغربال ولن تبيض وجه السعودية الإرهابي الذي أصبح يعرفه القاصي والداني وأصبحت السعودية الاكثر كرهاً وبشاعة لدى جميع اليمنيين والشعوب العربية والإسلامية. إن استمرار حربها وجرائمها في اليمن سيزيد لهب كرة النار التي تلعب بها وسوف تجلب لها المزيد من الدمار مهما تعددت القمم او تكاثرت المسرحيات الهزلية التي تروج لها اليوم. فهل تستجيب الرياض لصوت العقل والمنطق وتتوقف عن قتل اليمنيين بدم بارد؟ وتعود إلى جادة السلام؟ سؤال يجب أن يطرحه كل عربي ومسلم قبل الاستماع لأخبار وتقارير ونتائج هذه القمم والمسرحيات ومن المعيب مساواة الجلاد بالضحية.